على رغم أهمية ما تحقق في جرود السلسلة الشرقية، لم يعقد ​مجلس الوزراء​ جلسة له هذا الأسبوع بسبب عطلة عيد الأضحى، لتتأجل مناقشة المعركة والنهاية التي وصلت اليها الى الأسبوع المقبل. نعم ستحضر معركة "​فجر الجرود​" على الطاولة الوزارية، وسيفتح النقاش على مصراعيه حيال ما تحقق، ومن ضمن هذا النقاش عمليّة المحاسبة وتحديد مسؤولية ما حصل يوم غزوة ​عرسال​ من قبل التنظيمات الإرهابية في 2 آب من العام 2014، من أخطأ يومها قبل بدء غزوة عرسال، ومن أخطأ خلالها عندما أوقفت الحكومة السابقة برئاسة ​تمام سلام​ إطلاق النار وسمحت للإرهابيين من تنظيمي "داعش" و"​جبهة النصرة​" بنقل ​العسكريين المخطوفين​ الى الجرود بعدما كانوا داخل بلدة عرسال، حيث كان بالإمكان تحريرهم كون المكان الذي إحتجزوا فيه كان معروفاً ومحدداً من قبل الأجهزة العسكرية.

وفي هذا السياق، قد يطرح خلال الجلسة، بحسب مصادر وزارية بارزة، إحالة هذا الملف على ​المجلس العدلي​، بغض النظر عن التحقيق العسكري المفتوح منذ العام 2014. غير أن الأنظار، ستتجه حول الردّ الذي سيصدر عن الحكومة حول المزايدات التي إنتشرت خلال الأيام الماضية ولا تزال، عن كيفية فتح الحكومة الطريق أمام إرهابيي داعش للإنتقال الى البوكمال السوريّة علماً أن هؤلاء هم من خطفوا وقتلوا عسكريين في الجيش، وهم الذين إعتدوا على مراكز الجيش وقتلوا ضباطاً وعسكريين منذ آب 2014 وحتى اليوم.

وفي هذا السياق، لا ترى المصادر الوزارية أن حملة المزايدات التي إنطلقت تحت عنوان الإنتقام من إرهابيي داعش وقتلهم داخل الحدود اللبنانية، جاءت في محلها، وذلك لأسباب عدة:

اولاً-لأن الدولة لا تعمل يوماً بمنطق العشيرة أو القبيلة ولا تتعاطى مع ملفات كهذه إنطلاقاً من مبدأ العين بالعين والسن بالسن، الدولة هي دولة ونظام ومؤسسات، وعندما تدخل في معركة ترسم لهذه الأخيرة أهدافاً لتحقيقها، ومتى تتحقق هذه الأهداف توقف المعركة.

ثانياً–لأن هدف معركة فجر الجرود، كانت منذ البداية، تحرير الجرود اللبنانية من أي وجود إرهابي، وكشف مصير العسكريين المخطوفين لدى ​تنظيم داعش​، كل ذلك بأقل أضرار بشرية ممكنة.

وبما أن هدفي المعركة قد تحققا بعد إستسلام إرهابيي داعش ومطالبتهم بالإنسحاب من الجرود اللبنانية الى الداخل السوري بعد كشفهم موقع رفاة العسكريين الثمانية المخطوفين، لذلك وقع الخيار على وقف المعركة. وفي السياق عينه تسأل المصادر، هل يدرك المزايدون على الجيش والحكومة، بأن إستكمال المعركة كان من الممكن أن يتسبب بسقوط المزيد من الشهداء والجرحى في صفوف العسكريين، كل ذلك من دون أن يكون هناك هدف إضافي الى تحرير الجرود وكشف مصير العسكريين، تتم التضحية لأجله وتستكمل المعركة؟.

إذاً لكل ما تقدم، ستقول الحكومة إن المزايدة شيء، والتفكير بمنطق الدولة والمؤسسات شيء آخر، خصوصاً أن عدداً كبيراً من المزايدين كان من المحرضين على وقف العملية العسكرية في العام 2014 تحت شعارات حماية المدنيين و​النازحين السوريين​ وحقوق الإنسان وما الى ذلك من شعارات أثبتت التطورات فشلها وعدم صوابيتها.