أحدثت مسألة تمثيل رئيس الجمهورية في ​الحكومة​ بعدد من الوزراء حيزاً كبيراً من الجدل مع إنطلاق عجلة تأليف الحكومة، وتنافس الكتل السياسية على توزيع الحقائبما دفع بعضها للمطالبة بإلغاء حصّة رئيس الجمهورية مستندين على قاعدة أن حصّة "​التيار الوطني الحر​" في الحكومة العتيدة هي حصّة الرئيس!.

فلنعد قليلاً الى ​الدستور​،وماذا يقول عن هذه المسألة؟!.

"عندما نزعت الصلاحيات من رئيس الجمهورية بموجب ​اتفاق الطائف​، كان التفاهم أن التعويض عن ذلك سيكون من خلال حقّ الرئيس بالتمثيل بالقدر اللازم في ​مجلس الوزراء​ باعتبار أن السلطة التنفيذية منوطة بالحكومة". هذا ما يؤكده الخبير الدستوري ​عادل يمين​ عبر "​النشرة​"، لافتاً الى أنه "وبموجب المادة 53 من الدستور فإنه يتمّ تأليف الحكومة بالإتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهذا يعني أن التشكيلة الوزارية رهن موافقة الرئيس وليس بذاتها، وانطلاقاً من ذلك يحق للرئيس ألاّ يوافق على التشكيلة، الا اذا رأى أن من بينالوزراء من يعبّر عن ​سياسة​ الرئيس داخل الحكومة". بدوره الخبير الدستوري ​أنطوان صفير​ يشير أيضاً الى أن "الدستور لم يحدّد توزيع الحصص داخل الحكومة الا أنه اعطى الصلاحيات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لتأليف الحكومة"، لافتاً الى أن "رئيس الوزراء يطرح على رئيس الجمهورية توزيع الحقائب وهي تشاركية".

ويضيف انطوان صفير: "صحيح أن الدستور لم ينصّ على توزيع الحقائب، إلا أن رئيس الجمهورية هو من يوقّع على التشكيلة الحكوميّة، وبطبيعة الحال لن يوقع على تشكيلة إلا إذا كان له وزراء فيها". أما عادل يمين فيعود الى المادة 49 من الدستور ويلفت الى أنها "ناطت برئيس الجمهورية مهمّة حماية الدولة والدستور والقانون وهو لا يحق له أن يقوم بالمهام الموكلة اليه بموجب الصلاحيات المعطاة له بموجب الطائف، لأنها لا تعطيه سلطة مباشرة، فلذلك يحتاج الى أن يكون حضورهفي مختلف مؤسسات الدولة حتى يستطيع أن يتولى المهمات التي ناطتها به أحكام الدستور، لأن الصلاحيات المباشرة التي يملكها غير كافية"، مضيفاً: "رئيس الجمهورية يقسم اليمين على الحفاظ على الدستور وبالتالي يحتاج الى أن يكون له حضور في مجلس الوزراء الذي يتولّى السلطة التنفيذيّة بعد الطائف".

الجدل القائم في هذه المرحلة لم يُفتح سابقاً في عهد أي رئيس جمهورية بعد الطائف ربما لأنه لم يصادف أن كان لرئيس الجمهورية تمثيل شعبي ونيابي في أي من العهود السابقة. هنا يشير أنطوان صفير الى أن "لرئيس الجمهورية كتلة نيابية كبيرة فهل يجوز أن يتمثّل بعدد من الوزراء مشابه للذي كان في العهود السابقة؟، وهنا تكمن الاشكالية"!. أما عادل يمين فيشير الى أنه "اذا افترضنا أن حصّة الرئيس تكون هي ذاتها حصّة الكتلة فهذا يعني أن هناك انتفاء للعدالة لأننا نكون ساوينا الرئيس الذي يملك التأييد الشعبي بالرئيس الضعيف، وعندها ماذا يتبقى من مفهوم الرئيس القوي"؟.

منذ توقيع اتفاق الطائفالذي أعطى الصلاحيات لرئيس الحكومة، لم يمرّ على ​لبنان​ رئيس جمهورية يملك تمثيلاً شعبياً ونيابياً، وفي المرحلة الحالية يسعى البعض الى تكبيل هذا الرئيس عبر المطالبة بالغاء حصته والإكتفاء بحصة الكتلة التي لم يعد يرأسها. وهنا يطرح السؤال "هل يتحمّل موقع الرئاسة التهميش بالتوزير بعد نزع صلاحياته في الطائف لغاية في "نفس يعقوب"؟.