على تلة شاهقة في بلدة ​أرنون​ تقابل ​قلعة الشقيف​، يبرز ​مقام الامام زين العابدين​(1) الذي تعلوه قبة علوية وتحيط به عدة اشجار خضراء زرعتها لجنة الوقف الديني في البلدة برئاسة الشيخ محمود قاطباي، والمقام يقع وسط جبانة البلدة وتحوطه اضرحة الاموات والشهداء.

مضى على هذا المقام اكثر من قرن من الزمن، وهو استمر رغم تعرضه خلال الاحتلال ال​اسرائيل​ي للبلدة للقصف والقنص والتخريب من قبل الجنود الاسرائيليين الذين كانوا يقيمون الكمائن بقربه، وعلى بركة ارنون لخطف المارة في السيارات اثناء توجههم الى يحمر او الى داخل ارنون التي كانت محاصرة من قبلهم.

تهتم لجنة الوقف الديني في البلدة بالمقام من حيث التأهيل الدوري والطلاء، ويعتبر المقام المدفون فيه الامام زين العابدين محطة تبريك من قبل ابناء الجنوب الذين يزورونه لقراءة القرآن والادعية، واقامة مجالس العزاء ودفع النذورات لشفاء المرضى، ويروى ان رجال ​حركة أمل​ و​حزب الله​ كانوا يقيمون الصلوات فيه، قبل الانطلاق في اي عملية ضد اسرائيل و​جيش لحد​ على طريق قلعة الشقيف او داخل ارنون او حتى على طريق الزفاتة، لشدة ايمانهم بهذا الامام المعصوم الذي كان يبكي عندما يرى خروفًا تسقى متأثرا باستشهاد والده ​الامام الحسين​ عطشانا.

ويروي عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل وابن ​بلدة ارنون​ المؤرخ الدكتور ​خليل حمدان​ لـ"النشرة" ان القرية تنتشر فيها معالم أساسية تاريخية، فلا يمكن ان تذكر من دون تلك المعالم، ومنها قلعة الشقيف وما تحوي من اثار قديمة يعتقد بأنها فينيقية ورممها الصليبيون، مؤكدا ان هناك معلم أساسي يطلق عليه العامة من الناس انه مقام الامام زين العابدين وفيه تقدم النذورات اليه ويضاء قبيل المساء وتقام فيه مجالس عزاء، وهو يقع ضمن مقبرة أقيمت، لان زين العابدين دفن هناك وهو محطة للزوار من ​سوريا​ و​العراق​ وارنون والقرى والبلدات المجاورة، وزين العابدين في الحقيقة اسمه الكامل السيد زين العابدين بن حسين بن اسماعيل بن نور الدين وقبره في ارنون.

وقال الدكتور حمدان، ان المتتبع لتاريخ جبل عامل البعيد والقريب يجد ان هذا التاريخ يتسم بمصطلحين أساسيين: العلماء والشهداء، والشهداء العلماء، وبالتالي لا يوجد رابية في موقع الا وفيها اسم صالح من الصالحين، او فيها اسم شهيد من الابرار غني عن التعريف من بلدة جباع التي تضم الكثير من مشاهير العلماء الى صور ف​النبطية​ وسواها، وهذا المعلم الاساسي هو واحد من الصالحين الابرار الذين جاهدوا وقضوا في تلك المنطقة . واضاف: "هذا التاريخ مليء بالشواهد التي تؤكد على صمود الناس وعلى العذابات التي تحملها هؤلاء الابرار.

وشرح رئيس بلدية ارنون فواز قاطبي لـ"النشرة" كيف ان البلدية بالتعاون مع لجنة الوقف وحركة أمل تقوم بتأهيل المقام من الخارج والداخل ليبقى محافظا على قيمته الدينية اولا والاثرية السياحية ثانيا، مشيرا الى انه في الروايات القديمة ان امرأة ناجت ربها والامام زين العابدين لشفاء ابنها المريض، وعندما تحقق ذلك لها ذهبت الى المقام ودفعت النذر وصلّت ركعتي شكر لله بداخله، وهكذا أصبحت عادة الصلاة فيه تتناقلها الأجيال.

(1) الامام زين العابدين: "هو من اسرة هاشمية تنتسب الى نور الدين بن حسن بن احمد بن عبدالله بن منصور بن احمد بن حرب بن ابي الفوارس بن محمد الصائغ بن احمد بن حمزة بن سعدالله بن حمزة القصير بن علي بن علي بن ابي السعادات محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن ظاهر بن الحسين القطعي بن موسى ابي سجد بن ابراهيم المرتضى ابن الامام موسى الكاظم المنتهي نسبه الى الامام علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي العدناني".