لفت رئيس أساقفة بيروت المطران ​بولس مطر​ خلال العظة التي ألقاها خلا القداس الذي ترأسه في مناسبة عيد انتقال ​السيدة العذراء​ إلى السماء بالنفس والجسد في كنيسة السيدة في عين سعادة إلى أنه "يسعدنا أن نستقبلكم في هذا اليوم بالذات، عيد انتقال السيدة، وفي كنيسة كرسينا الأسقفي، المقامة على اسم العذراء مريم. وبهذا نكون أوفياء لتقليد يعود إلى 165 سنة، حيث يقيم رئيس أساقفة بيروت قداس عيد الانتقال هذا، على نية ​فرنسا​، في حضور قناصلها ثم سفرائها المعتمدين، وهي البلاد التي كانت وتظل قريبة منا وعزيزة على الدوام".

وأشار إلى أنه "هذه السنة، وحيال جفاف القلوب من الحب والأخوة في هذا الشرق المعذب، أود أن أتحدث، مرة جديدة، عن سنة الرحمة التي أراد ​البابا​ فرنسيس تمديدها حتى 2017، ولنتذكر في هذا الصدد عبارة تاريخية للبابا القديس يوحنا الثالث والعشرين عند افتتاحه المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1962 حين قال: "لقد عرفت الكنيسة، على مدى عشرين قرنا، كيف تواجه الهرطقات، بحزم وبقوة أحيانا، ولكنها اليوم تؤثر استعمال الرحمة"، لافتا إلى أنه "كان خيار ​البابا فرنسيس​ معبرا جدا حين أقر يوبيلا استثنائيا بموضوع الرحمة، محتفلا بذلك بالذكرى الخمسين لتجديد ​الكنيسة الكاثوليكية​. وكان هدف هذا التجديد تمكين الكنيسة من التحدث إلى أهل هذا العصر، ونقل البشارة عبر تعابير جديدة تسمح بفهم جديد عقائد الكنيسة، ثمة ثورة صامتة بدأت في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وطالت القيم والفكر والفلسفة والتصرفات. وهذا ما شكل للكنيسة تحديا جديدا. هكذا وفي خط البابا يوحنا الثالث والعشرين اعتبر البابا فرنسيس أن القلب الرحوم هو القلب الذي يعرف كيف يكون متواضعا وفقيرا، ويعرف كيف يظهر حبه للآخرين. لقد وضعت الرحمة غالبا في مواجهة العدالة. لكن العدالة الحقيقية هي عدالة في المحبة، والحقيقة. أما الرحمة فهي في تخطي العدالة بعطية المحبة".

وأضاف أن "الرحمة مطلوبة أكثر من أي وقت عندما نلاحظ العنف الذي تقود إليه تفسيرات مغلوطة للايمان أو للعقيدة الدينية. وكلنا يعرف ما كان عليه عنف الأنظمة الماركسية الملحدة. ونذكر ما كان عليه العنف الذي عرفته أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وكذلك العنف الذي ولد من التمييز العنصري في ​أفريقيا​ الجنوبية. ومن منا يجهل حالات العنف التي تستبد بمن يحكمون في دول غابت عنها الحريات الشخصية وحرية الضمير، أما الرحمة فهي تدعو قلوبنا خلافا لكل ذلك كي تكون قريبة من قلوب الآخرين".

وأكد المطران مطر "أننا نصلي كي يبقى بلدكم الذي يعزه اللبنانيون كوطنهم بلد كل أحلام السعادة للانسانية، كما نصلي أيضا من أجل لبنان كي يثبت ويصان التضامن بين أهله، فيحمل عاليا رسالة العيش المشترك والمواطنة والمشاركة، وكي تقبل هذه الرسالة في كل منطقتنا فتتوقف الحرب، وتصمت الأسلحة ويعم السلام بين كل أبناء الله وكل الطوائف ولتملأ أم السماء وأم الرحمة قلوبنا بالمحبة والأخوة. آمين".