لم يشهد لبنان منذ استقلاله وفي ​الانتخابات النيابية​ التي جرت منذ ذلك الحين، مشهدا مثل المشهد الحالي، سواء بالنسبة الى المرشحين، او بالنسبة الى الناخبين.

ففي عهد الشيخ بشارة الخوري كانت اللوائح الانتخابية المتنافسة تتألف على اساس خط سياسي، وكان الصراع بين الكتلة الدستورية المناوئة للفرنسيين، والكتلة الوطنية المتعاطفة مع "الام الحنون" فرنسا، ولم يكن عدد اللوائح يتجاوز الاثنتين في معظم الدوائر، وكان الخط السياسي الذي يفوز بأكثرية المقاعد يحكم وتكون له رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة ​المجلس النيابي​، وكان السيد احمد الحسيني وهو من مزرعة السياد البلدة المجاورة لقرطبا في جرود جبيل زعيما للموارنة الدستوريين والشيعة، وكان من الصعب جدا، ان لم يكن مستحيلا على المحازبين الانتقال من جبهة الى اخرى مهما كانت الإغراءات .

وكانت القوانين الانتخابية تسمح للمقترع ان يصوت لأحد الخطّين السياسيين المتنافسين للائحة كما هي او يشطب اسماء مرشحين منها ويضيف اسماء مقبولة لديه، اما اليوم فعليه الاقتراع للائحة كما هي ولا يحق له شطب اي اسم فيها.

ولاحظت مصادر سياسية متابعة للعملية الانتخابية وجود فريق سياسي واحد وهو الفريق الشيعي يخوض الانتخابات على اساس خط سياسيّ واضح، وهو دعم "المقاومة"، والاغلبية العظمى من مرشحيه يؤمنون بهذا الخط ويدافعون عنه.

وفي المقابل وبحسب المصادر نفسها فأن بقية الأحزاب والمرشحين ليس لديهم خط سياسي واضح ومحدد، باستثناء بعض الشعارات الانتخابية التي تعتمدها لوائح ​تيار المستقبل​ المناهضة لسلاح ​حزب الله​، كما ان بعض التحالفات هي بين مرشحين على خصومة سياسية حادّة كالمرشح بطرس حرب المتحالف مع المردة، و​التيار الوطني الحر​ المتحالف مع ​الجماعة الاسلامية​، ووجود بدعة اسمها التحالف الاستراتيجي بين التيار الوطني الحر، والتباعد وحتى الخصومة في ما بينهما والتنافس الانتخابي في اغلب ​الدوائر الانتخابية​.

وترى هذه الاوساط ان هذا النمط من التعاطي السياسي القائم على التنافس الانتخابي وليس السياسي، سيجعل من الصعب معرفة اي من الخطوط السياسيّة فاز بالأكثرية النيابية وتكون النتيجة بمثابة استفتاء شعبي حول اي لبنان نريد او اي دولة وأي سياسة ينتهجها؟!.

وتعتقد هذه المصادر وبسبب الطريقة التي قامت عليها التحالفات الانتخابية، ان مرحلة ما بعد الانتخابات لن تكون افضل من سابقاتها في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وبالوجه السياسي الحقيقي والواضح للبلاد .

وترى المصادر ان الفريق الشيعي سيفرض رئيسا للمجلس النيابي وقد اعلن ذلك الامين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​ في كلمته يوم السبت الماضي بأن ​نبيه بري​ هو الرئيس المقبل للمجلس الجديد، وسيتجاوب معه رئيس تيار المستقبل الذي اعلن انه سيصوت لهذا الاخير لرئاسة المجلس، كما ان بري صرح بأنه سيسمي الحريري لرئاسة الحكومة.

وأكدت المصادر ان التسوية التي أتت بالعماد ​ميشال عون​ رئيسا للبلاد ستستمر مع عدم وجود اي معطيات توحي بأن الحريري سينتفض لمعادلة ربط النزاع مع الثنائي الشيعي وبالتحديد مع حزب الله .

وسألت المصادر عما اذا كان بإمكان الواقع السياسي المرتقب، الصمود امام مشروع قانون أميركي مؤلف من خمسة أقسام، في حال اقراره، والداعي الى نزع سلاح حزب الله، والذي ينص على العمل مع الحكومة اللبنانية واليونيفيل والشركاء الإقليميين لوضع جدول زمني لتنفيذ استراتيجية تهدف الى نزع سلاح الحزب.