انطلقت التحضيرات العملية كي تحصل الانتخابات النيابية حسب القانون الجديد دون اي تعديلات جديدة كما اقترح رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​، وذلك في بداية شهر أيار المقبل .

الكلام كثير حول النتائج المتوقعة لهذه الانتخابات وتتراوح التوقعات بين حصول ​حزب الله​ وحلفائه على الأغلبية النيابية في المجلس الجديد، في موازاة دخول وجوه جديدة الى البرلمان يمكن ان تشكل نواة معارضة حقيقية خلافا لما كان سائدا في السابق، خصوصًا وان من وظائف المجالس النيابية في الأنظمة الديمقراطية هي محاسبة ومراقبة وتصويب مسار السلطة التنفيذية .

وترى مصادر سياسية الكلام عن ان الصراع في هذه الانتخابات محوره لمن ستؤول ​رئاسة الجمهورية​ في ضوء نتائجها قد يكون صحيحا في جزء منه، بإعتبار ان المرشحين الفعليين هم ثلاثة: جبران باسيل ورئيس حزب "القوّات اللبنانية" ​سمير جعجع​ ورئيس تيّار "​المردة​" النائب ​سليمان فرنجية​. لكن هذه المقاربة غير واقعية في جزء كبير منها لان ظروف وحسابات الانتخابات الرئاسية لا علاقة لها بمن سيحصد الأغلبية النيابية كي تصبح حظوظه للوصول الى قصر بعبدا كبيرة، والدليل ان اكبر كتلة نيابية كانت ضدّ وصول العماد عون الى القصر الرئاسي، ولكن النتيجة كانت ان اصبح عون رئيسا للجمهورية .

في المقابل اضافت المصادر، ان نتائج الانتخابات النيابية العامة ان لم تكن من اهم نتائجها تشكيل حكومة جديدة مع توجّه سياسي جديد، وان الكلام عن استبعاد حزب الله عن اي حكومة مقبلة كما تتمنى بعض العواصم الغربية والعربية هو امر مستحيل، وقد أشار رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في مقابلة مع صحيفة اميركية مؤخّرًا الى ان هذا الحزب هو مكون أساسي من المكونات اللبنانية، ولا يمكن استبعاده عن المشاركة في الحكم .

ولاحظت المصادر ان تشكيل حكومة جديدة بعد هذه الانتخابات مرتبط ارتباطا وثيقا بالخلافات السياسية بين السلطتين الاولى والثانية حول ملفات تعتبرها السلطة الاولى ان مرجعية حلّها هو القضاء والمؤسسات الدستورية، بينما تعتبر السلطة الثانية ان ما يحصل هو خلاف للدستور والميثاقية .

وتخشى المصادر من ان عدم وجود توافق سياسي لحل هذه الاشكاليّة قبل الانتخابات النيابيّة، سيكون عقبة كبرى امام تشكيل حكومة جديدة وان تبقى حكومة الحريري في حكم تصريف الاعمال، وبالتالي يبدأ البحث عن تفسير الدستور والميثاقيّة مع ما يمكن ان يتبع ذلك من ازمة سياسية تهدد الاستقرار السياسي .

وتشير المعطيات المتوفرة حتى الساعة وبحسب مصادر مقربة من بعبدا الى ان رئاسة المجلس النيابي تحاول فرض وزارة الماليّة كشريك أساسي في اتخاذ القرارات على اساس ان هذه الحقيبة هي من الحقوق الحصريّة للطائفة الشيعيّة، وهذا ما ترفضه رئاسة الجمهورية، وبالتالي سيكون لها موقف بهذا الاتجاه عند تشكيل الحكومة المقبلة، خصوصًا وان إصدار مراسيم التشكيلة امر منوط فقط برئيس البلاد ويتطلب توقيعه الى جانب رئيس الحكومة .

وقالت المصادر انه اذا كان تصرف رئيس المجلس يهدف الى وضع العصي في دواليب العهد بعد ان انتخب عون دون موافقته، فإن معالجة هذا الامر ممكنة، وهذه مهمة الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​، التي لم تتضح بعد مواقفه الصريحة من المشكلة القائمة التي تسبب بها مرسوم أحقيّة ترقية ضباط في ​الجيش اللبناني​ .

ولاحظت المصادر ان رؤية سيد العهد المعلنة لبناء الدولة وفي كل المجالات، لا تتماشى مع موقف رئيس السلطة التشريعية الموجود في هذا المركز منذ حوالي ربع قرن، وهذا يمكن ان ينتج وضعا يهدّد وساطة حزب الله حليف الاثنين، ويعرض تحالف التيار الوطني الحر وهذا الاخير الى خطر الانفصال .