ليس في الأفق ما يشير إلى أنّ التصعيد المتبادل السائد الآن بين المملكة العربية السعودية من جهة والجمهورية الإسلامية ال​إيران​ية و»حزب الله» من جهة ثانية سيتوقف، والبعض لا يستبعد أن يكون هذا التصعيد معطوفاً على التصعيد الأميركي ضدّ ​طهران​ والحزب مؤشّراً إلى تطوّرات خطيرة قد تشهدها المنطقة في وقتٍ ليس ببعيد.

قد لا يكون مستغرباً أنّ رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي على أجندته زيارة قريبة لإيران، قد يتوجّه في لحظةٍ ما، أو في وقتٍ ليس ببعيد، الى السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير ​محمد سلمان​، مثلما ليس مستغرباً ان يزورها رئيس الحكومة سعد الحريري في أيّ وقت.

وعلى رغم ما يشاع عن وجود عتبٍ ما على رئيس الجمهورية، فإنه، حسب المواكبين للعلاقة السعودية - ال​لبنان​ية، لم يَصدر عن ​الرياض​ ايُّ موقف سلبي تجاهه، وهي على رغم عدم رضاها عن تصريحاته حول سلاح «حزب الله» واعتباره فيها انّ لبنان في حاجة الى هذا السلاح، ما تزال تأمل في ان يكون هناك تعاون بينها وبينه يكون مبنياً على ما كان قد تمّ الاتفاق عليه خلال زيارته الشهيرة للرياض وركّز في مجمله على تجنيب لبنان سياسة المحاور والتزامَ سياسة «النأي بالنفس» حفاظاً عليه وعلى العلاقات بينه وبين المملكة التي تتفهّم احترامه التزاماته السابقة لانتخابه رئيساً للجمهورية مع حلفائه، وهي تُراهن على انه لا يمكن ان يتصرّف الّا بما يخدم مصالح لبنان ومصالح اشقّائه وعلى رأسهم السعودية انطلاقاً من موقعه الوطني كرئيس للدولة وللجميع تحت عنوان «بَي الكل» حسب ما سمّاه مؤيدوه بعد انتخابه في 31 تشرين الاوّل 2016 الماضي.

في الأفق الآن زيارة سيقوم بها الحريري الى المملكة على حدّ ما يؤكد مواكبون للتطوّرات التي تشهدها العلاقة اللبنانية ـ السعودية هذه الايام، مؤكدين ان ليس هناك قطيعة في العلاقة بين رئيس الجمهورية والقيادة السعودية، وأنّ هناك على الخط من يوضِح موقفَ ويستوضِح عن مواقف.

واللقاءات السعودية ـ اللبنانية ستتواصل في قابل الايام والاسابيع، سواء في الرياض او في جدة، وهي تشمل مروحة واسعة من القيادات والمرجعيات والشخصيات اللبنانية السياسية الحالية والسابقة، فضلاً عن مرجعيات دينية مسيحية وإسلامية وفعاليات ثقافية وفكرية واقتصادية.

وغاية المملكة من هذه اللقاءات، على ما يقول المواكبون للعلاقة اللبنانية ـ السعودية انفسُهم، هي الاستماع الى وجهات النظر حيال مجمل القضايا اللبنانية المطروحة بغية بلوَرةِ توجّهٍ حيال الوضع السياسي المتصل باستحقاق الانتخابات النيابية المقرّرة في ايار 2018 ، ودفعُ القوى السياسية الى تغليب المصلحة الوطنية على ما عداها وتعزيز استقرار لبنان واستقلاله عن المحاور الاقليمية وإبعاده عن ايّ مصالح او تجاذبات اقليمية، بحيث يتمّ الفصل بينه وبين هذه المحاور والحفاظ على استقراره.

وأكثر من ذلك، يضيف المواكبون، انّ المملكة منفتحة على الجميع، وقد تكون هناك زيارات لمسؤولين في «التيار الوطني الحر» للرياض خلال الفترة المقبلة في ظلّ انفتاح المملكة على جميع الافرقاء الساسيين في لبنان باستثناء «حزب الله» وبعض حلفائه.

وفي هذا السياق يستغرب هؤلاء كيف انّ البعض، وتحديداً قيادة «التيار الوطني الحر»، تفهم ايّ هجوم سياسي تشنّه السعودية على «حزب الله» على انه هجوم يستهدفها، مع العِلم انّ كثيرين من المنتمين الى التيار يعيشون في المملكة ولم يتعرّض ايّ منهم لإزعاج، ولكن المملكة تميّز في الموقف بين رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير ​جبران باسيل​، تفهُّماً لموقف الاوّل، واستياءً من موقف الثاني، ويدعو المواكبون للعلاقة اللبنانية السعودية الى قراءة نتائج زيارة الملك سلمان ل​روسيا​ وما نتجَ عنها من اتفاقات في مختلف المجالات، ولا سيّما منها في مجال التسليح، وكذلك ما نتجَ عنها من تفاهمات حيال الأزمة السورية عكسَ وزير الخارجية السعودي ​عادل الجبير​ جانباً من طبيعتها عندما تحدّثَ عن التزام المملكة «جنيف – 1 «حيث إنّ الرياض لم تحِد عن هذا الالتزام، وانّها تتمسك بمواقفها السابقة حيال ​سوريا​ ومصير الرئيس بشّار الاسد.

كذلك يَلفت هؤلاء الى انّ تصريحات وزير الدولة لشؤون الخليج العربي المكلّف الملف اللبناني ​ثامر السبهان​ بعد زيارة الملك سلمان ل​موسكو​ والتي هاجم فيها «حزب الله» «تعكس مدى التفاهم الذي حصَل بين الجانبين حول سوريا». ويشير هؤلاء ايضاً الى انّ الرياض تتوقف طويلاً عند ما تعتبره «توتّراً وخوفاً» إيرانياً من ترجمة ​واشنطن​ تهديدَها بتصنيف ​الحرس الثوري الايراني​ منظمة ارهابية.

وحسب المواكبين ايّاهم، فإنّ العقوبات الاميركية على «حزب الله» وتطوّر الموقف التصعيدي الاميركي ضده الى درجة تخصيص مكافآت مالية لاعتقال قياديين عسكريين وأمنيين بارزين فيه يدلّان الى طبيعة المعركة المقبلة بينه وبين الولايات المتحدة الاميركية، إذ هناك تنسيق اميركي ـ اسرائيلي حول الحزب واحتمال تطوّر الموقف الى حرب ضدّه.

ولذلك يتحدّث هؤلاء عن «وجود «قلق» لدى الحزب حيال مستقبل الوضع في سوريا»، ويرون «انّ هذا القلق بدأ يتحوّل احتقاناً داخلياً في صفوف معسكر الحزب وحلفائه فضلاً عن الغضب الاقليمي على انخراطه في المحور الايراني وما يقوم به في سوريا»، على حدّ قولهم.