تؤكد اوساط سياسية بارزة في ​8 آذار​ ان ما يقوم به الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ لا يخدم عملية التأليف وان الرهان على فرض شروط او الضغط على رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ للقبول القسري بما لا يرغب امر خاطىء ولا يمكن ان يمر ومن شأنه ان يعقد الامور داخلياً.

وتكشف الاوساط ان تشاوراً يجري بين الثنائي الشيعي وتحالف 8 آذار في كيفية مقاربة الملف الحكومي وسط عدم ارتياح من كل من رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والامين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​. حيث نقل هذا عدم "الارتياح" و"الارتياب" مما يجري، المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير ​علي حسن خليل​ الى الرئيس الحريري منذ ايام واسر له بوضوح ان اي تشكيلة حكومية لا تراعي احجام الكتل "الطبيعية" او تعتمد على تجاهل الرئيس او الكتل ورأيها او تسعى الى استبعاد اي مكون يعني انها لان تبصر النور ولو بشكل قسري او قيصري.

وتؤكد الاوساط ان اجتماعاً مصغراً لبعض الكوادر الحزبية عقد امس الاول وضم مسؤولين عن حزب الله و​حركة امل​ و​التيار الوطني الحر​ و​الحزب القومي​ و​المردة​ والاتحاد وتطرق الى ملف الحكومي وناقش جملة من التفاصيل التي تعتري الملف الحكومي برمته.

وتشير الاوساط الى ان الكلام عن توجه لدى الثنائي الشيعي و فريق 8 آذار لطرح بديل عن الرئيس الحريري سابق لاوانه رغم ان فريقاً كبيراً داخل فريقنا يرى ان الحريري الحالي وبعد فك اسره من ​السعودية​ "خائف" من تكرار مأساته وخائف على عائلته ومصيرها ومستقبله المالي واستمرارية شركاته في السعودية ومن الطبيعي ان يخضع لتوجيهات واملاءات السعودية وحاكمها الفعلي الان ولي العهد محمد بن سلمان، هذا في الجانب الشخصي. اما في الجانب السياسي فكلنا يعرف ان ​آل الحريري​ وسعد الحريري جزء من منظومة اميركية- سعودية- فرنسية سياسية ولا يمكنه القفز فوق هذه المعادلات. ففي لبنان اليوم والمنطقة كذلك يتناحر محوران كبيران: محور فيه ​ايران​ وحلفاؤها ومحور آخر فيه ​اميركا​ والسعودية وحلفاءهما لذلك سيبقى توازن القوى محور اية تسوية لبنانية او في المنطقة بين هذين المحورين.

ولهذه الاسباب ستكون فكرة السعي الى بديل للحريري لدى الثنائي الشيعي و 8 آذار "آخر خرطوشة" لن تستعمل الا في حال خروج الحريري والسعودية من ​التسوية الرئاسية​ وكشف دول الاقليم واميركا المظلة التي تحمي لبنان رغم وجود ملاحظات كبيرة حول ماهية وتعريف وكيفية عمل هذه المظلة وخصوصاً في الملف الاقتصادي والمالي والذي بات واضحاً وفق الاوساط ووفق تقديرات حزب الله انه يستهدفه ويتعاظم الضغط المالي والاقتصادي على حزب الله ولبنان من خلال هذه المظلة التي تهدف الى نزع السيادة اللبنانية عن مالية الدولة وترك الامر "مشاعاً" امام اميركا ومؤسساتها تحت ذرائع مكافحة تبييض الاموال وغسلها وتمويل حزب الله وايران.

وتشير الاوساط الى ان الاجتماع تطرق ايضاً الى الصراع والكباش الحاصل بين ​القوات اللبنانية​ والتيار الوطني الحر وبين رئيس التيار الوزير ​جبران باسيل​ ورئيس حزب القوات ​سمير جعجع​ وهو صراع سياسي حالي ومستقبلي وصراع على الاحجام الحكومية والمسيحية.

وتؤكد الاوساط ان هذا الصراع بين باسيل وجعجع يتحول الى صراع ثلاثي بين التيار والقوات ليطال العهد فجعجع ومعه الحريري والنائب السابق ​وليد جنبلاط​ يعتبرون ان باسيل يريد تحجيم هذه القوى وخصوصاً الاشتراكي والقوات ويريد ان يحصل للتيار وللعهد على كتلة من 10 او 11 وزيراً. ومن سير الامور والكباش على الحصص والحقائب لم يسلم العهد ورئيسه عون من شظايا التقاتل الماروني والدرزي والسني على الحقائب ظاهرياً وعلى مرحلة ما بعد الحكومة ضمنياً وجوهرياً.

فالحريري الراغب في "شد احزمته" واحزمة الرئاسة الثالثة او "حفظ ماء وجه" الموقع السني الثالث في لبنان وخصوصاً بعد ترداد خصومه من السنة وغير السنة مقولة ان التسوية الرئاسية جعلت من السنة وموقع ​رئاسة الحكومة​ وارث ​رفيق الحريري​ "العوبة" في يد عون وباسيل، يجب ان يدرك وفق الاوساط انه لا يمكن القفز دستورياً فوق توقيع رئيس الجمهورية ودوره الاساسي في عملية التأليف فمن دون رضى ورغبة رئيس الجمهورية لا يمكن قبول استقالة حكومة الحريري الحالية بفعل انتهاء ولاية المجلس وانتخاب مجلس نيابي جديد ولا يمكن ان تصدر مراسيم تأليف الحكومة الجديدة واعلان تشكيلتها وموقعة من رئيس الجمهورية وعليه يملك رئيس الجمهورية كل الصلاحيات المناسبة ليكون شريكاً في تأليف الحكومة ومساهماً في كل تفصيل فيها حتى الاسماء والحصص ويضع "اي فيتو" وهو لا يمكنه ايضاً، القفز فوق دستور ​الطائف​ والاعراف المصاحبة لتشكيل الحكومات السابقة وملزم ان يأخذ بنتيجة ​الانتخابات النيابية​ التي اعطت لكل كتلة حجمها وفق ​قانون النسبية​ وهي ستمثل حكومياً وفق هذا التمثيل نسبياً ايضاً.

وعليه لا يمكن لرئيس الجمهورية ان يقبل ان يمس بموقعه وصلاحياته كما لا يمكنه ان يقبل بتجاوز تمثيل باقي الكتل. وتقول الاوساط ان الحريري لا يمكنه ان ينفرد مع القوات والاشتراكي في مشاورات حكومية او يتبنى مطالب اي فريق من دون العودة الى رأي ومطالب رئيس الجمهورية فالحريري وفي محاولة للفصل بين الكباش مع باسيل والعهد اصاب عون في "مقتل" اي مس به وبدوره وبصلاحياته وبحصته "العرفية" والتي لم تحدد بكّم وعدد ونوع اي عدد ونوعية.

وتؤكد الاوساط ان اتصال الرئيس المكلف امس برئيس الجمهورية وايفاد جعجع الوزير ​ملحم رياشي​ الى ​بعبدا​ هو في إطار لملمة "شظايا" الاستهداف المباشر من الحريري وجعجع لعون وصلاحياته بعد لقائهما منذ ايام ومن خلال ممارساتهما في ملف التأليف الحكومي ومن محور اقتناع ان الرئيس بري والسيد نصرالله وكل فريقنا السياسي متيقنون ان لا امكانية لتجاوز الرئيس عون وصلاحياته الدستورية كما لا يمكن الفقز فوق التحالف الطبيعي بين عون والتيار وما يشكلانه من ثقل سياسي ونيابي وانعكاسه وزارياً.