– لم تترك «إسرائيل» مجالاً للاستنتاج بالتحليل فكشفت عبر وزيرة في حكومة الاحتلال نياتها المبيّتة، فقد قالت الوزيرة جيلا جلمايل إنّ الدراسات «الإسرائيلية» لحلول قابلة للتطبيق لقيام دولة ​فلسطين​ية أفضت إلى اعتبار ​سيناء​ المكان الملائم. وبكلّ وقاحة قالت هذا الكلام في القاهرة على منصة مؤتمر تشارك فيه في مصر، ورغم النفي «الإسرائيلي» الخجول لكون هذا الكلام يعبّر عن الموقف الرسمي للحكومة، فإنّ بالونات الاختبار طريقة لها قواعدها في عالم السياسة والتسويق.

– على طريقة اغتصاب فلسطين بصفتها وفقاً للتوصيف «الإسرائيلي» «أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض» يجب أن تصير سيناء أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض، فيُعترف بالشعب الفلطسيني كشعب مجدّداً بعد اغتصاب أرضه ويجب إخلاء سيناء من أهلها لتتمّ الخطة. و«إسرائيل» التي تتشدّد في التضييق على حجم الحركة العسكرية المصرية في سيناء، بموجب الصلاحيات التي تستمدّها من اتفاقيات ​كامب ديفيد​، تطلق يد داعش للتدفق بمسلحي التنظيم نحو سيناء وتتعهّد بنقلهم من الأماكن التي خسروها في سورية و​العراق​، بمساعدة أميركية لبلوغ سيناء، وتروّج عن مسؤولية حماس عن هذه التسهيلات لافتعال فتنة بين مصر وقوى المقاومة، وطرح سلاح المقاومة على طاولة البحث كشرط من شروط تحقيق الأمن المصري.

– لا ينفصل هذا التصريح «الإسرائيلي» عن كلام آخر في مواقع «إسرائيلية» يقدّم داعش كحليف رئيس لـ«إسرائيل» في المرحلة الراهنة، والعنوان هو التشارك في قتال ​إيران​ و​حزب الله​، لكن المهمة المباشرة كما تقولها الوقائع هي إخلاء سيناء من شعبها وأهلها وتهجير سكانها المصريين إلى عمق مصر وقد صار كلّ شيء واضحاً. فمركز مائير عميت التابع لوزارة الخارجية «الإسرائيلية» في تقرير محدث له أمس، يقول إنه بعد نهاية دولة داعش، صار التحالف بين داعش و«إسرائيل» أكثر وجاهة، فسيكون هدف داعش حرب عصابات تستهدف إيران وحزب الله، وهذا هدف «إسرائيلي» أوّل. ويضيف التقرير انّ إشغال إيران وحزب الله بهجمات داعش يبدو البديل الوحيد لدى «إسرائيل» للفشل في إبعادهما عن حدود ​الجولان​ في أيّ تسوية محتملة للوضع في سورية.

– التقرير لم يُجِب عن ماذا ستقدّم «إسرائيل» لداعش لتنشيط قدرات التنظيم على القيام بالمهمة، ولم يُجِب عن القاعدة التي يحتاجها داعش لإعادة تنظيم صفوفه والانطلاق منها في هجماته، والحاجة لتكون الأقرب لخطوط الاشتباك المفترضة جنوب سورية، وقدرة الانتقال إليها وكيف؟ لكن الذي جرى في هجوم داعش على المواطنين في سيناء، قال ما لم يقله التقرير، فبمستطاع «إسرائيل» فعل شيئين دفعة واحدة، نقل عناصر داعش المشتتين بعد خسارة الجغرافيا في سورية والعراق إلى سيناء عبر تجميعهم على خطوط الحدود السورية مع الجولان ونقلهم من هناك إلى سيناء، وإعادتهم بالعكس للتسلل للعمق السوري من جبهة الجولان، انطلاقاً من القاعدة الجديدة البديلة في سيناء، في استعادة للتوصيف الذي كتبه تقرير «إسرائيلي» آخر عن الدور الذي فشلت في أدائه منظمة ​مجاهدي خلق​ المعارضة لإيران يوم كانت تشكيلاتها العسكرية تحت الرعاية الأميركية في معكسر أشرف في العراق.

– سيناء قاعدة بديلة ل​تنظيم داعش​ لعمليات تستهدف إيران وحزب الله، وتوجّه رسائل مبرمجة للعمق الأوروبي عند الحاجة «الإسرائيلية»، مهمة استخبارية راهنة، سقفها مع تهجير سكان سيناء عرض مشروع توطين الفلسطينيين هناك. وهذا موضوع خطة بغضّ النظر عن فرصه في التحقق، لأنّ الحرب هي صراع إرادات، و«إسرائيل» لم تعُد اللاعب الوحيد، ولا اللاعب الأهمّ والأقوى ولا اللاعب الحاسم.