لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أنه "نستعير عنوان كتاب المفكر والكاتب ال​لبنان​ي - الفرنسي أمين المعلوف "الهويات القاتلة"، ونعرج على الحالة اللبنانية، التي تشبهها حالات عربية أخرى، حيث تبرز الهويات الفرعية، الدينية والمذهبية واللإثنية والقبلية والعشائرية والجهوية كبديل للهوية الوطنية الجامعة، وتتحوّل الدول إلى ساحات للصراعات والعنف، لأن هذه الهويات تحمل في أحشائها طاقة كامنة، يمكن لها أن تفجّر المجتمعات باعتبارها لا تمثّل قاسماً وطنياً توحيدياً جامعاً، ذلك أن تحريكها يثير العصبيات والغرائز، ويعيد الإنسان إلى انتماءاته الضيّقة، ويبعده عن الآخر الذي ينتمي إلى الوطن نفسه. وهذا ما تم استغلاله خلال السنوات القليلة الماضية في العديد من ​الدول العربية​ التي شهدت وتشهد فتناً وحروباً تدميرية على خلفيات دينية ومذهبية ومناطقية ونعود إلى لبنان الذي يعيش معركة انتخابية ضارية، بدأت في الخارج، ومن المنتظر أن تبلغ ذروتها يوم السادس من الشهر المقبل".

وأشارت إلى أن "المتتبع لسير ​الحملات الانتخابية​ والمنحى الذي تأخذه في الداخل بين مختلف الفرقاء، يمكن أن يلحظ أن الديمقراطية التي من المفترض أن تشكّل رافعة لهذه ​الانتخابات​، تحوّلت إلى منافسة في اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي، وإثارة كل الغرائز الدفينة لشد العصب السياسي من أجل كسب المزيد من الأصوات، وهو أمر لا يُستثنى منه أي طرف أو حزب ولم يجد أي طرف غضاضة في اللجوء إلى العامل الديني والطائفي لاستثماره في المعركة الانتخابية، ولم يجد أي طرف مع الأسف أي عامل وطني توحيدي يمكن أن يشكّل أداة لصهر المجتمع في بوتقة الوطن الواحد".

وأفادت أنه "يستسهل هؤلاء استثمار الدين للتجييش والتعبئة، مع علمهم أن ذلك هو أسهل طريق للفتنة وتجديد الصراع، وكأنهم لم يتعلّموا من سنوات الحرب الأهلية المدمّرة التي استمرت 15 عاماً. يدرك كل هؤلاء أن أقصر طريق إلى الفتنة هو استخدام الدين في ال​سياسة​ ولأغراض لا تخدم الدين أساساً، بل تخدم أغراضاً شخصية ومصالح تصبّ في الطواحين الإقليمية وإن استخدام الدين والمذهب والطائفة لأغراض سياسية يعني وضع ​الوقود​، تمهيداً لإشعال النار في الوطن، وفتح أبواب جهنم على مصاريعها لتحرق الجميع بمن فيهم هم أنفسهم".

وأضافت الصحيفة: "يدرك هؤلاء حجم الإثم الذي يرتكبونه بحق الوطن، ومع ذلك فهم سادرون في غيّهم وضلالهم ويدركون أكثر أنهم يلعبون بالنار من أجل مصالح لا علاقة للمواطن المسكين بها، فهو مجرد أداة للاستغلال في لعبة طائفية ومذهبية وضيعة وهي الهويات القاتلة التي لا تزال قادرة على هزيمة الهويات الوطنية الجامعة".