منذ انطلاق عملية الاعلان عن المرشحين الحزبيين وتبلور ملامح عدد من اللوائح وأبرزها تلك الخاصة بالثنائي الشيعي، بدا واضحا ان هناك تفاهما بين ​حزب الله​ و"​التيار الوطني الحر​" على تفهّم خصوصيات بعضهما البعض من خلال اعطاء الحزب الأولوية لتحالفه الاستراتيجي مع حركة "أمل"، مقابل تفهم الهامش الواسع لتحرك العونيين بهدف السعي لتأمين أكبر كتلة مسيحيّة تساند الكتلة الشيعية في البرلمان المقبل.

الا ان ما لم يحسب حزب الله حسابه هو،ما تقول مصادر في قوى 8 آذار مقربة منه، "المطالب العونيّة المضخّمة" حيث تقضي المصلحة الانتخابية تلاقي الطرفين على لائحة واحدة. وتقول المصادر في هذا المجال:"خلال أول اجتماع تنسيقي عُقد بين قيادتي حزب الله والوطني الحر، أُبلغ رئيس التيار وزير الخارجيّة جبران باسيل صراحة انّه حر باتخاذ الوضعية التي تناسبه، فاذا قرر خوض المعركة الانتخابية الى جانب الحزب في الدوائر كافة، كان به، واذا ارتأى الانتقائية في التحالفات، فالحزب يتفهم ذلك باعتبار ان الهدف المشترك الفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية وتأمين أن تكون الكتلة المسيحيّة الأكبر هي كتلة "التيار الوطني الحر".

وقبل أيام من الموعد النهائي الذي حددته وزارة الداخلية لانضمام المرشحين الى لوائح محددة، لا يبدو المشهد الحالي مشابها لذلك الذي توقعه حزب الله، بحسب المصادر، "مع تخبّط قيادة التيار حتى الساعة في أكثر من دائرة نظرا لمطالب مضخّمة وتفوق قدرتها وحجمها في أكثر من دائرة"، لافتة الى ان "مطالبة "الوطني الحر" بالمقعدين الماروني والكاثوليكي في بعلبك–الهرمل كما بالمقعدين الارثوذكسي والماروني في البقاع الغربي، لا بل بمقعدين 2 أيضا في دائرة بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا والنبطية، يؤكد انتهاج القيادة العونيّة سياسة بعيدة عن الواقعيّة، خاصة وان حجم التيار في الدوائر المذكورة لا يخوّله الحصول حتى على مقعد واحد في كل منها". وتضيف المصادر:"رغم ذلك، لا يزال حزب الله يصر على تأمين مصلحة "الوطني الحر" في بقيّة الدوائر كبعبدا مثلا، كما في دائرة الشمال الثالثة حيث سيقسّم أصوات الناخبين الشيعة ما بين تيار "المردة" في زغرتا والوزير باسيل في البترون".

ولا يقتصر الخلاف الانتخابي بين حزب الله و"التيار الوطني الحر" على الدوائر السابق ذكرها، بل يطال وبشكل اساسي دائرة كسروان–جبيل، حيث يختلف الفريقان على اسم المرشح الشيعي، اذ يصر الوزير باسيل على تسمية مشتركة لشخصيّة شيعيّة على غرار النائب عباس الهاشم، مقابل رفض حزب الله التداول بسيناريو مماثل، وتمسكه بتسمية المرشح الشيعي في جبيل، من منطلق انه ووفق القانون النسبي الجديد، فان الحزب قادر على ضمان فوز مرشحه بأصوات الكتلة الناخبة الشيعيّة التي تؤمن وحدها حاصلا انتخابيا.

أما في جزّين، فتتحدث المصادر عن ان المعركة هناك "عبارة عن مواجهة مباشرة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة "الوطني الحر"، بحيث يُدرك حزب الله انه غير قادر على تغيير معطياتها وظروفها، بعدما كان قد أعلن بوقت سابق انّه في الدوائر حيث المواجهة مباشرة بين حليفيه، فهو سيكون بصف حليفه الشيعي".

بالمحصّلة، لا يبدو أن مهمة "الوطني الحر" بحسم امره بموضوع الانضمام الى لوائح انتخابية او تشكيل لوائح خاصة به ستكون سهلة بعدما باتت المهل تداهمه، فهو على الأرجح الحزب الوحيد الذي لا يزال يواجه هذا الكمّ من العقد. فهل ينجح بالخروج منها سريعا أم سيبقى يتخبط فيها،وغدا لناظره قريب؟.