منذ ما يقارب الشهر وإسم رئيس الحكومة "المتريّث" ​سعد الحريري​ على لسان كل ​لبنان​ي، الرجل الذي حصد تعاطفا واسعا من مختلف الشرائح في لبنان خلال فترة استقالته الملتبسة من ​السعودية​ وعودته الى لبنان، بدأ اليوم بتمهيد الطريق امام العودة الى إجتماعات مجلس الوزراء من خلال تحصين التسوية التي يجري العمل عليها.

الحريري، المتحصن بدعم سياسي واسع خصوصا من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ وتفهّم من ​حزب الله​، مستمرّ بالتراجع عن خطاب الإستقالة الذي تحدث فيه عن قطع أذرع ​ايران​ في المنطقة، ولعلّ الموقف الأخير الذي اطلقه الرجل لصحيفة "باري ماتش" الفرنسية هو الدرجة الأخيرة من السلّم الّذي أجبر السعوديين الحريري على الصعود اليه إذا أكد انه "علينا ان نميّز في لبنان، لـ"حزب الله" دور سياسي. لديه أسلحة، ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية. إن مصلحة لبنان هي بضمان عدم استخدام هذه الأسلحة في أماكن أخرى".

موقف الحريري الذي أعاده الى ارض الواقع اللبناني كما يراه كثيرون، تبعه ردات فعل عنيفة من أخصامه السياسيين، وحتى من بعض مناصيره الذين إعتبروا موقفه من سلاح الحزب بمثابة الخيانة لدماء والده، بينما اعتبر جزء كبير من رواد ​مواقع التواصل الإجتماعي​ ان الحريري عاد إلى رشده وأن موقفه الأخير وطني بإمتياز. المواقف المتباينة استدعت ردًّا من الحريري بحيث توجه في تصريح له عبر مواقع التواصل الإجتماعي الى المزايدين عليه بالقول: "ما قلته في "باري ماتش" واضح وضوح الشمس نحن الآن عندنا ربط نزاع مع حزب الله مثل ما هم عندهم ربط نزاع معنا، الّي صار بالماضي لا ننكره لكن نحن عم نبني لنحمي استقرار البلد وفي ناس عم تبني لفتنة بالبلد"، فيما نقل أحد الصحافيين عن أوساط الحريري توضيحا أن "رئيس الحكومة كان يتحدث عن الحاضر حصرا، ولَم يتطرق، لا من بعيد أو من قريب، إلى الماضي".

وعلى مواقع التواصل الإجتماعي توالت ردود الفعل فاعتبر الناشط حسن اليافعي أنه "ربما سعد الحريري عنده معلومات اكيدة ان حزب الله لم يكن هو من قتل والده ​رفيق الحريري​"، فيما رأى فادي جوني ان "سلاح الحزب أصبح في المعادلات الدوليّة وحرر دولا من الارهاب وحمى لبنان واقتصاده وهذا ما وصل اليه رئيس الحكومة اليوم". وإعتبر أحمد الشامي أن "تصريح الحريري هو اعلان انضمام ​تيار المستقبل​ الى ​سرايا المقاومة​"، وتوجّه الناشط شوقي نجم الى المنزعجين من التصريح بالقول: "الذين ناموا على وجوههم الليلة نقول لهم إحلموا كيف سيكون لبنان أجمل من دونكم بوجود السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون وسعد الحريري". بدورها زينه كرم غردت في نفس السياق، "ما قاله قاله والذي لم يعجبه لديه البحر الأبيض المتوسط ليبلّطه". من جهته ذكر علي سليمان بـ"ما قاله الشهيد رفيق الحريري سابقا للامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ان نزع سلاح المقاومة لن يمر الا على جثتي. ها هو سعد الحريري يقولها بالفم الملآن وفي وجه ابواق الفتنة والتحريض سلاح حزب الله موجّه للخارج لقتال العدو ولم يوجه للداخل".

وإعتبر محمد فحص أن "الحريري عرف اليوم من يمكننا شد الظهر به ومن يطعن بالظهر، محور المقاومة هو محور الوفاء والقيم والمبادئ أما المحور الإسرائيلي الأميركي السعودي التكفيري فهو محور الغدر والخيانة"، فيما رأى محمد اسماعيل انه "حين يصبح سلاح المقاومة عند اكثرية اللبنانيين سلاحا مقدّسا وحين تصبح خوذة المقاوم مبعثا لردع العدو يتحول السلاح الى جبل من الكبرياء والعزة والافتخار حينها يفتح لبنان حجرته الوردية ويفتح نوافذه للشمس وللعدل وللحرية". واضافت ريان حجيج: "الان تجسدت حروف الشهيد رفيق الحريري وموقفه تجاه حزب الله ". ورأت علا سليم أنه "الآن يمكننا القول ان الحريري تحرر والف مبروك كلنا معك شيخ سعد"، ولفت الناشط فادي حوا إلى ان "كلام الحريري سليم وعاقل يؤسس لمرحلة جديدة إيجابية في التعامل مع حزب الله من دون إتهامات سياسية غير مجدية، الى اﻷمام سرّ". وأكد فضل شحادي ان "سلاح الحزب هو قسيم الحق والباطل في لبنان فمن كان مع السلاح كان مع الحق ومن كان ضده كان بلا شك مع الباطل".

وعلى المقلب الآخر ذكّر الناشط علي صبح بـ "٧ أيار، والقمصان السود وحصار الحكومة والطيار سامر حنا والأمن الذاتي"، متسائلا: "أليس كل هذا استعمال للسلاح في الداخل؟ أم أن كل هذه كانت تجارب للسلاح"؟، ورأت ياسمين سمو أن "حزب الله لم يستعمل سلاحه بالداخل ورفيق الحريري قتل بالورود وبيروت احتلت في ٧ أيار بالياسمين والقمصان السود كانت موضة تلك الايام"، مضيفة: "للحريري نقول لعبتك انكشفت، قمت بكل شيء بهدف اعادة شعبيتك لكن "فشرت" أن نعود نبايعك كالغنم والخواريف واذا انت نسيت ما حصل مع رفيق الحريري فنحن لا ننسى، "ضيعان الحريري" أن يوضع بجنب اسمك". وأكد سامر انه بحسب تدرج مواقف الحريري فانه "بعد اسبوع سيكون خطابه، اليد التي ستمتد الى سلاح المقاومه ستقطع"، فيما تمنى خالد العرب لو أن "ولي العهد السعودي البطل محمد بن سلمان سجن الحريري بتهمة العمالة لإيران". وشدد الناشط نادر رضوان على انه "نادم على كل لحظة أيدت فيها سعد الحريري وكنت أظنّه كأبيه صوت أهل السنّة في لبنان، لكن في النهاية وضع يده مع السيد حسن نصرالله الذي قتل رفيق الحريري". وعلق الناشط السعودي سطام الرويلي بالقول: "انا مراقب من الخارج... واسمحولي أن أقول لكم ان من يبيع دم ابيه سيبيعكم اختاروا لكم زعيما قوي.. وثقوا أن السعودية ستقف معكم ومعه".

وفي الختام، لا بد من الإشارة الى ان كلام الحريري يشكل موقفا ايجابيا يترجم المناخ السائد حاليا بين معظم الفرقاء في لبنان تحت مظلة رئيس الجمهورية، وسيكون له انعكاسات جيّدة على الساحة الداخلية رغم بعض الاصوات الرافضة.