أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ مرسوم التجنيس الذي صدر هو مرسوم عادي وفقاً للقانون لأنه لا يحتاج إلى مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنّ المرسوم العادي وتسلم أوراق الاعتماد والتوقيع على تشكيل الحكومة والعفو الخاص هي من الأمور القليلة التي تبقت لرئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف الشهير.

وفي حديث إلى قناة "الميادين" ضمن برنامج "حوار الساعة" أدارته الإعلامية مايا رزق، لفت أبو فاضل إلى أنّ المرسوم اسمي ويمكن أن لا يُنشَر بموجب المرسوم، مشدّداً على أنّ المقصود من الحملات التي شُنّت خلال اليومين الماضيين ليس المرسوم بحدّ ذاته، ولكن المقصود الرئيس ميشال عون بالذات وبالتالي إضعاف العهد.

ورأى أبو فاضل أن رئيس الجمهورية أجهض المؤامرة من خلال الخطوات التي أقدم عليها، مشدّداً على أنّ تجنيس 400 شخص لا يمكن أن يؤدي إلى التوطين، بعكس المرسوم الشهير الذي صدر في العام 1994، والذي جنّس مئات الآلاف بالكيلو.

لماذا التصويب على عون؟

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ رئيس الجمهورية لم يرتكب جريمة بتوقيعه على مرسوم التجنيس، مستغرباً أن يكون إطلاق النار مصوّباً على رئيس الجمهورية وحده، وكأنه لم يشاركه في التوقيع رئيس الحكومة سعد الحريري أو وزير الداخلية نهاد المشنوق، مشدّداً على أنّ كلّ هذه الضجة لا قيمة لها.

وتساءل أبو فاضل كيف يمكن لأي لبناني مسيحي فيه عقل ودماغ أن يقول لرئيس الجمهورية إنه وقع على مرسوم مشبوه، مستهجناً محاولات الإيحاء وكأنّ الرئيس عون حصل على رشاوى مقابل التوقيع على المرسوم وتجنيس البعض، مشدّداً على أنّ من يقول مثل هذا الكلام لا يعرف من هو الرئيس ميشال عون.

الدولة لا تُسلَّم لأولاد

وأكد أبو فاضل أن الدولة لا يمكن أن تُسلَّم لأولاد، معتبراً أن التصرف الذي يقوم به بعض المعترضين على مرسوم التجنيس ليس تصرفاً مسؤولاً، مشيراً إلى أنّ الطريقة السليمة للاعتراض على المرسوم في حال شعروا أن فيه خللاً هو الذهاب إلى مجلس شورى الدولة والطعن به لإبطاله.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم موضع ثقة من كل الأطراف، وهو يستطيع أن ينقح ما لم ينقحه غيره، مشيراً إلى أنّ الرئيس ميشال عون طلب منه شخصياً التدقيق بالمرسوم والأسماء المشمولة به لثقته الكبيرة به.

أين كانت عنترياتهم؟

واعتبر أبو فاضل أنّ الضجّة المُثارة حول مرسوم التجنيس لزوم ما لا يلزم، واستبعد ما يُحكى عن تبييض أموال، مشيداً في هذا السياق بالسياسة المصرفية الحكيم التي ثبّتها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المعروف بأدائه وحكمته.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أن مرسوم التجنيس بدأ يتلاشى منذ دخوله عتبة الأمن العامة ومنذ تسلم اللواء عباس إبراهيم زمام الأمور في هذا الملف، متسائلاً لماذا لم يُظهر المعترضون اليوم عنترياتهم في العام 1994، مستبعداً أن يؤثر هذا المرسوم على تشكيل الحكومة.

السعودية لم تأخذ قرارها

وأعرب أبو فاضل رداً على سؤال عن اعتقاده بأنّ السعودية لم تأخذ قرارها بالنسبة لحكومة لبنان، وهذا يمسّ بالسيادة اللبنانية، وإلا هي تماطل كي لا يكون حزب الله المقاومة التي انتصرت على كل أعداء لبنان، أن لا يكون ممثلاً في الحكومة اللبنانية، مشدّداً على أن الرئيس سعد الحريري يعرف أنّ حزب الله ممثل بالأكثر في مجلس النواب، وقال إن قوى 8 آذار لا تزال حية في مجلس النواب بعكس قوى 14 آذار.

وأوضح أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أن السعودية وأميركا تدعمان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليأخذ حصة كبيرة في الحكومة، مشيراً إلى أنّ هذا الدعم بدأ منذ مرحلة الانتخابات النيابية، وقال إننا أمام مشهدية جديدة في البلد، وهناك أولوية للسعودية للقوات اللبنانية على حساب الرئيس الحريري، وأضاف: "حتى الإفطار الذي أقامه السفير السعودي، كان سمير جعجع يجلس على طاولة الرؤساء، وهو الذي ليس له صفة سوى رئيس حزب".

السعودية تفضّل جعجع

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ السعودية تفضّل جعجع لأن كان أكثر ليونة، والتعامل معه كان مريحاً أكثر، مذكّراً بموقف القوات اللبنانية في مرحلة احتجاز الرئيس سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، وشدّد على أن جعجع لن يتراجع، كما أنّ الحريري ليس مستعجلاً على تأليف حكومة يكون فيها للقوات وزن كبير.

واستبعد أبو فاضل تأليف الحكومة الجديدة قبل عيد الفطر، إلا أنه أكد أن الرئيس عون متضرر من ذلك، ولكن الرئيس الحريري إلى حد ما غير متضرر، فهو يصرّف الأعمال، مشيراً إلى أنّ تصريف الأعمال يمكن أن يستمرّ أشهراً لأنّ الوضع ليس سهلاً، وهناك العديد من العقد والعقبات التي لم يحل منها حتى الآن سوى العقدة الشيعية بالتوافق على منح حركة أمل حقيبة المال.

نسخة طبق الأصل

وتحدث أبو فاضل رداً على سؤال عن تفاوض يجري بين الرئيس الحريري والنائب عبد الرحيم مراد، ملمحاً إلى أن الأخير يمكن أن يكون وزيراً في الحكومة، وأشار إلى أن البيان الوزاري سيكون نسخة طبق الأصل عن البيان السابق لناحية حق الشعب في المقاومة، وكذلك سيتضمن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، متوقعاً حصول شد حبال مع الرئيس الحريري على هاتين المسألتين.

ورداً على سؤال آخر، لفت أبو فاضل إلى أنّ الوزير وليد جنبلاط اليوم يقف في الوسط وهو ما يناسبه، مشيراً إلى أن الحركة لم تعد قوية عنده كما في السابق، ولكنه يحاول أن يكون قريباً من السعودية ومن حزب الله في آن واحد، وكشف أن الحزب بدوره يسعى إلى ترطيب الأجواء بين حلفائه، وهو ما بدأ عملياً بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وربما يستكمل بوساطة بين الوزيرين جبران باسيل وسليمان فرنجية.

ضمانة البلد

ولفت أبو فاضل من جهة ثانية إلى ضغوطات إسرائيلية تبلغها الفريق اللبناني لجهة رفض إسرائيل ترسيم الحدود البحرية، مشدّداً على وجود خطورة في هذا الموضوع، خصوصاً أنّ البحر بات هو الأساس، بحيث أنّ الترسيم البري يأتي وفق الترسيم البحري، رابطاً الأمر بالأطماع الإسرائيلية بالنفط، محذراً من أنّ إسرائيل تحاول أن تفرض نفسها شريكاً في البلوك رقم 9 النفطي.

وأكد أبو فاضل رداً على سؤال الإدارة الأميركية في خدمة إسرائيل وفي خدمة هذا الكيان، مقللاً من شأن أي رهان على تغييرات على خطها، لكنه شدّد على أن لدينا في لبنان مقاومة، وقبل ذلك لدينا ثلاثية تشكّل ضمانة البلد وتتمثل في الجيش والشعب والمقاومة، مشيراً إلى أنّ الإسرائيلي لن يستطيع أن يتحكم بالأمور متى واجه هذه المعادلة، متحدّثاً عن توازن رعب استطاعت المقاومة أن ترسّخه في هذا الإطار، من دون أن ننسى الرئيس ميشال عون، الذي لن يضحي بشبر ولن يقدم كوب ماء لأحد، وهو الذي يعبد تراب هذا الوطن.

تنسيق دائم

وفي موضوع النازحين السوريين، أكد أبو فاضل أنّ الأمور لا يمكن أن تبقى على حالها لجهة رفض التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، مشيراً إلى أنّ اللواء عباس إبراهيم على تواصل دائم مع القيادات الأمنية السورية ومع وزير الخارجية السوري، وهو يزور سوريا وهناك تنسيق دائم لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم.

وأكد أبو فاضل أنّ معظم النازحين هم ضدّ الدولة في سوريا وضدّ الدولة في لبنان، مشيراً إلى أنّ الواقع مختلف مثلاً عن واقع النازحين في الأردن وفي تركيا، حيث يتمّ حصرهم في مخيمات، فيما سُمح لهم في المقابل بالانتشار على كامل الأراضي اللبنانية.

لبنان لا يتحمّل

ولفت أبو فاضل إلى أنّ أحداً لا يستطيع أن يقول إنّ اللبنانيين عاملوا النازحين السوريين بعنصرية، مشدّداً على أنّ البلد لا يستطيع أن يتحمّل مليوني نازح بما يفوق قدرته الاستيعابية، متحدثاً عن توافق لبناني على وجوب عودة النازحين إلى بلادهم، وقال: "لن نسمح ببقائهم هنا مهما كان الثمن، ونحن لا نريد أن يستعملهم أحد وقوداً في الداخل".

ورداً على سؤال عن قدرة سوريا على استقبال، قال أبو فاضل إن سوريا دولة، وإذا لم تكن قادرة على استقبال أبنائها فهناك مشكلة، مؤكداً أنها قادرة على تدبير أمورها بنفسها.

لإقرار قانون عفو

وفي سياق آخر، أكد أبو فاضل أنّ تدهور الوضع الأمني في بعلبك الهرمل يشكّل مشكلة جوهرية، مشدّداً على أنّ قائد الجيش جاهز لتنفيذ خطة أمنية في المنطقة، وهو يتواصل مع الجميع في المنطقة، ولكنه ربط ضبط الأمن بإقرار قانون عفو، الذي اعتبر أنه ضروري لضبط الأمن في المنطقة.

وأكد أبو فاضل أنّ قراراً اتُخذ على أرفع المستويات بأن تكون بعلبك كمدينة آمنة، ولكنه شدّد على وجوب التحرك في هذا الإطار قبل موسم الصيف، لافتاً إلى أنّ الأمن لا يمكن أن يكون بالتراضي، وقال إنه لا يمكن التصرف مع أبناء بعلبك كما لو أنهم أجانب.