على مدى سنوات حاولت الادارة ​السعودية​ بتغيير واقع ​سوريا​، سواء بالمواقف السياسية أو عبر دفع الأموال والدعم المباشر للجماعات المسلحة المعادية للنظام السوري، ولكنها فشلت حتى اليوم بتحقيق أي هدف من اهدافها في دمشق.

كذلك كانت اوامر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للعميد "سابقا" ​ثامر السبهان​ واضحة. إحداث التغيير الجذري في الوضع السياسي ال​لبنان​ي وإضعاف حلفاء ​إيران​ قدر المستطاع، وهذا ما حاول السبهان فعله إبان تسلمه الملف اللبناني، حيث كانت أبرز أسلحته وآخرها "هندسة استقالة ​سعد الحريري​" بالتعاون مع لبنانيين سياسيين وإعلاميين.

حسنا، فشل الملحق العسكري السعودي السابق الى لبنان بتحقيق المهمة أيضا، وتلقى "التأنيب" من دايفيد ساترفيلد على ما اعتبرته الإدارة الأميركية "خطوات متهورة"، وأحجمت السعودية عن دورها في لبنان ولو موقتا، لتجد ساحة اخرى اليوم "تسبح" فيها لمحاولة إحداث التغيير. انها ساحة إيران.

في 28 كانون الأول الماضي، انطلقت أول تظاهرة شعبية في إيران، وتحديدا من شمال شرق البلاد في مدينة مشهد، فحمل المتظاهرون مطالب شعبية محقة، والسبب الرئيسي لهذه التحركات كان افلاس 160 ألف عائلة "مشهدية" في مشروع "شانديز" وهو عبارة عن عملية نصب واحتيال كبيرة قام بها أحد المقربين من الحكومة الايرانية، لتتوالى بعدها التحركات على نطاق واسع للمطالبة بتحسين الوضع الضريبي، ومن بعدها للمطالبة بتغيير النظام في مناطق محددة.

لم يستطع السعوديون الوقوف على الحياد وانتظار التطورات، فالأحداث الدسمة في ايران دفعت بهم الى ركوب الموجة اعلاميا وسياسيا لمحاولة اشعال الأرض الايرانية. وفي هذا السياق تشير مصادر متابعة الى أن الاعلام السعودي شكّل رأس حربة في التظاهرات الايرانية مما أعاد الى الأذهان تعامله مع أحداث مصر وسوريا في بدايات الأزمات. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "توالت الأخبار المفبركة عن الاحداث في الشارع الايراني، فاحتوت على العبارات التالية "سقوط قتلى وجرحى"، "اعتداءات الشرطة على المتظاهرين"، "مئات الالاف من الايرانيين يخرجون الى الشوارع"، وغيرها من عبارات التجييش التي استُعلمت في سوريا مؤخرا"، اضافة الى استعمال الصور المفبركة او القديمة(1)، بحيث وصل الأمر ببعض الصور لعرض متظاهرين يرتدون اللباس الصيفي بينما الطقس في ايران اليوم قارس البرودة.

الى جانب الدور الإعلامي الحكومي كان للسعوديين الدور البارز على وسائل التواصل الاجتماعي ولعل المثال الأبرز على هذا الأمر كان ما ورد وفق احصائيات موقع "تويتر"، والتي اشارت الى ان أكثر من 31500 تغريدة تحت وسم تظاهرات "سراسرى" أي التظاهرات العامة التي حصلت بالساعات الأخيرة، والتي استخدمت في التحركات الايرانية الأخيرة، تم التغريد بها من السعودية، وكانت بنسبة 4% أكثر من التغريدات في إيران، وهذا الأمر بحسب المصادر إن دلّ على شيء فهو على حجم "الكره" السعودي للنظام الإيراني.

من الصعب على السعودية أن تؤثر في مزاج الايرانيين، ولكن الأمر يكون أسهل عندما يتعلق الأمر بجماعة "الأهواز" الذين هم من عرق عربي ويعادون بأغلبيتهم النظام الإيراني، ومن هنا تتدخل السعودية في ايران بحسب المصادر، مشيرة الى أنها حاولت استغلال هؤلاء في التحركات الحاصلة الا أن المزاج الايراني الذي تظاهر لأجل حقوقه المطلبية كان أوعى مما يُحاك ضده. وتقول المصادر: "إن نقطة ضعف المتآمرين على ايران كانت بالشعب الايراني بحد نفسه، فكثير من الشبان الذين تظاهروا مع بداية التحركات عادوا والتزموا منازلهم بعد التدخلات الخارجية من ​اميركا​ والسعودية و​اسرائيل​ لأنهم يرفضون أن يُتهموا بالتبعية".

لا يملك الحلف المعادي لإيران "اسلحة" مشابهة لما يملكه في سوريا أو لبنان، وبالتالي يعلم الحلف ان تأثيره على الواقع الإيراني لن يكون سهلا، خصوصا وأن الخيار العسكري غير مطروح، وهذا ما يجعله يعتمد على أسلوب "الحرب الناعمة" التي حذّر منها الامام الخامنئي منذ سنوات. فهل يتأثر النظام الايراني بما يجري، او أنه تحضّر لكل أنواع الحروب؟.

(1) انتشرت صورة شابة تحمل حجابها في طهران، فأصبحت الصورة أيقونة الثورة الجديدة، ليتبين أن تاريخ الصورة يعود الى حركة "الأربعاء الأبيض" على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أشهر. كذلك انتشر عالميا مقطعا مصورا لحشود كبيرة تتظاهر فكانت حقيقة المقطع أنه يعود للشعب البحريني في تحركاته.