لست على الإطلاق في وارد لعب دور الواعظ ولا المُرشد الدينيّ، وحتمًا لست في وارد لعب دور المُدين والمُنتقد، ومقالي هو نوع من النقد الذاتي من منظار علماني بحت، وهو نوع من الإعتراف العلني...

عُذرًا يا يسوع... لأنّني–كما الكثيرين غيري، نسينا أن نتذكّرك طوال العام، إلا ربّما في مَحطّتي ولادتك ثمّ صلبك وقيامتك من الموت.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ مشاغل الحياة وضُغوطها الكثيرة جعلتنا نتلهّى بالقُشور، وننسى الجوهر والأساس أنّه وُلد لنا اليوم "مُخلّص"(1)، مع ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ بالغة الأهمّية في حال التمعّن بها وفهمها على حقيقتها.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ هُموم تأمين الأموال اللازمة لمختلف المُستحقّات المعيشيّة، ولتغطية مُستلزمات ما نصفه بمنظارنا المادي "عيشًا كريمًا"، جعلتنا نؤخّر ترتيبك إلى مراتب دُنيويّة في سلّم أولويّاتنا.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ شراء هدايا العيد يستغرق منّا ساعات طويلة من الجهد والبحث والتنقّل وسط الزحمة من دون تذمّر، ونستكثر عليك قُداسًا إحتفاليًا لساعة من الوقت، وحتى بضع دقائق من الصلاة والتأمّل في بعض الأحيان...

عُذرًا يا يسوع... لأنّ تباهينا بجمال شجرة العيد، وبإضاءتها وبزينتها وبأكسسواراتها وبصورنا حولها، طغى على تواضع مزودك البارد والمُعدَم من حيث الشكل، لكن الدافئ والمليء بالإشعاع من حيث المضمون.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ ترتيب طاولة العيد وإختيار المأكولات وتحضيرها وفتح علب وأكياس الهدايا هو الحدث الأبرز ليلة ميلادك.

عُذرًا يا يسوع... لأنّنا ننظر بازدراء لشحّاذ هنا ولمُتسوّلة هناك، ولأنّنا نشعر بفوقية عند منح فُتات من أموالنا لمُحتاج أو فقير هنالك، بعيدًا–بُعد السماء عن الأرض، عن دعواتك لنا للمُساعدة والعطاء(2).

عُذرًا يا يسوع... لأنّنا نستصعب مُسامحة من أخطأ إلينا، ولأنّ الغُفران صار زائرًا نادرًا لقلوبنا، ولأنّ التعصّب أعمى بصيرتنا في كثير من الأحيان.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ أقوالنا وتصرّفاتنا لم تعد مرآة لتعاليمك ولتوجيهاتك، ولأنّ مُمارساتنا لم تعد إنعكاسًا لإرشاداتك ولوصاياك.

عُذرًا يا يسوع... لأنّ إيماننا صار ضعيفًا ومُتردّدًا، ولأنّ تشكيكنا صار كبيرًا ودَوريًا، ولأنّنا صرنا نتحاشى الحديث عنك في العلن خشية تصنيفنا بالمُتديّنين والمُؤمنين.

عُذرًا يا يسوع... لأنّنا ننسى أو نتناسى أنّ أبوابك مفتوحة دائمًا وأبدًا لنا جميعًا، في أيّ مكان وفي أيّ زمان، وأنّ محبّتك لنا تتفوّق دائمًا على قلّة وفائنا.

عُذرًا يا يسوع... لأنّنا ننسى أو نتناسى أنّ عَودة الحرارة إلى إيماننا بك، وثقتنا بقدراتك، وسيرنا على خطاك، وعيشنا وفق تعاليمك... لا يتطلّب منّا سوى لحظات من السَكينة والهدوء بعيدًا عن ضوضاء الحياة، وسوى دقائق من الصلاة الفعلي بعيدًا عن الترداد البُبغائي لعبارات لم نفهم يومًا معانيها...

(1) فقال لهم الملاك: "لا تخافوا، إنّيأبشّركم بفرح عظيم يعمّالشعب بأجمعه: وُلد لكم اليوم مُخلّص في مدينة داود، وهو ​المسيح​ الرب" (​إنجيل​ لوقا 10:2).

(2) "واحدةٌ تعوزك: إذهب فبع كلّ شيء تملكه وتصدّقبثمنه على الفُقراء، فيكون لك كنزٌ في السماء، وتعال فاتبعني" (إنجيل مرقس 21:10)