من جديد، يتكرر مشهد المواطنين المسجونين داخل سياراتهم في صفوف لإجراء ​المعاينة الميكانيكية​، مع بداية العام كما كان يحصل في السنوات السابقة، وعادت معه الأسئلة لتطرح حول مصير المناقصة التي أجريت منذ أكثر من سنة، قبل أن يتم إيقافها نتيجة الضغوط التي حصلت في الشارع، خصوصاً أنها كانت تنص على انشاء 13 مركز معاينة.

في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إنّ ملف المناقصة لا يزال ينتظر قرار ​مجلس شورى الدولة​ بعد الطعون التي قدّمت به، وتشير إلى أن المجلس لم يصدر قراره حتى اليوم، في حين أن الشركة التي كانت مُشغّلة لمراكز المعاينة لا تزال مستمرة في عملها، الأمر الذي تُطرح حوله العديد من علامات الإستفهام.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن شورى الدولة كان من المفترض أن يبت بالأمر قبل فترة، تلفت إلى أن التغييرات التي طرأت عليه، لا سيما لناحية إستبدال رئيسه السابق القاضي ​شكري صادر​ بالقاضي ​هنري خوري​، من أسباب هذا التأخير، لكنها تشدد على أن الملفّ لم يعد يحتمل المزيد من المماطلة.

وتكشف المصادر نفسها أن الشركة المُشغلة تعمل دون أي عقد مع ​الدولة اللبنانية​ منذ النصف الثاني من العام 2016، وتشير إلى أن عقد الإستثمار الخاص بها انتهى في العام 2012، موضحة أنه بعد ذلك كانت تعمل بموجب قرار تمديد لها يصدر كل 6 أشهر، إلا أن هذا الأمر لم يحصل بعد نهاية شهر حزيران من العام 2016، وبالتالي الشركة اليوم تعمل دون أي رقابة أو علاقة مع الدولة اللبنانية باستثناء الموجبات التي تدفعها بشكل دوري.

بالإضافة إلى ذلك، تسأل المصادر المطلعة: "هل المعاينة تتم بشكل طبيعي"؟، لتجيب: "كل الدراسات تؤكد عدم ذلك نتيجة الضغط الذي يحصل، لا سيما أن المراكز الأربعة القائمة أنشئت على أساس وجود 600 ألف مركبة في لبنان، لكن اليوم هناك أكثر من مليوني مركبة"، وتذهب إلى حد القول أن وجودها بات لتحصيل الرسوم التي تدفع فقط لقاء ما تقوم به الشركة من أعمال، نظراً إلى أنه لا يمكن إستيفاء ​رسوم الميكانيك​ السنوية دون إجراء المعاينة بحسب القانون، من دون تجاهل ما يتعرض له المواطنون من إذلال على أبوابها، ولأعمال "السمسرة" التي تحصل لتمرير السيارات بطريقة أسهل وأسرع حتى ولو كانت مخالفة للسير.

من جانبها، تؤكد مصادر الشركة التي فازت في المناقصة (SGS)، لـ"النشرة"، أنها لا تزال تنتظر أن يبت القضاء في هذا الملف، وتفترض أن يكون بات في خواتيمه، وتضيف: "الشركة المُشغّلة اليوم تعمل بموجب مبدأ إستمرارية عمل المرفق العام، لكن من دون عقد نظراً إلى إنتهاء قرار التمديد لها"، لافتة إلى أنها لا تستطيع أن تقوم ببناء مراكز جديدة لأنها لا تعرف مصيرها بعد، وبالتالي كل الأمور متوقفة عند القرار الذي سيصدر عن شورى الدولة، حيث أنها في حال صرفت الأموال على ذلك قد تخسرها في حال تم تلزيم شركة أخرى بالمهام التي تقوم بها.

حول هذا الموضوع، يؤكد المدير العام لـ"شركة فال" المُشغلة لمراكز المعاينة ​وليد سليمان​، في حديث لـ"النشرة"، أن الشركة لا تزال مستمرة في عملها، سائلاً: "هل المطلوب أن نقفلها بإنتظار حل المشكلة"؟، مشيراً إلى أن أحداً لم يشتكِ من الزحمة إلا في الأيام الماضية، في حين أن العمل كان طبيعياً على مدار الأشهر السابقة.

ورداً على سؤال حول الأسس التي تعمل الشركة بناء عليها اليوم، يلفت سليمان إلى أن المهم هو أن الشركة تعمل على أحسن وجه، وهي تدفع المتوجبات التي عليها للدولة اللبنانية، ويضيف: "على هذا الأساس نحن مستمرون بالعمل".

في ظل هذا الواقع، من الضروري السؤال عن عمل اللجنة الوزارية التي كانت مكلفة متابعة هذا الملف، برئاسة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وعضوية وزراء الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ والمال ​علي حسن خليل​ والعدل ​سليم جريصاتي​ والاقتصاد والتجارة ​رائد خوري​، نظراً إلى أن المشكلة لا تزال على حالها، حيث تكشف مصادر وزارية مطلعة، عبر "النشرة"، أن اللجنة لم تصل إلى أي نتيجة تذكر، وهي لم تعد تعقد أي إجتماع لها منذ فترة طويلة.

في المحصلة، أزمة الإزدحام أمام مراكز المعاينة الميكانيكة باقية وتتجدد كل عام، من دون أن يتم البت في مصير المناقصة التي أجريت، في حين تبقى الشوائب التي ترافق عمل الشركة المُشغلة دون معالجة أيضاً، فهل لا يزال الهدف منها تأمين السلامة المرورية أم إستيفاء الرسوم من جيب المواطن فقط؟.