لفت رئيس اللجنة الأسقفيّة للتّعاون الرّساليّ بين الكنائس ولرعوية ​المهاجرين​ والمتنقّلين المطران ​جورج بو جوده​ خلال مؤتمر صحفي مع المدير الوطني للاعمال الرسولية البابوية في ​لبنان​ الخوري روفايل زغيب، قدما خلاله رسالة قداسة ​البابا​ فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي للرسالات الواحد والتسعين، بعنوان: "الرّسالة في قلب الإيمان المسيحيّ" إلى انه "يقولُ قداسة ​البابا فرنسيس​ في رسالتِه التقليديّة بمناسبة اليوم العالميّ الواحد والتّسعين للرّسالات، إنّ الرسالة هي قلب الإيمان المسيحيّ، لأنّ الكنيسة بطبيعتها مُرسَلة، وإن لم تكن مُرسَلة فهي ليست كنيسة المسيح، ويُضيف أنّ ​الإنجيل​ هو بشارة سارّة تحمل في طيّاتها فرحاً مُعدياً، لأنّه يهب حياةً جديدة، حياة المسيح القائم من الموت"، مشيراً إلى أنه "في لقائِه مع أعضاء الأعمال الرسوليّة البابويّة قرّر قداسته دعوة المؤمنين لتكريس شهر تشرين الأوّل من سنة 2019 للتأمّل والصلاة على نيّة الرّسالة إلى الأُمم، مذكّراً برسالة البابا بندكتوس الخامس عشر الدّاعية إلى مثل هذه الرّسالة والصادرة منذ مائة عام، أي سنة 1919. وقد حضّ قداسته أعضاء الأعمال الرسوليّة البابويّة على أن يجعلوا محبّة الله قريبة من الجميع وبصورة خاصّة أولئك الذّين هم بأمسّ الحاجة إلى رحمتِهِ".

أضاف "يذكّر البابا بأنّ رسالة الأعمال الرسوليّة البابويّة لا تقوم فقط على جَمْع التّبرعات لمساعدة المرسلين، وذلك أمر ضروريّ دون شك، بل على ضرورة أن يعيش الأعضاء حياة القداسة التّي هي أمر ضروريّ وأساسيّ لفعاليّة الرّسالة. وذلك يفرض على جميع الأعضاء أن يعيشوا الوحدة مع المسيح كل يوم أكثر من يوم، وأن يلتزموا عملياً وبقناعة تامّة، وبفرح كبير، بنقل البُشرى السّارة إلى الجميع، ولذا فعليهم أن يكونوا، رجالاً ونساءً، مميّزين بغيرتهم الرسوليّة وقداستهم"، مشيراً إلى أنه "يقول قداسته مذكّراً بما قاله البابا بولس السّادس إنّ الكنيسة، كي تستطيع أن تبشّر فعليها أن تبدأ أولاً بتبشير ذاتها. رسالة الكنيسة، يقول البابا ليست إنتشاراً لإيديولوجيّة دينيّة ولا إقتراحاً لأخلاقيّات سامية، لأنّ الإيمان المسيحيّ ليس تيّاراً فكرياً وفلسفياً مجرّداً كغيره من التيّارات، والمسيح ليس فيلسوفاً ومفكّراً كغيره من الفلاسفة والمفكّرين، بل هو "إبن الله الحي"، كما قال بطرس في قيصريّة فيليبوس (متى16/16). إنه القائم في صورة الله، كما يقول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي، لم يعدّ مساواته لله غنيمة، بل تجرّد من ذاته متّخذاً صورة العبد، وصار على مثال البشر، وظهر في هيئة إنسان، فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب، ولذلك رفعه الله إلى العلى ووهب له الإسم الذي يفوق جميع الأسماء، كي تجثو لإسمه كل ركبة في السماوات وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كل لسان أنّ ​يسوع المسيح​ هو الرب، تمجيداً لله الآب (فيليبي2/6-11)."

وقال "كنيسة المسيح مبنيّة على لقاء وعلاقة شخصيّة بإله إنسان هو يسوع المسيح، وعلى حدث هو حدث القيامة. وخارجاً عن هذين الأمرين لا إيمان مسيحي. إذ إنّ هذا اللقاء، كما يقول البابا بندكتوس السّادس عشر، يعطي للحياة أُفقاً جديداً. لأنّ القيامة ليست حدثاً من الماضي، بل هي تزخر بقوّة حياة إخترقت العالم، حيث كل شيء يبدو ميتاً في كل مكان، فتظهر بذور القيامة من جديد لأنّها قوّة لا تعادل (فرح الإنجيل276)"، لافتاً إلى أنه "ويقول قداسة البابا فرنسيس إنّ الرسالة مُلهَمة بروحانيّة خروج مستمر وحج ومنفى مستمرّين: الخروج من رفاهنا الخاص والتحلّي بالشجاعة للبلوغ إلى جميع الضواحي التي تحتاج إلى نور الإنجيل (فرح الإنجيل20)".

من جهته، أشار الخوري زغيب إلى أن ""دعوةُ قداسةُ البابا فرنسيس إلى فرحِ الإنجيل لا يزال صداها يتردّدُ في أرجاءِ الكنيسةِ اليوم، وهي رؤية قداسته للكنيسة ورسالتها في عالمِ اليوم. فهو لا يتوانى في تكرارها مراراً في رسائلِهِ ومواعظِهِ، خاصّة في رسائلِهِ إلى اليومِ العالميّ للرّسالات"، لافتاً إلى أن "هذه السنة، يُذكّرنا قداسة البابا أنّ الرّسالة هي "قلب الإيمان المسيحي" والكنيسة هي بطبيعتِها مُرسَلة، ليس بأعمالها فقط، لأنّها إن لم تكن مرسَلة فَقَدَت هويّتها وسبب وجودها. ومن همومِ قداسةِ البابا ألّا تتحوّل الكنيسة إلى جمعيّة خيريّة توزّعُ المساعدات. ففي آخر لقاءٍ له، وبعفويّةٍ قالَ قداسة البابا للمدراءِ الوطنيّين للأعمال الرسوليّة البابويّة "قَلَّلوا من البوروقراطية وأكثِروا من الشّغفِ، من الحبِ، من إعلانِ الإنجيل!..." في إمكاننا أن نفهمَ هذه الدّعوة من خلالِ أمورٍ ثلاثة: دافع الرّسالة، ومحورها، وعيشها".