يبدأ ​إنجيل​ يوحنا بإعلان ألوهيّة الرّبّ ​يسوع المسيح​، الله المتأنّس الذي أصبح لحمًا دون أن يفقد ألوهيّته. هذا الإعلان هو فرادة مسيحيّة صرفة، لا بل هو كلّ المسيحيّة، وبدون التجسّد لا وجود للمسيحيّة. الكلمة تساوي ممرا (memra) اللوغوس (Λόγος). إستعملت ”الكلمة“ في العهد القديم في الترجوم (الترجمة الكلدانيّة-الأراميّة) في الآيات التي ظهر فيها الله للبشر، مثل عندما ظهور الله لإبراهيم عند بلوطات ممرا. (تك 1:18). "الكـلـمـة" في الأراميّة ممرا Memra، من imrah أو emrah وتعني الإمرة.

الجدير بالملاحظة أن "الكلمة" تعني طبيعة الله والمولود منه، وهما غير منفصلين على الإطلاق. المزمور 33 يظهر هذا الأمر بوضوح:" بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ صُنِعَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ"(مز 6:33). الكلمة العبرية المستعملة "دابار" وتتطابق مع ما يقوله يوحنا ​الإنجيل​ي: "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ."(يو3:1). كلّ شيْ تدبّر به إذ هو المدبّر.

هناك أمر هام جدًا، الترجوم ​اليهود​ي استعمل "الكلمة" memra، بعكس التلمود الذي كُتب بعد التجسّد، إذ تجنّب معلّمو اليهود استعمالها كي لا يشيروا إلى المسيح. في اليونانيّة "لوغوس"، وقد ذكرها هيراقليطس حوالي 500 ق. م كمبدأ وعلّة أي مسبّب. فلنلاحظ ما يلي:

*"الكلمة" هو وليست هي، أي مذكّر وليس مؤنّث.

*"الكلمة" هو نفسه الله: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." (يو1:1).

*الكلمة أزلي، ولم يكن الآب بدون الكلمة، ولكن كل في أقنومه الخاص، "هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ"(يو2:1).وقد أجاب الرّبّ يسوع اليهود عندما سألوه مَنْ أَنْتَ؟، «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ"(يو 25:8)، وأكمل: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ"(يو 58:8).

*"الكلمة" صُنِع به كلّ شيء: "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ"(يو3:1)، و"كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ"(يو10:1).

*"الكلمة" هو المخلّص: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو12:1).

*"الكلمة" هو الله الذي تجسّد: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا" (يو14:1).

*"الكلمة" وحيد عند الآب: "مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا"(يو14:1)، و"اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ"(يو18:1). (أنظر شرح الابن لوحة رقم 12)

*"الكلمة" من ملئه أخذنا: "وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ." (يو16:1).

التسلسل الذي اتّبعه يوحنا الإنجيليّ كان ليشهد أن الكلمة هو الله المتجسّد، كما جاء أيضًا في رسالته: “اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ"(1يو1:1).

في الخلاصة، يدحض القدّيس يوحنا الذهبي الفم كلّ من يزعم مثل شهود يهوه أن "الكلمة" ليس إله إذ جاءت بدون أداة التعريف: "وكان الكلمة إلهًا"، فيشرح أن الإنجيل أشار أحيانًا إلى الآب والروح القدس دون أداة التعريف، وأحيانًا الابن والكلمة أنّه الله مع أداة التعريف، لأن في اللغة اليونانيّة هذا ليس شرطًا. فالكلمة يُعرف من صفاته الذي هو الله المتجسّد.