وزارة الإتصالات​ في لبنان، ومنذ دخول نعمة أو نقمة الهاتف الخليوي إليها، حتى أصبحت من الوزارات التي نادرًا ما يدخل اليها وزيرٌ ما إلاّ ويكون تحت طائلة الإحتراق سياسيًا، فما أسهل من إطلاق التهم عليه وما أسهل من تركيب الملفات في لبنان.

من الفضل شلق إلى ​رفيق الحريري​ شخصيًا إلى ​عصام نعمان​ إلى ​آلان طابوريان​ الى ​مروان حمادة​ الى ​جان لوي قرداحي​ الى جبران باسيل الى ​شربل نحاس​ الى ​نقولا الصحناوي​ الى ​بطرس حرب​ الى ​جمال الجراح​.

عشرة وزراء اتصالات تعاقبوا على هذه الحقيبة المفخخة بالأقاويل والاتهامات والسِهام، وفي كل مرة يترك وزير هذه الحقيبة ويتسلمها وزير آخر حتى تستقبل الوزير الجديد الإتهامات المسبقة، تمامًا كما البطاقات المسبقة الدفع، فتلاحقه الأقاويل والإشاعات من اليوم الأول، وبدل أن يبدأ بالعمل منذ لحظة التسليم والتسلّم، يصبح هدفه الرد على الإشاعات.

ربع قرن تقريبًا على دخول نظام الهاتف الخليوي إلى لبنان، مرّت هذه الخدمة بطلعات ونزلات، كان بيد شركتين تملكان خدماته، ثم أصبح بيد الدولة التي أعطته للشركتين لادارته، كان النزاع حول حصة كل شركة في بيع الخطوط، على ألا تصل الشركتان الى أكثر من مليون خط، وها هما الشركتان يتجاوز حجمهما في السوق المليونَي خط. كانت هناك اشكالية الأرقام المميزة، ويكاد يكون وزير الاتصالات الحالي جمال الجراح الوحيد الذي وضع تنظيمًا لهذه الاشكالية، فقطع دابر الوساطات والشفاعات، واتيحت الخدمة الى الجميع من دون استئذان.

كانت هناك أزمة الأبنية المستأجرة للشركتين، وهذه الأزمة عمرها اكثر من عشرة أعوام فيما الوزير جمال الجراح لم يمضِ على وجوده في الوزارة سوى ثمانية أشهر.

اليوم يواجه الوزير جمال الجراح تحديًا هائلاً يتمثل في توفير الانترنت للمواطنين والمؤسسات بالسرعة المطلوبة التي تجعل المواطنين والمؤسسات راضين عن الخدمة. يعرف الوزير الجراح ان النجاح في هذا المشروع الكبير هو نجاح له ولفريق عمله في الوزارة وللتيار السياسي الذي ينتمي اليه وهو ​تيار المستقبل​، لذلك يتعاطى فيه بكثير من الدراية والشفافية، وهدفه من كل ذلك أن يترك بصمة ايجابية فيها بحيث يُقال ان الوزير جمال الجراح مرّ في هذه الوزارة وعلى عهده فيها تم تطوير ​الفايبر أوبتيك​ ل​خدمة الانترنت​ وتحسين أداء الخطوط الخليوية وخفض الأسعار.

هذه البصمة هي التي ستُحفظ للوزير الجراح في ​وزارة الاتصالات​ فيكون الوزير الذي تلاحقه الإنجازات وليس الشبهات.

الوزير الجراح يريد أن يعمل، لكن هل يدعونه يعمل؟ بدلاً من أن يشدوا على يده لدفعه الى المزيد من العطاء، فإنهم يحاولون عرقلته ودفعه الى الوراء... تنبّه الوزير الجراح الى هذه المسألة فلم يسكت عليها بل قرر المواجهة، لذا فهو تحدّى وزير الدولة لشؤون ​مكافحة الفساد​ بالقول: ليخبرنا الزميل تويني عن أي ملفات فساد في ​قطاع الاتصالات​ حوّلت للهيئات الرقابية؟ كفانا بطولات وهمية وتشبيحا واعتداءات على كرامات الناس، وتابع يقول بالوتيرة ذاتها من التحدي: فليعلن الزميل تويني عن هذه الملفات الى الرأي العام اذا كان لديه من ملفات أو فليسكت... كي لا أقول شيئًا آخر.

حقًا، المطلوب الشفافية الكاملة لا إطلاق الاتهامات جزافًا، فالوزير الذي يريد أن يعمل، لماذا يعمد زملاء له الى عرقلته؟

هل هي ضريبة النجاح؟