بعد يومين على نقل أحد ​المواقع الالكترونية​ السعوديّة، عن مصدر وصفه بـ"الكبير"، معلومات مفادها أن مسؤولاً سعودياً اتصل بوزير ​لبنان​ي مؤخراً، حيث أبلغه أن "هرولة" رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ إلى ​تركيا​ ستكلفه ثمناً باهظاً، وأن تحالفه مع تركيا لن يمرّ مرور الكرام، قررت ​الرياض​ الخروج عن صمتها رسمياً، من خلال نفي ​وزارة الخارجية​ في المملكة هذه الأنباء جملة وتفصيلاً.

على هذا الصعيد، من الضروري الإشارة إلى أن العلاقات ​السعودية​-التركية ليست بأحسن حال، لا سيما منذ تفجر الأزمة مع قطر، في حين أن العلاقة بين الرياض والحريري، منذ إعلانه عن استقالته ومن ثم عودته عنها بعد عودته إلى لبنان، لم تعد إلى سابق عهدها بعد، وبالتالي "الانزعاج" الذي تمت الإشارة إليه غير مستبعد، حتى ولو قررت المملكة نفيه من وجهة نظر مصادر مطلعة.

في هذا السياق، تشير هذه المصادر إلى أن السر في النفي الرسمي السعودي يعود إلى أمرين أساسيين، الأول عدم رغبتها في التصعيد ضد ​أنقرة​ بسبب الملفّ اللبناني، لا سيما أن هذه الساحة ليست حلبة تنافس بين الجانبين، والثاني هو عدم رغبتها في دفع الحريري إلى هذا الخيار، خصوصاً في ظل العلاقة الملتبسة بينهما، وبالتالي ليست من مصلحتها اليوم أن تظهر أن هناك قوة إقليمية سنيّة أخرى فاعلة في ​بيروت​.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن أنقرة قادرة على لعب دور بارز على الساحة اللبنانية في حال قررت ذلك، لا سيما في ​طرابلس​ وعكار، بسبب الشعبية التي يتمتع بها رئيسها ​رجب طيب أردوغان​ في الشارع السني، خصوصاً أن البلاد على موعد مع الانتخابات النيابية في شهر أيار المقبل، إلا أنها تشير إلى أن هذا الأمر يتطلب منها صرف الكثير من الأموال، في حين أنها غارقة في ​الحرب السورية​، بعد أن دخلت في مواجهة مفتوحة مع "​قوات سوريا الديمقراطية​" من دون أن تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.

على المقلب الآخر، تؤكد المصادر المطلعة أن الرياض، على الرغم من تراجع مستوى العلاقة التي تجمعها بالحريري بعد الأزمة الأخيرة، لم تقرر بأي شكل من الأشكال التخلي عنه، خصوصاً أنه حتى الساعة لم تبرز أي شخصية قادرة على أن تتولى تمثيلها في لبنان بديلاً عنه، في حين هو من يتصرف اليوم من موقع القوي، نظراً إلى قدرته على نسج تحالفات واسعة على المستوى الوطني، أبرزها مع "​التيار الوطني الحر​".

انطلاقاً من ذلك، تشير هذه المصادر إلى حالة الإرباك التي تسيطر على حلفاء السعودية في لبنان، الذين كانوا يتوقعون منها أن تأخذ المبادرة لدعمهم في وجه الحريري، بسبب عدم حمله لواء المواجهة مع "​حزب الله​"، والدليل تراجع فرص عقدهم تحالفات في ما بينهم في الاستحقاق الانتخابي، متوقعة ألا تعمد الرياض، في حال لم تدعم رئيس الحكومة، إلى تبني دعم قوى وشخصيات منافسة له، مع العلم أنها ستحافظ على علاقتها مع مختلف الأفرقاء الفاعلين على الساحة السنية.

في المحصلة، ترى المصادر نفسها أن الجانبين وجدا أن لا بديلَ عن الحفاظ على العلاقة بينهما على الأقل في وقت الراهن، حيث لا مصلحة لهما بالطلاق.