إنّ جوهر الحدث في المعركة التي خاضها الجيش ال​لبنان​ي في ​جرود القاع​ و​رأس بعلبك​، يتلخّص بأنّ هناك إمكانية في دحر ​الإرهاب​، مهما كانت تحصيناته ومهما كانت الأمكنة التي يقاتل فيها.

بالطبع هناك تنسيق ما بين الجيشين اللبناني والسوري ومعهما قوى المقاومة في ​حزب الله​ و​الحزب السوري القومي الاجتماعي​، ونفي التنسيق لا يغيّر شيئاً في طبيعة الجغرافيا المتداخلة بين الحدود اللبنانية والسورية.

منذ خمسينيات القرن الماضي هنالك اتفاقيات ومعاهدات بين الجمهوريتين العربية السورية واللبنانية، آخرها كانت معاهدة التعاون والأخوة والتنسيق والتي تمّ توقيعها بُعيْد التوصل إلى ​اتفاق الطائف​ عام 1989، والزيارات الأخيرة لبعض الوزراء اللبنانيين لم تكن فقط للمشاركة في افتتاح ​معرض دمشق الدولي​، بل هي زيارات رسمية، فالوزراء هم وزراء في ​الحكومة اللبنانية​، ممّا يعني بأنّه لا بدّ من وضع حدّ لكلّ هذه المكابرة من قِبل جزء من اللبنانيين الذين يناصبون سورية العداء.

إنّ معاداة سورية ليست في مصلحة لبنان، خاصة أنّ الأمور تتغيّر كثيراً في الفترة الراهنة، فالجمهورية العربية السورية تخطو نحو استكمال النصر على الإرهاب، وقد أشار الى ذلك الرئيس ​بشار الأسد​ في خطابه قبل أيّام، حيث أكد أنّ سورية قد انتصرت ولا مكان فيها للذين تآمروا عليها، والمشاركة في إعادة إعمار سورية لن تتمّ إلا بقرار من سورية وبالتعاون مع حلفائها في ​روسيا​ و​إيران​ وكلّ الدول الصديقة لسورية.

إنّ سورية هي بوابة، ولا شكّ في أنّ فتح الطريق إلى ​الأردن​ و​العراق​، سوف يضع المنطقة كلّها في وضعية جديدة، وهذه الوضعية ستنعكس نتائجها الإيجابية على لبنان حكماً. ومن هنا فمن المفترض باللبنانيين أن يعترفوا ويفتخروا بانتصار جيشهم الذي ألحق الهزيمة بالإرهاب. ومن المفترض بهم أن يعترفوا بأنّ الانتصار على الإرهاب لم يكن إلا بالتنسيق بين الجيشين السوري واللبناني، لذلك لا بدّ من إحياء ​اللجان المشتركة​ بين الجيشين، ف​الجيش العراقي​ و​الجيش السوري​ و​الجيش اللبناني​، كلّهم يحققون الانتصار تلو الانتصار على عدو واحد

من ​الموصل​ الى جرود القاع مروراً بحمص وإدلب و​دير الزور​، ما يشكّل عنوان الهزيمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.

الجيش اللبناني بقوّته وقدرته، قادر على قهر الإرهاب، هذا الإرهاب الذي يأتي من العالم وسوف يأتي يوم وهو قريب، سيرتدّ على العالم بأسره من أميركا إلى أوروبا التي باتت غارقة في مستنقع عمليات الدهس والطعن. فهذا العالم مهدّد بالإرهاب الذي دعمه الغرب وحلفاؤه.

مما لا شك فيه أنّ نتائج النجاح الكبير الذي حصل في المعركة الأخيرة في جرود القاع ورأس بعلبك سوف تكون كبيرة على الساحة اللبنانية، أولاً سوف يعترف اللبنانيّون بأنّهم كانوا قادرين على هزيمة الإرهاب، وهم قادرون على مقاومة مصدر الإرهاب المصنّع أميركياً و«إسرائيلياً»، فكلّ شيء سوف يتغيّر في المستقبل القريب لمصلحة اللبنانيين الذين هم في هذه الحال معنيّون بأن يصنعوا مستقبلهم المزدهر الذي فيه جيش قادر على أن يقهر أعداءه بقوّته، وقد كنّا في الحزب السوري القومي الاجتماعي من أول المبادرين في الدعوة والعمل لمقاومة الإرهاب.

أمّا وقد نجح جيشنا في لبنان بالتنسيق مع الجيش السوري والمقاومة في هزيمة الإرهاب، فإنّ هزيمة أخرى متوقّعة، وهي هزيمة بعض القوى المتعاونة مع الإرهاب بشكل أو بآخر.

كلّ شيء سوف يتغيّر في المرحلة المقبلة عند الذين يُنكِرون جوهر العلاقات بين لبنان وسورية. هؤلاء الآن هم في حالة من الانتظار، وإنّنا ننصح هؤلاء بأن يعودوا إلى الواقع والحقيقة وتغليب مصلحة لبنان.

الجيش برهن في معركته الأخيرة أنّه قادر على حماية الحياة السياسية، لذا فإنّ الديمقراطية الفعلية معزّزة بجيش قويّ سوف تفسح في المجال أمام اقتصاد متين، لا يستقيم وضعه إلا باستقامة الخطوط التي تحفظ هذا ​الاقتصاد​ وتعزّز مكانته في البلاد.