للمرة الثالثة على التوالي، يدعو رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" وزير المهجرين ​طلال أرسلان​ الوزراء والنواب ​الدروز​ إلى إجتماع طارىء للتباحث بالوضع الدرزي في الدولة على كافة الأصعدة، مشدداً على أن "الوضع أصبح لا يطاق على الإطلاق".

من وجهة نظر الوزير أرسلان الاستسلام الحاصل لواقع مشاركة الدروز في النظام وليس في السلطة، كما كان الحال بعد ​الطائف​، بات معيباً، و"الاستمرار بهذا الواقع ينذر بالخطر الحقيقي على مستقبل مشاركتنا الفاعلة في النظام في هذا الوطن"، بالرغم من أن الكثير من المراقبين إستغربوا صدور هذه الدعوة من رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني"، الذي كان سباقاً في طرح الشعارات الوطنية البعيدة عن المذهبية والطائفية.

في هذا السياق، تشير مصادر درزية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن في خلفية الدعوة ليس التكتل الطائفي أو المذهبي، إلا أن الوضع لم يعد يحتمل بأي شكل من الأشكال، وهناك واقعاً في البلد لا يمكن تجاهله على مستوى تزايد الطائفية والمذهبية، وتشدد على أن هذا الموضوع بات يشكل خطراً وجودياً لم يعد ينفع معه التجاهل أو التراخي.

وتنطلق المصادر نفسها من الواقع الذي كان مسيطراً عند تشكيل الحكومة الحالية، والحكومات التي سبقتها أيضاً، حيث بات من الواضح أن هناك وزارات أصبحت ممنوعة عن الدروز، خصوصاً ما يوصف منها بالسيادية، أي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، وتلفت إلى أن هذا الأمر ينطبق على المستوى الإنمائي والخدماتي والتوظيفي، وتضيف: "لا يمكن اليوم التعامل مع طائفة مؤسسة للكيان اللبناني بهذا الشكل، لا سيما أن ليس لها من دولة خارجية داعمة لها، كما هو الحال مع باقي الطوائف والمذاهب".

وترى هذه المصادر أن حقوق ​الطائفة الدرزية​ تتآكل يوماً بعد آخر تحت شعارات "العددية"، بينما المطلوب المشاركة الحقيقة والفعلية في الحكم لا الشكلية، الأمر الذي يتطلب تحركاً عاجلاً من كافة المعنيين قبل فوات الاوان، وتضيف: "حتى بموضوع رئاسة مجلس الشيوخ خرجت أصوات تطالب بأن تكون للمسيحيين، مع العلم أن هناك توافقاً على أن تكون من حصة الدروز في ​إتفاق الطائف​".

على هذا الصعيد، يجزم مدير الإعلام في الحزب "الديمقراطي اللبناني" ​جاد حيدر​، في حديث لـ"النشرة"، على أن الوزير أرسلان ذاهب حتى النهاية في هذه الدعوة، نظراً إلى أن الأمور وصلت إلى مكان لا يمكن السكوت عنه بعد اليوم، رافضاً وضعها في سياق التنافس الإنتخابي مع إقتراب موعد ​الإنتخابات النيابية​، لا سيما أن رئيس الحزب يدعو إلى هذا الأمر منذ ما يقارب 10 سنوات.

وفي حين دعا الوزير ارسلان رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ إلى أخذ المبادرة، بالدعوة لهذا الإجتماع بأسرع وقت ممكن، لوضع مذكرة واضحة تبلغ إلى جميع المسؤولين في الدولة، يشير حيدر إلى أن هذا يؤكد أن الهدف ليس إنتخابياً على الإطلاق، ويضيف: "نحن ليس لدينا أي مشكلة في أن تصدر الدعوة من الفريق الآخر أو حتى من أعيان الطائفة والمشايخ، لأن المطلوب هو الوصول إلى معالجة سريعة".

في الجانب المقابل، أي لدى "​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، لا يمكن إغفال حالة الإعتراض التي يعبّر عنها رئيس الحزب بين الحين والآخر، خصوصاً مؤخراً بسبب "تغييب" رئيس الأركان في الجيش ​حاتم ملاك​ عن الإجتماع الذي عقد في القصر الجمهوري، بعد أن كان "البيك" يوصف بأنه "بيضة القبان" في المعادلة اللبنانية، لكن في جانب آخر لا يبدو النائب جنبلاط متحمساً لخوض أي معركة وهو في مرحلة تسليم "الراية" إلى نجله تيمور.

في هذا الإطار، تؤكد مصادر مطلعة على موقف الحزب، عبر "النشرة"، أنه لن يكون هناك من رد رسمي على الدعوة في الوقت الراهن، بالرغم من إشارتها إلى أن هذا الملف هو بيد النائب وليد جنبلاط وحده، مع العلم أن الوزير أرسلان دعا رئيس "اللقاء الديمقراطي" إلى تلقف المبادرة، لكنها لم تستبعد من الإحتمالات أن يعمد "البيك" إلى تبديل موقفه، خصوصاً أن الرجل لم يعد يخفي إمتعاضه من الواقع القائم وهو عبر عن ذلك في أكثر من مناسبة، مكتفية بالقول: "هذا ملف من الملفات التي تناقش مع الوزير أرسلان خارج الأطر الإعلامية وفي الوقت المناسب".