لا تشبه طريقة اختيار ​حزب الله​ مرشحيه، الأساليب التي يعتمدها ​التيار الوطني الحر​ أو ​حركة أمل​ أو ​تيار المستقبل​ على سبيل المثال. هيكليته تختلف عن باقي الأحزاب.

يمرّ اختيار مرشحي الراية الصفراء للانتخابات النيابية عبر آليات تنظيمية. وكما هو معلوم توكل إلى لجان متخصّصة، مهمة متابعة التاريخ الحزبي للمرشحين وأدائهم ومدى تفاعلهم مع ​القاعدة​ الشعبية وكفاءاتهم وقدرتهم على تحمّل الأعباء والمسؤوليات في الملفات الموكلة إليهم. هذه اللجان مرجعيتها التنفيذية نائب الأمين العام لحزب الله ​الشيخ نعيم قاسم​. يدخل أعضاؤها دوائر المرشحين ومناطقهم لاستمزاج الرأي الشعبي نحوهم، بالتوازي مع دراسة إنجازات أصحاب "السعادة" بطريقة علمية خلال فترة ولايتهم النيابية لتخلص اللجان إلى وضع تقييمها ورفعه إلى مجلس شورى حزب الله لاتخاذ القرار المناسب على ضوء درجات التقييم التي قد تتراوح بين مقبول ومستوى أول.

لقد أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد ​حسن نصرالله​ أمس، بناء على ما تقدّم، أسماء مرشحي الحزب للانتخابات النيابية المقبلة. وقال: "إنّنا اخترنا مرشحينا لكفاءاتهم، وتوجّه إلى جمهور المقاومة على وجه الخصوص بالقول آمل "أن ينالوا ثقتكم واعتمادكم".

في خطوة متقدّمة، لجأ حزب الله لأول مرة إلى اعتماد فصل النيابة عن الوزارة. فرشّح الوزير ​حسين الحاج حسن​ في دائرة ​بعلبك​ – ​الهرمل​ ساحباً منه الوزارة. بيد أنه فضّل عدم ترشيح الوزير ​محمد فنيش​ ليتفرّغ للوزارة على مدى السنوات الأربع المقبلة. بمعنى أنه حتى لو تبدّلتالحكومات سيبقى الوزير فنيش طيلة ولاية مجلس العام 2018. ومردّ ذلك، أنّ فنيش لديه طاقة سياسية وإدارية هامة وقدرات ومواهب بلورتها خبرته النيابية منذ العام 1992 والوزارية منذ العام 2005. والمعروف أنّ إبن صور لقب خلال ​الحكومة​ الأولى للرئيس ​سعد الحريري​ بصاحب الفتاوى الفقهية. مما يعني أنّ حزب الله سيتّجه في حكومة ما بعد الاستحقاق الانتخابي إلى البحث عن وزير بقاعي.

لم يطرأ أي تغيير على أسماء نواب دائرة الجنوب الثالثة ​محمد رعد​، ​حسن فضل الله​، و​علي فياض​ الذي حلّ أولاً في دائرته بحسب استطلاعات مراكز متخصّصة بموضوع الانتخابات. وبرز في إدارته ملف ​القانون الانتخابي​ كخبير متمرس، ثم في متابعته لملف الليطاني واهتمامه بقضايا البيئة،فضلا عن تمتعه بعلاقات شعبية واسعة خارج الامتداد الشيعي في منطقته. ويصنف كأحد أبرز الوجوه التشريعية في ​المجلس النيابي​، فغالبا ما توكل إليه الملفات الصعبة. أما في دائرة الجنوب الثانية فتم الإبقاء على النائب نوّاف الموسوي مع ترشيح حسين جشي بدلاً من فنيش.

وفي دائرة ​بعبدا​، تمسك حزب الله بالنائب ​علي عمار​ لاعتبارات عدة تتصل بخصوصية هذه الدائرة المتنوّعة طائفياً، لا سيما أن النائب عمار نجح في شبك علاقات جيدة مع المسيحيين في المنطقة.

لقد طالت التغييرات دائرة ​البقاع الشمالي​ بصورة أساسية مستندة إلى التكتيك السياسي والحرفنة.فتمّ ترشيح السيد ​إبراهيم الموسوي​ مكان النائب ​حسين الموسوي​، علماً أنّ الأخير هو من فضّل العودة إلى العمل في الأطر القيادية في حزب الله وترك العمل النيابي. فأبو هشام هو منالجيل المؤسّس للمقاومة ويتحرّك بكثير من الاحتياط الأمني. وتجدر الإشارة إلى أنّ الدكتور الموسوي هو المرشح الثالث من ​النبي شيت​، بعد أبي هشام والنائب الأسبق السيد ​عمار الموسوي​ الذي انتُخب في العام 1996. وبينما أُعيدت تسمية الحاج حسن، والنائب الدكتور علي المقدادالذي يحظى بالتفاف شعبي نظراً لخدماته الإنسانية بصفته طبيباً،قرّر حزب الله ترشيح الدكتور إيهاب حماده مسؤول قطاع حزب الله في منطقة الهرمل، مكان النائب ​نوار الساحلي​، لاعتبارات لا علاقة لها بالساحلي، إنما لخصوصيات عائلية ستظهر مفاعيلها الإيجابية في نتائج الانتخابات، فعائلة حمادة من العائلات ذات التاريخ السياسي في الهرمل. صبري حماده انتخب أول رئيس مجلس نواب بعد الاستقلال، والدكتور ​طراد حمادة​ كان أول وزير لحزب الله في حكومة الرئيس ​نجيب ميقاتي​ الأولى إبان عهد الرئيس ​إميل لحود​ في العام 2005.

وبينما سمّى حزب الله النائب السابق ​أمين شري​ مرشحاً عن دائرة بيروت الثانية، بعدما كان قد سحبه في السنوات الماضية لكون ​قانون الستين​ لا يسمح إلا بوصول شيعي واحد (حصة حركة أمل)، فقد رشح في جبيل الشيخ حسين زعيتر ابن ​بلدة القصر​ على ​الحدود اللبنانية السورية​ ومسؤول القطاع الخامس عن دائرة جبيل – ​كسروان​، من منطلق علاقاته القوية مع الأطراف كافة في المنطقة ودوره الخدمي، ليكون الإعلامي أنور جمعة مرشح زحلة الوحيد من خارج "النسق القيادي" في الحزب.

وعليه، يمكن القول، إنّ اثنين من المؤسسين للحزب (فنيش والموسوي) سيخرجان من البرلمان في أيار 2018، ليبقى فقط من الجيل المؤسّس رئيس ​كتلة الوفاء للمقاومة​، ويمكن القول أيضاً إنّ جزءاً من كلام السيد نصرالله جاء تصويباً لخيار ترشيح زعيتر بعد التساؤلات والملاحظات التيطرحت، لكونه ليس من أبناء مدينة الحرف، حيث أشار إلى أنّ "الانتخابات النيابية هي عمل سياسي وحزب الله يمثّل الكثير من العوائل، فيختار من كوادره مَن يرى لديه كفاءة لهذا التمثيل، وأن الأخوة يتمّ اختيارهم بأشخاصهم لأنهم يمثّلون حزب الله"، علماً أنّ كلام الأمين العام عن مرشّحي الراية الصفراء أو عن الذين سيكونون خارج اللعبة الانتخابية، عكس نمط العلاقة السائد بين مسؤولي الحزب القائم على الثقة.

تقصّد السيد نصر الله التعريج على ملف الهجوم الأميركي على حزب الله عشية الانتخابات، قائلاً إنّ هناك مَن ينفق مئات ملايين الدولارات لتشويه سمعة حزب الله وصورته وقياداته ومسؤوليه، متوقعاً هجمة إلكترونية معيّنة على مرشحي الحزب لتشويه صورتهم.

وبناء على ذلك، يعتبر حزب الله، بحسب مصادر مقرّبة منه لـ"البناء" أنّ حملة التشويه الأميركية - "الإسرائيلية" في ذروتها، ف​الولايات المتحدة​ مستمرة بخطابها التصعيدي الذي لا لبس فيه. ولا تزال تنفق الأموال لتشويه صورة الحزب عبر وسائل عدّة، ولعل "التواصل الاجتماعي" إحدى الساحات التي تخاض فيها هذه الحملات ضدّه. لكن هذه الحملات كلها لن تحقق أهدافها.