هذه المؤسسة ليست ملكاً لنا، بل هي للوطن كله، سنسلّمها أمانة للأجيال اللاحقة، فلا يجب ان نسلّمها لرجال غير أكفاء، لذلك حكّموا ضميركم المهني وأختاروا الأفضل لتطويعه تلامذة ضباط للمستقبل.

بهذه العبارة خاطب قائد ​الجيش​ ​العماد جوزيف عون​، اللجنة المكلّفة الإشراف على إمتحانات الدخول إلى ​المدرسة الحربية​، وقد شدّد على معايير الكفاءة ووجوب إختيار الأفضل والأكفأ بين المرشحين، دون الإلتفات إلى الإنتماء الطائفي أو المذهبي أو الولاء السياسي لهم.

قرار العماد عون هذا، جاء بعدما أثيرت قصة الرشاوى في المدرسة الحربية، والإضاءة على هفوات وأخطاء ورشاوى حصلت في تطويع تلامذة الضباط في السنوات السابقة، وقد كلّف آنذاك قائد الشرطة العسكرية بفتح تحقيق موسّع وشامل وشفاف والتحقيق مع كل من يُشتبه به بالضلوع في عملية الرشاوى، حيث قال لقائد الشرطة: "معك مني أنا وبالنازل، كل ما تشتبه به تستدعيه إلى التحقيق، ما في حدا فوق راسو خيمة".

إمتحانات الدخول إلى الكلية الحربية تجري منذ أكثر من أسبوع، في جو من النزاهة والتشديد في مراقبة المرشحين وأعضاء اللجنة الفاحصة، والحضور الدائم ل​مديرية المخابرات​ للتأكيد على الشفافية، وإطلاع قائد الجيش يومياً على مجريات الإمتحانات التي تبدأ عادة بالإختبار النفسي، وعلى دفعات، ثم يتابع الناجحون إختبار الرياضة، والذي ينجح في الإختبارات الرياضية، يخضع للفحوصات الطبية الدقيقة وفق المعايير المعتمدة، ثم يخضع الناجحون في الإختبارات الطبية لإمتحان المثول أمام اللجنة الفاحصة لإختبار شخصية وحضور المرشح وسرعة بديهته، وبعدها يخضع جميع الناحجين في الإختبارات المتتالية للإمتحان الخطي دفعة واحدة وعلى يومين متتاليين، ثم يتمّ تصحيح المسابقات من قبل أساتذة جامعيين، لتعلن نتائج الإختبارات جميعها، وبالتالي أسماء الفائزين والمقبولين للتطوع بصفة تلميذ ضابط في الكلية الحربية.

وقد لاحظ بعض الأساتذة الجامعيين شفافية الإمتحانات التي تجري في الكلية الحربية، وتمنّوا لو أن كل الإختبارات التي تجريها الإدارة العامة تجري في الكلية الحربية وبالطريقة النزيهة عينها، وهذا ما يُضفي مصداقية على إختبارات تطويع التلامذة الضباط.

المرشحون مرتاحون إلى ان كفاءتهم وحدها هي المعيار، ومعارفهم العلمية وقدراتهم البدنية وسلامتهم الجسدية هي من يشفع بهم لتحقيق حلم الشباب: أن أصبح ضابطاً في الجيش، هو حلم حياتي، ومستقبلي، على حد قول أحد المرشحين، والذي أيّده زملاؤه الذين أحاطوا به. وهذا ما نطمح إليه في ​المؤسسة العسكرية​، وما نرغب بتنفيذه في مختلف الوزارات والإدارات العامة، ليتعمّم مبدأ الكفاءة وثقافة الإتكال على النفس، لا على واسطة هذا الزعيم أو ذاك، ولا على المحسوبيات والرشاوى ومخالفة القانون.

القادة المستقبليون يتمّ إختيارهم بعناية، وبالتالي فإن الجيش والوطن سيكونان في أيدٍ أمينة كما قال قائد الجيش، وشباب الوطن يندفعون إلى التطوع متّكلين على ذواتهم، متسلّحين بمعارفهم العلمية التي هي وحدها المعيار الذي بواسطته يحققون "حلم الحياة والمستقبل".