لفت الأمين العام لـ"​تيار المستقبل​" ​أحمد الحريري​، ممثّلاً رئيس مجلس الوزراء ​سعد الحريري​، في افتتاح "قمة البوسفور الثامنة" في اسطنبول، إلى "أنّني "لم أجد غير رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​ لأبدأ به كلامي عن ​لبنان​، في هذه القمة الّتي تجمعنا في رحاب ​تركيا​ العزيزة الّتي كانت تربطه بها وما زالت تربطنا معها ومع رئيسها ​رجب طيب أردوغان​، تاريخ من العلاقات الأخوية المميزة الّتي نعتزّ بها ونفتخر باستمرارها للمستقبل".

وشدّد الحريري، على "أننا في قمة كهذه، نعود نحن اللبنانيون العرب إلى رفيق الحريري، ذلك الرجل نظر إلى المستقبل وأدرك تحديات العولمة باكراً، وصاغ كلّ خططه للنهوض بلبنان على أساسها، مستنداً إلى مشروع اقتصادي - اجتماعي يستجيب لتحدياتها، بعد أن نفض عن لبنان غبار الحرب الأهلية، ونقله من جحيم الدمار إلى نعيم الإستقرار، قبل أن يغتالوه في 14 شباط 2005، ظنّاً أنّهم بإجرامهم يضعون حدّاً لهذه المسيرة المشرقة، الّتي أبينا إلّا أن نكملها، نحن وشعب لبنان العظيم، مع سعد الحريري مهما كانت التحديات".

وأشار إلى أنّه "إذا كانت العولمة تعني بحسب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، إقتصاد السوق والتجارة الحرة والإستمرار في التحديث وظاهرة لا مفرّ منها وضرورية للتطور البشري، لأنّ التقنية هي مصدر كلّ تقدّم، فهي تبقى على حدّ قول الرئيس الفرنسي الأسبق ​جاك شيراك​ بحاجة إلى ضبط، لأنّها تنتج شروخاً إجتماعية كبيرة"، موضحاً أنّه "إنّ كانت عامل تقدّم، فهي تثير أيضاً مخاطر جدية ينبغي التفكير فيها جيّداً، ومن هذه المخاطر ثلاث، أوّلها أنّها تزيد ظاهرة الإقصاء الاجتماعي، وثانيها أنّها تنمّي الجريمة العالمية وثالثها أنّها تهدّد أنظمتنا الإقتصادية".

وركّز الحريري، على "أنّنا اليوم مطالبون بالإرتقاء الى مستوى تحدّي المستقبل وإيجاد الأجوبة الّتي تمكّننا من مواكبة التحولات الّتي تفرضها ظاهرة العولمة، فلا نظلّ على هامش التاريخ"، مبيّناً أنّ "لعلّ أوّل شروط تلك المواكبة كامن في دعم وتعزيز تجمع إقليمي إقتصادي للإستجابة لمتطلّبات الإرتقاء التكنولوجي والتنافسي"، منوّهاً إلى أنّ "الشرط الثاني فهو الإستجابة لمقتضيات الديمقراطية بالإنفتاح على طاقات المجتمع المدني وإعادة الإعتبار للإختلاف والتسامح، وإدماج البعد الإجتماعي في عملية التنمية الشاملة، فلا تنمية إقتصادية بدون تنمية إجتماعية تقلّص الفوارق وتوفّر العمل، ولا تنمية مستدامة دون تبني سياسيات بيئية مستدامة".

وشدّد على أنّ "نظرة "تيار المستقبل"، تتلخّص بأنّ الدخول في عصر الحداثة أصبح حتميّاً لا رجعة عنه، إذ انّ من يتخلّف عنه يفوته القطار ويصبح مهمّشاً وربّما يخرج من التاريخ والمستقبل، مشيراً إلى أنّ "رياح التغيير والتحديث تدخل المجتمعات من أبوابها الواسعة، فتصبح ممارسة لتغيير نمط الحياة وطرق التفكير والعمل والسلوك، بما ينسجم ومقتضيات العصر. بالتالي، تكوين القدرة على مواجهة التحديات الّتي تفرضها العولمة والثورة في حقل المعلومات الإلكترونية، وتحويل الإمكانات المتاحة إلى قوة ديناميكية مبدعة تستطيع التحكم بآلياتها المتعددة".

وأكّد الحريري أنّ "الحداثة ليست وهماً ولا تهبط علينا من السماء، إنّما هي مشاركة وتفاعل وإنتاج وإعادة إنتاج وإبداع يقوم على ممارسة الحرية والتعددية والعدالة الإجتماعية الّتي تستطيع أن توفّر فرصاً أكبر وأوسع لتحقيق سعادة الإنسان"، مبيّناً أنّ "هذا التزاوج بين الإعتدال والعدالة الإجتماعية أرسيناه كعقيدة نعتنقها في "تيار المستقبل"، وهي بدون شك المدخل الأوسع لنبذ التطرف والسدّ المنيع في وجه ​الإرهاب​ بمختلف أشكاله، والّذي أثبت ​الجيش اللبناني​ قدرة وبسالة في محاربته والإنتصار عليه، بفضل تضامن اللبنانيين والتفافهم حوله، ما أظهر الوحدة الوطنية الّتي لطالما تمسّكت بها الحريرية السياسية واستلهمت مواقفها منها لتصبح جزءا من قوّتها الناعمة".