بعد إقرار ​قانون الإنتخاب​ النسبي، الذي يعتمد الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، شعرت العديد من القوى والشخصيات السياسية في دائرة الجنوب الثالثة (​بنت جبيل​-النبطية-حاصبيا-​مرجعيون​) أنها تملك القدرة على خرق اللائحة التي يؤلفها الثنائي الشيعي، أي "​حزب الله​ و​حركة أمل​"، و"​الحزب السوري القومي الإجتماعي​"، الذي يرشح رئيس المجلس الأعلى فيه النائب ​أسعد حردان​ عن المقعد الأرثوذكسي، لكن هذا الأمر كان يتطلب من هؤلاء التكتل ضمن لائحة واحدة، تكون قادرة على الخرق بمقعد واحد أو مقعدين (السني والأرثوذكسي).

في هذه الدائرة التي يبلغ عدد المقاعد فيها 11: 8 شيعة، 1 سنة، 1 دروز، 1 أرثوذكس، يبلغ عدد الناخبين 460491، لم تنجح القوى المعارضة، التي تضم كل من تيار "المستقبل" و"​الحزب الشيوعي​" و"​منظمة العمل الشيوعي​" و"حركة اليسار الديمقراطي" والمجتمع المدني والمستشار العام لحزب "الإنتماء اللبناني" ​أحمد الأسعد​، بالتوافق على تشكيل لائحة واحدة، بل على العكس من ذلك حيث يجري الحديث اليوم عن 3 لوائح بالحد الأدنى.

في قراءة لواقع هذه الدائرة، يشير الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الحاصل الإنتخابي من المتوقع أن يكون هو الأكبر بالمقارنة مع باقي الدوائر بسبب إرتفاع عدد الناخبين فيها، ويوضح أن الثنائي الشيعي يسعى في الإنتخابات المقبلة إلى رفع نسبة الإقتراع للوصول إلى حاصل إنتخابي لا تستطيع اللوائح المعارضة الوصول له.

وفي حين يلفت إلى أن هذا الحاصل قد يكون بحدود 25000 صوت، يرى أن وجود أكثر من لائحة معارضة سيؤدي إلى تشتيت الأصوات ما يعني صعوبة وصول أي منها إلى العتبة المؤهلة لحجز مقعد في هذه الدائرة، موضحاً أن الخلافات السياسية، بالإضافة إلى الحسابات الخاصة بكل منهم، منعت هذه الشخصيات والقوى من تشكيل لائحة واحدة تكون قادرة على المنافسة.

في هذا السياق، تضم لائحة "حزب الله" و"أمل" و"القومي" كل من ​محمد رعد​، ​علي حسن خليل​، ​ياسين جابر​، ​هاني قبيسي​، ​أيوب حميد​، ​حسن فضل الله​، ​علي فياض​، ​علي بزي​ (عن المقاعد الشيعية الثمانية)، أسعد حردان (عن المقعد الارثوذكسي)، ​قاسم هاشم​ (عن المقعد السنّي)، ​أنور الخليل​ (عن المقعد الدرزي)، والأخير يحظى بدعم رئيس "​اللقاء الديمقراطي​" النائب ​وليد جنبلاط​، الذي تفاهم مع رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ على هذا التوجه.

في المقابل، كان المستشار العام لحزب "الإنتماء اللبناني" هو أول من كشف أوراقه من القوى المعارضة، حيث أعلن عن لائحة غير مكتملة "فينا نغير" تضم إلى جانبه العميد الركن المتقاعد عدنان الخطيب (عن المقعد السني)، مُنح صعب (عن المقعد الاورثوذكسي)، كنج علم الدين (عن المقعد الدرزي)، محمد فرج عن المقعد الشيعي في قضاء بنت جبيل، عبير رمضان الأسعد المقعد الشيعي في قضاء مرجعيون-حاصبيا، عبد الله السلمان عن المقعد الشيعي في قضاء مرجعيون-حاصبيا، رباح أبي حيدر عن المقعد الشيعي في ​قضاء النبطية​، إلا أن المفارقة التي ستواجه هذه اللائحة، هي شقيق أحمد الأسعد، وائل الأسعد، الذي يدرس إمكان ترشحه للانتخابات عن المقعد الشيعي في قضاء مرجعيون، بعد أن قرر أحمد الأسعد أن ينقل ترشيحه إلى قضاء النبطية، ويرشح زوجته عن المقعد الشيعي في مرجعيون.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تظهر اللائحة الثانية المنافسة للائحة الثنائي الشيعي و"القومي" خلال أيام قليلة، وهي ستكون مكونة، بعد مفاوضات طويلة، من القوى اليسارية، أي الحزب "الشيوعي" و"منظمة العمل الشيوعي" وحركة "اليسار الديمقراطي"، بالإضافة إلى قوى وشخصيات من المجتمع المدني مثل مجموعة "​بدنا نحاسب​" و"الجنوب يستطيع"، وهي ستكون لائكة مكتملة، تشير مصادرها إلى أن التركيز اليوم هو على "تشكيل لائحة معارضة ومستقلة تضم أسماء جديدة"، أما الهدف فهو "توحيد القوى المعارضة لخرق اللائحة الأساسية"، بالإضافة إلى ذلك تلفت إلى الحرص على الإستماع إلى أراء الناخبين، خصوصاً بالنسبة إلى المرشح عن المقعد السني في هذه الدائرة.

وسط هذه الأجواء، يأتي السؤال عن توجه تيار "المستقبل" في هذه الدائرة، الذي يملك حضوراً بارزاً فيها في قرى العرقوب، إلا أن مصادره توضح، عبر "النشرة"، أنه لم يحسم أمره، لكنها تؤكد أنه لن يتركها، ومن هذا المنطلق سيكون له مرشح عن المقعد السني ضمن لائحة تخوض المعركة ضد لائحة الثنائي الشيعي، خصوصاً أن هناك إمكانية لتشكيل لائحة مع شخصيات شيعية ومسيحية من خارج دائرة "حزب الله" و"حركة أمل"، ويُطرح في هذا السياق إسم رجل الأعمال عماد الخطيب، الذي يعتبر حليفاً لتيار "المستقبل"، بالإضافة إلى عضو المكتب السياسي في التيار زياد الضاهر، لكن المرجح هو تبني ترشيح الخطيب، الذي يحظى بدعم رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، في حين لم يحسم "​التيار الوطني الحر​" خياره، بالنسبة إلى إمكانية تبني أو دعم مرشح عن المقعد الأرثوذكسي بوجه مرشح "القومي".

في المحصّلة، تسعى القوى المعارضة لـ"الثنائي الشيعي" إلى خوض معركة عنوانها محاولة "الخرق"، بالرغم من صعوبة هذا الأمر في ظل الواقع الحالي، لا سيما في المقعدين السني والأرثوذكسي.