لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أنه "في النظر، كما في الواقع، يسفر غياب الإرادة العربية عن غياب عربي للدور والتأثير، وتتجلى مظاهر ذلك حتى في أشد القضايا العربية ​حساسية​ وخصوصية، آخر تلك المظاهر اجتماع ثلاثي ​روسيا​ و​تركيا​ و​إيران​ حول ​سوريا​ العربية، أو حول تقرير مصير سوريا وشعبها العربي، فأي فشل بعد هذا، وأي خذلان؟ اجتماع حول دولة عربية صميمة تقع في قلب القلب يغيب عنه العرب تماماً، فيما تترك فيه المسافة للتركي والإيراني بالتعاون مع روسيا نحو التدخل السافر والشائن في الشأن السوري، وكأن سوريا كعكة يتقاسمها هؤلاء في غياب صيغة الحد الأدنى من التضامن والتفاهم العربيين. إنه واقع غريب وغير مقبول، لكن معالجته تتطلب استحضار وعي عربي عميق بالخبرات والتجارب العربية، وإذا كانت مأساة العرب الحقيقية أنهم لا يقرؤون تاريخهم بما فيه الحديث والمعاصر، ولا ينطلقون من وعي التاريخ بقدر ما ينطلقون من أفكار ضيّقة، وربما من تكتيكات صغيرة لا تحيل في منتصف المطاف ونهايته إلا للمزيد من اللهاث والمتاهة، فإن الواقع يدعوهم إلى ضرورة مراجعة التجربة، واستيعاب قضية التغيير بعيداً عما سميّت ثورات ​الربيع العربي​، وهي التي أثبتت فشلاً ذريعاً رتّب في مناطق عربية عديدة أوضاعاً كارثية وأكثر سوءاً".

واعتبرت أنه "لا بد من مراجعة النظام العربي، وصولاً إلى تغليب روح العقل والحكمة، والبحث عن صيغة أصيلة تدخل في المعاصرة أبعد وأعمق، والانطلاق، بالتالي، من وعي الخبرات العربية الخصوصية. الوعي طريق التغيير، واليوم لدى العرب أنموذج جدير بالاقتداء، وهو ما يجسّده، بوضوح أصبح شديداً، بعد فضح نظام قطر وعلاقته المريبة المعلنة مع التركي والإيراني والحوثي إلى جانب تنظيمات ​الإرهاب​ والظلام والطائفية والتكفير، بدءاً من ​الإخوان المسلمين​ مروراً بتنظيم "داعش" وليس انتهاء ب​تنظيم القاعدة​ الإرهابي، المحور العربي الطليعي الجديد"، مشيرةً إلى انه "اليوم لدينا محور التنوير والرشد والاعتدال، متمثلاً خصوصاً في دولة ​الإمارات​ والمملكة العربية ​السعودية​ ومصر، المحور الجدير بالتقدير والاحترام، فلا بد من التمسك به نحو توسيعه، بالتزامن مع وعي أن أسلوب التضامن العربي الحالي غير مجد، واقتراح صيغة عربية جديدة قادرة على مواجهة كل التحديات والرهانات، والشرط أن تكون صيغة عربية خالصة، تنبثق من ظروفها وملابساتها وعلاقاتها وبيئتها، وإن استفادت من النماذج العالمية الناجحة، أما المؤكد فضرورة ألا توضع الصيغة ​الجديدة​ بالمقارنة مع الغير، أو نقل تجارب عالمية جاهزة ك​الاتحاد الأوروبي​ أو غيره".

وأشارت إلى أنه "إذا افترضنا أن نظام ​الجامعة العربية​ أدى دوره أو أدواره، عبر المراحل والعقود الماضية، فإن الواقع العربي اليوم، واقع التشرذم والغياب، ينادي إلى أفق حتمي جديد"، متسائلة: "هل تكون القمة العربية المقبلة في ​الرياض​ انطلاقة جديدة، وبداية لعودة العرب إلى أنفسهم، وإلى أوطانهم التي هي أحق بهم وهم بها أحق، وسوريا في الصميم باعتبارها الجزء لا ​الجزيرة​"، لافتةً إلى أن "هذا مرجو يقيناً، وقراءة المسألة السورية مهمة جداً في هذا السياق، خصوصاً لجهة الخطأ قبل الصواب، فهل كان تجميد كرسي سوريا في الجامعة العربية منذ فجر الأزمة بعض ذلك الخطأ، كما يرى الكثير من المحللين؟ هل أسهمنا جميعاً في تقديم كعكة سوريا للإيراني والتركي ولكل متربص من شذاذ الآفاق".