على الرغم من تعدد العراقيل التي تحول دون تأليف الحكومة، إلا أن عقدة التمثيل السني قد تكون هي الأصعب، في ظل إصرار رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ على عدم التخلّي عن أكثر من وزير واحد يذهب إلى حصة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، مقابل حصول تيار "المستقبل" على آخر مسيحي، من المرجح أن يكون وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال ​غطاس خوري​، إلا أن القوى والشخصيات السنية الأخرى، الموجودة في ​المجلس النيابي​، التي لا تدور في فلك "المستقبل" تُصر على تمثيلها.

في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، على أن هذا الأمر غير مطروح من وجهة نظرها، لا سيما أن ليس هناك من كتلة سنية أخرى في المجلس النيابي، بينما القوى والشخصيات التي يُحكى عنها موزعة على أكثر من كتلة، وبالتالي لا يمكن لها أن تتمثّل على حساب التيار، بغض النظر عن وجود 10 نواب من خارج دائرته.

وتشدد هذه المصادر على أن رئيس الحكومة المكلف لن يقدم على مثل هذا التنازل، بل على العكس من ذلك هو متمسك بالحصول على 5 مقاعد سنية في ​مجلس الوزراء​، في حين يذهب المقعد السادس إلى حصة رئيس الجمهورية، كما هو الواقع في الحكومة الحالية، وتؤكد أن أيًّا من الأفرقاء الفاعلين لم يطرح مع الحريري مثل هذا الأمر، وتضيف: "ليس هناك من عقدة سنيّة أمام ولادة الحكومة، إلا إذا قرر البعض خلق مثلها أمام الحريري لعرقلة التشكيل".

على صعيد متصل، تؤكد المصادر نفسها أن الولادة الحكومية رحلت إلى ما بعد ​عيد الفطر​، مشيرة إلى عدم وجود تأخير في هذه العملية لا سيما أن تشكيل الحكومات في لبنان يأخذ أشهرًا عدّة، ومن المفترض أن يتم تسريع المشاورات والإتصالات بعد عودة رئيس الحكومة المكلف من ​موسكو​، حيث سيشارك في إفتتاح بطولة كأس العالم التي تقام في ​روسيا​، ومن المفترض أن يلتقي العديد من الشخصيات الإقليمية والدولية، أبرزها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​، على هامش الزيارة.

في المقابل، تُصر مصادر نيابية سنية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، على حقها في التمثيل الحكومي، من دون أن تحدد الشخصية التي ستدخل إلى مجلس الوزراء، حيث تعتبر أن في البداية من المفترض تكريس هذا الحق، وبعد ذلك يتم التوافق على ممثّلها، رافضة الحديث عن أن عدم وجودها ضمن كتلة واحدة يحرمها هذا الحق، خصوصًا أنها تنتمي إلى الفريق السياسي نفسه.

وتوضح المصادر نفسها أن عدد هؤلاء النواب هو 7 (​قاسم هاشم​، ​أسامة سعد​، ​عبد الرحيم مراد​، ​جهاد الصمد​، ​فيصل كرامي​، ​عدنان طرابلسي​، ​الوليد سكرية​)، بينما هناك نواب لا ينتمون إلى "المستقبل" (​نجيب ميقاتي​، ​فؤاد مخزومي​، بسام عبدالله)، وبالتالي من حقّهم أن يكون هناك ممثلاً عنهم على الأقل، طالما أن من لديه 15 نائباً يريد الحصول على 5 مقاعد وزارية، مع العلم ان في لغة الأرقام، التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة، من المفترض أن يكون هناك وزيرين لهم على الأقل.

وفي حين تشير المصادر نفسها إلى أن الترجيحات تذهب نحو كل من رئيس حزب "الاتحاد" عبد الرحيم مراد ورئيس تيار "الكرامة" فيصل كرامي، للمشاركة في الحكومة المقبلة، نظراً إلى أنهما لا يشكلان أي إستفزاز لرئيس الحكومة المكلف، على عكس باقي الأسماء المطروحة، ترفض الربط بين تمثيلها وتمثيل كتلة "الوسط"، التي يرأسها ميقاتي، نظراً إلى أن الأخير لديه وحده كتلة تضم 4 نواب (1 سني، 1 ماروني، 1 روم أرثوذكس، 1 علوي)، وبالتالي، حسب المعايير التي يتم التداول بها، من المفترض أن يكون أمر تمثيلها محسوماً، بغض النظر عما سيكون ذلك بمقعد سني أو مسيحي.

في ظل هذه المعطيات، تؤكد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن حل هذه العقدة يتوقف على موقف "​حزب الله​"، بالدرجة الأولى، حيث السؤال عما إذا كان سيعرقل ولادة الحكومة لتمثيل القوى والشخصيات السنية الحليفة له، مع العلم أن الحزب لم يظهر مثل هذا التوجّه، نظراً إلى أنه يستعجل، كما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، التشكيل في ظل التحولات القائمة على مستوى المنطقة والضغوط الدولية والإقليمية المفروضة عليه.

وتشير هذه المصادر إلى أن الحزب يعتبر أن تمثيل هؤلاء بالأمر الطبيعي، نظراً إلى النتائج التي حققوها في الإنتخابات النيابية، لكن السؤال يبقى حول ما إذا كان سيخوض المعركة عنهم أو يترك لهم المهمة هذه المرة؟ وتضيف: "في الحالة الثانية سيكون من السهل على الحريري إستبعادهم عن التشكيلة الحكومية، أما في الحالة الأولى فإن هذه العقدة ستتفوق في صعوبتها على العقدتين المسيحية والدرزية".