على ضوء الخلاف السياسي اللبناني المفتوح على ما يقال أنها "أزمة" المطالبة بالاصلاحات للقانون الانتخابي، انشغلت مختلف القوى اللبنانية والفلسطينية في لبنان بثلاث قضايا سياسية وأمنية ساخنة، ستكون مدار إهتمام ومتابعة في المرحلة المقبلة نظرا لتداعياتها على مجمل الواقع الفلسطيني في لبنان، أولها: عملية الإغتيال الفاشلة للقيادي في حركة "حماس" ​محمد حمدان​ في صيدا، ثانيها: الضغوط الاميركية المستمرة لإنهاء عمل وكالة "الاونروا"، وثالثها: متابعة اعمار "​حي الطيرة​" والاحياء المجاورة في ​مخيم عين الحلوة​ التي دمرت وتضررت في اشتباكي نيسان وآب من العام 2017 وما زالت جراحها نازفة الى اليوم.

في القضية الاولى، فقد ترك الانجاز الأمني الجديد الذي حققته الأجهزة الامنية اللبنانية بسرعة كشف شبكة من العملاء التي نفذت محاولة الإغتيال الفاشلة ضد القيادي في "​حركة حماس​" محمد حمدان "أبو حمزة" وفي أقل من أسبوع واحد، بعد زرع عبوة ناسفة بسيارته المركونة أمام منزله في "البستان الكبير" في صيدا، إرتياحا لدى مختلف القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية، التي اكدت "أن الأمن ممسوك وتحت السيطرة ولا خوف على لبنان من أي توتير".

وأوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن سرعة كشف منفذي الجريمة والتأكيد أن عملاء ل​اسرائيل​ يقفون وراءها، أحبط محاولة توتير داخلية، ارادت اسرائيل معها ضرب الوحدة الفلسطينية وحرف الانظار عما يجري في ​القدس​، والتنسيق والتعاون الفلسطيني اللبناني، وصولا الى توتير الوضع الأمني في عاصمة الجنوب التي تعتبر بوابة المقاومة، غير ان سرعة الرد بكشف الجناة والرسائل التي قوبلت بها الجريمة، احبطت هذه المحاولة لتزيد التعاون والتأكيد على احتضان القضية الفلسطينية ومقاوميها، وسط حرص حمساوي على الرد واستمرار المقاومة وعملياتها النوعية ولكن داخل الاراضي الفلسطينيّة، دون ان تستدرج الى حرب أمنيّة مفتوحة خارج الحدود.

وتؤكد المصادر ان لقاءين اخذا الاهتمام: الأول لمدير المخابرات في ​الجيش اللبناني​ العميد طوني منصور الذي عقد اجتماعا في ثكنة محمد زغيب العكسرية لكبار الضباط، بمشاركة رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد فوزي حمادي، والثاني لزيارة نائب السفير الايراني في لبنان القائم بأعمال السفارة الايرانية في بيروت ​محمد صادق فضلي​ موفدا من السفير الايراني في بيروت ​محمد فتحعلي​، الى حمدان للاطمئنان على صحّته، حملتا دلالتين أمنية وسياسية، الاولى، اللبنانية احباط اي اعتداء أمني يهدف لضرب الاستقرار، والثانية الايرانية لما فيها من احتضان وحرص على الدعم السياسي و"وقوف الجمهورية الاسلامية الدائم الى جانب ​الشعب الفلسطيني​ "حتى تحرير فلسطين كل فلسطين".

إنهاء الأونروا

ي القضية الثانية، تزايد المخاوف من التهديد الاميركي بوقف دفع المساعدات المالية لوكالة "الاونروا" والى السلطة الفلسطينية في اطار خطة "أميركية-اسرائيلية"، تهدف الى ممارسة ضغوط سياسية على القيادة الفلسطينية للقبول بالقدس عاصمة لاسرائيل وتاليا استئناف مفاوضات السلام من جهة، ومحاولة إنهاء عمل "الاونروا" ووصولا الى شطب قضية اللاجئين من جهة أخرى.

وتقدم ​الولايات المتحدة الاميركية​، ثلث الموازنة العامة لوكالة "الاونروا"، فبعد التهديد بتجميد دفع المساعدات عادت وقدّمت مبلغ 60 مليون دولار فقط، وجمدت مبلغ 65 مليون دولار من قيمة مساعداتها لوكالة "الاونروا" السنوية التي بلغت في العام 2017 قرابة 364 مليون دولار، فيما تترنح موازنتها بعجز مالي وصل نهاية العام الماضي الى نحو 49 مليون دولار ومع بداية العام الجاري الى 174 مليون دولار.

ولاحظت اوساط متابعة تدرّج الضغوط الاميركية ككرة الثلج لتحقيق الهدف، لافتة الى ثلاثة مؤشرات جديدة، اولها: الطرح الاميركي الجديد بإنتقال خدمات "الاونروا" إلى ​المفوضية العليا لشؤون اللاجئين​ (UNHCR)، وهو ما يرفضه الشعب الفلسطيني وقواه السياسية ويصر على التمسك بالمؤسسة الدولية كشاهد حيّ على "نكبة فلسطين" وعلى حقهم في العودة، وثانيها وقف الولايات المتحدة الاميركية مساعدات مالية جديدة بـ45 مليون دولار كانت تقدم كمساعدات انسانية وغذائية، وثالثها المحاولة الاسرائيليّة لاستغلال الاحصاء الأخير الذي جرى في لبنان، للاشارة الى ان اعداد اللاجئين الفلسطينيين الفعلية ضئيلة ما يربو عن 174 الف، خلافا لما هو مسجّل في قيود وكالة "الاونروا" والبالغ نحو 550 الفا.

هذه الضغوط، انعكست على الوكالة الدولية بظل من الارباك والقلق، بدأت بمواجهتها بإتجاهين الاول: اعلان حالة التقشّف دون المساس بقطاعي الصحة والتعليم، وإنما على مستوى التوظيف والتعاقد وورش العمل ونفقات السفر والاقامة وسواها، وباطلاق حملة تبرعات عالميّة تطال للمرة الاولى الافراد والجمعيات والمؤسسات وليس الدول وحدها لدعمها، وسد العجز المالي على اعتبار ان إنهيار "الاونروا" سيساهم باستفحال الخطر في منطقة الشرق الاوسط، ويؤثر على الأمن والسلام في الدول المضيفة ولا سيما لبنان وسوريا ومجمل دول المنطقة والعالم، وعلى مصير اللاجئين أنفسهم الذين قد يتحولون الى "قنابل موقوتة"، اذا جرى خنقهم ومحاصرتهم إنسانيا وحياتيا، ووسط تأكيد ان "الأونروا" مصممة على مواصلة تقديم الدعم الحيوي للاجئي فلسطين.

اعمار الطيرة

وفي القضية الثالثة، متابعة القوى الفلسطينية اللجان الشعبية والاحياء في مخيم عين الحلوة الاستعداد لبدء اعادة اعمار حي الطيرة والاحياء المجاورة التي دمرت او تضررت كليا او جزئيا في اشتباكي نيسان واب في العام 2017، بهبة يابانية قيمتها 3 ملايين دولار اميركي، اضافة الى بدء تنفيذ مشروع ترميم المنازل من قبل "الاونروا" في مخيمات لبنان حيث تبلغ حصة المخيم ما يزيد عن 100 منزل.

وقد طالبت "المبادرة الشعبية الفلسطينية" بعد إجتماع موسع مع لجان الأحياء في قاعة "القاطع الخامس" في "حي صفورية"، بوضع رؤية شعبية موحدة، تشمل تحديد المعايير والآليات التي تضمن وصول الحقوق لأصحابها في المشاريع الخدماتية التي تنفذها "الاونروا" وبعض المؤسسات الدولية والمحلية في مخيم عين الحلوة، وتأكيد ان اهمية اعتماد معايير الشفافية والعدالة بعيدا عن "المعايير الفضفاضة التي اعتمدتها "الأونروا" في السابق، والتي تجعل من كل منزل في المخيم قابل الى احتمال الرفض او القبول، وهو ما يسهل لقوى النفوذ التدخل، فجرى اقتراح إعتماد محدد وواضح يقوم على الحسم في المعايير الهندسيّة لكل منزل يسكنه أصحابه بشكل دائم".