اكد مصدر وزاري لـ "الحياة" أن وحدات ​الجيش اللبناني​ تمكنت من محاصرة عناصر "داعش" في من ​جرود رأس بعلبك​ والقاع والفاكهة ولم يعد أمامهم سوى الاستسلام أو الرحيل منها الى داخل الأراضي السورية.

ولفت المصدر الوزاري الى أن قيادة الجيش اشترطت في مقابل موافقتها على وقف النار الكشف عن مصير العسكريين المختطفين لدى "داعش" وهذا ما حصل، مشيرا الى إن رئيسي الجمهورية والحكومة توافقا على وقف النار من أجل خروج المسلحين، وهذا ما تولى المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ نقله الى قيادة "​حزب الله​" والنظام في ​سوريا​ من دون أن تدخل الدولة اللبنانية في التفاصيل المتعلقة بآلية نقلهم أو المكان الذي سيرحلون إليه.

واكد المصدر عينه أن الجيش اللبناني حقق انتصاراً في تحرير منطقة الجرود وأن الدولة اللبنانية لم تكن جهة في الصفقة التي أبرمها "حزب الله" مع النظام في سوريا و "داعش"، حتى أن أركانها نأوا بأنفسهم عن السؤال عن المكان الذي يتوجه إليه "الدواعش" في سوريا وبقي موقفهم محصوراً في خروجهم من الجرود.

ورأى أن إقحام الدولة اللبنانية في صفقة ترحيل "الدواعش" الى دير الزور التي أوقف تنفيذها ​التحالف الدولي​ غير منطقي، ويراد منه إشراك لبنان في تحمل وزر الرفض الدولي لنقلهم الى دير الزور التي تعتبر من المناطق الساخنة كونها تشكل نقطة اتصال مع الأراضي العراقية عبر الحسكة السورية.

وذكر المصدر الوزاري بأن محاولة إشراك لبنان في صفقة ترحيل "الدواعش" لقيت اعتراضاً من رئيس وزراء العراق ​حيدر العبادي​ الذي يفترض أن يكون حليفاً لـ "حزب الله" وهذا ما أزعج قيادة الأخير بسبب وقوفه في العلن ضد الصفقة التي لم يكن على علم بها على رغم أنه من المعنيين بتنفيذها.

واعتبر أن مبادرة إيران الى توفير الغطاء السياسي لصفقة ترحيل "الدواعش" بذريعة أنه إجراء إنساني لم تخفف من الاعتراض العراقي، ولا من التساؤلات التي ما زالت تطرح حول كيف يوفق "حزب الله" ومعه حليفه النظام في سوريا بين تصديهما للمجموعات الإرهابية والتكفيرية وبين توفير كل وسائل الراحة لنقل "الدواعش" ومعهم أفراد من عائلاتهم الى دير الزور؟ خصوصاً أن عملية ترحيلهم لم تكن الأولى ولا الأخيرة وكان سبق للحزب أن تولى نقل مجموعات من "​جبهة النصرة​" و "​سرايا أهل الشام​" من ​جرود عرسال​ الى مناطق عدة في سوريا وبمواكبة أمنية من جيش النظام الذي كان أمّن للباصات التي تقل عناصرهما الممرات الآمنة من دون أن يصار الى استجواب أي مسؤول منهما أو مجرد الاستماع الى أقواله.

ورأى ان إصرار التحالف الدولي ممثلاً بالولايات المتحدة على إنذار القافلة التي تقل "الدواعش" من الوصول الى دير الزور بمثابة رسالة مباشرة الى النظام في سوريا وفيها أنه لا يملك حرية التصرف بالقرار في داخل سوريا، وهذا ما كان تبلغه سابقاً عندما فوجئ بالاتفاق الروسي- الأميركي الذي أدى الى جعل المنطقة الواقعة جنوب غربي سورية منطقة آمنة لا مجال فيها لاستئناف العمليات الحربية.

واضاف أن منع وحدات من جيش النظام في سوريا من التقدم الى هذه المنطقة أو التمركز فيها ينطلق من موقعها الاستراتيجي المحاذي للحدود السورية- الأردنية والذي يطل في الوقت ذاته على منطقة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل. ويقول إنه بات ممنوعاً على هذا النظام اللعب بالتوازنات الأمنية والعسكرية ذات البعدين الأمني والعسكري وإلا لماذا قررت موسكو وواشنطن قطع كل أشكال التواصل الذي كانت تخطط له طهران ليكون لها موقع قدم في هذه المنطقة عبر الحدود التي تربطها بالعراق.

واكد المصدر الوزاري أن هذا السيناريو تكرر للمرة الثانية، إنما بواسطة التحالف الدولي الذي وجه صفعة للصفقة التي أبرمها "حزب الله" مع النظام في سورية وتتعلق بتأمين ممر آمن لقافلة "الدواعش" للوصول الى دير الزور.

وسأل المصدر لماذا انبرى العبادي الى الاحتجاج على نقل "لدواعش" الى دير الزور ولا يزال يصر على موقفه على رغم أن "حزب الله" استعان بأكثر من مسؤول عراقي في محاولة لصرف الأنظار عن موقف رئيس وزراء العراق ولتبيان ما حصل على أنه انتصار كبير للمقاومة على المجموعات الإرهابية والتكفيرية.

ودعا الى مراجعة المواقف التي كانت صدرت في أعقاب اختطاف العسكريين اللبنانيين وحملت في معظمها اتهامات سياسية لرئيس الحكومة السابق ​تمام سلام​ و"تيار المستقبل" بزعامة رئيس الحكومة الحالي، أقل ما قيل فيها إنهما من "الدواعش".

ورأى أن على "التيار الوطني الحر" وقوى سياسية أخرى في "8 آذار"، الاعتذار من سلام وأيضاً من "المستقبل" في ضوء ما احتوته صفقة نقل "الدواعش" الى دير الزور من تفاصيل، على رغم أن مواقف بعضهم كانت دعت من خلال المعركة التي خاضها الجيش اللبناني في الجرود الى ملاحقة قتلة العسكريين في البادية في سورية والاقتصاص منهم.

وسأل المصدر ما الذي تبدل بين الأمس، عندما دعا عدد من الوزراء الى التفاوض مع خاطفي العسكريين في عرسال للإفراج عنهم وذلك في جلسات لمجلس الوزراء إبان تولي سلام رئاسة الحكومة وقوبل برفض من "التيار الوطني" وبعض "قوى 8 آذار" بزعامة "حزب الله"، وبين اليوم الذي شهد التوصل الى صفقة لضمان أمن الإرهابيين وإيصالهم الى "دير الزور" بذريعة أنه من المرحمات التعرض الى عائلاتهم في حال تم القضاء على المجموعات الإرهابية؟

كما سأل هل كان التفاوض بطلب من وزراء "14 آذار" في حكومة سلام مرفوضاً بذريعة أن لا تفاوض مع الإرهابيين وأن تهديدهم بقتل أي عسكري سيرد عليه بإعدام محكومين من هذه المجموعات مسجونين في سجن رومية، بينما أصبح مقبولاً وبضوء أخضر من النظام في سورية الذي لم يحرك ساكناً للتحقيق مع أبرز قادة "داعش" و "النصرة" ممن كانوا صنفوا سابقاً بأنهم يتزعمون المجموعات الإرهابية والتكفيرية؟