يشكّل التلوّث البيئي الذي ضرب مختلف الاماكن في ​لبنان​ من الجبال الى الوديان والأنهر بسبب ​مشكلة النفايات​، أو حتى بسبب الإهمال ضرباً للسياحة التي تشكّل هذه الأماكن أحد أعمدتها الأساسية، فهل يسعى المعنيّون الى القضاء عن قصد أو غير قصد على كلّ ما يمكن أن يشكّل مرفقاً سياحياً في لبنان!؟.

تدمير السياحة

بلدة ​رشميا​ هي واحدة من البلدات السياحيّة التي يمكن أن تقصدها أي عائلة ترغب في تمضية النهار خارجاً، كما وأي سائح يرغب في التمتع بالطبيعة الخلابة وتناول الغداء على ضفاف النهر هناك. لكن للأسف فهذه المسألة لم تعد ممكنة لأن مياه النهر امتزجت بمادة "ملوثة" وطغت رائحة "نتنة" على رائحة الطبيعة هناك. وفي هذا الاطار تشرح إبنة البلدة والمديرة السابقة لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني اوجيني تنّوري أن "المنطقة سياحية والمطاعم أُنشِئت خصيصاً بجانب النهر، ويمارس بعض الناس هواية ​السباحة​ في النهر وهذا ما لم يعد ممكناً بسبب تلوّثه". تأسف تنوري لما آلت اليه الأحوال في ذلك المكان فعوض أن "تكون المنطقة نظيفة خصوصاً وأن الناس يخرجون من بيروت وزحمتها لقضاء يوم في الطبيعة فإذا بهم ينزعجون من النهر ومن رائحته".

التلوّث من المنبع

تشير تنوري الى أن وزير ​البيئة​ ​طارق الخطيب​ أرسل فريقا من الخبراء للكشف على النهر وقد رافقناه، لافتة الى أنه "وبحسب ما أبلغنا خلال الكشف فإن الاوساخ آتية من عين دارة حيث ينبع النهر، وكنا نظنّ أنها ناجمة عن أعمال حفر إلا أنه تبيّن أن المياه تحتوي على مواد "آسنة" ولا دخل للحفريات بالتلوّث". بدوره رئيس بلدية رشميا منصور مبارك أكّد أن مشكلة "النهر الّذي ينبع من عين دارة ويمرّ بنبع الصفا وملتقى النهرين ويصب في الدامور، هي بسبب وجود كسّارات أو مرملة في بلدة مجاورة لرشميا، والرمول التي ترمى فيه تلوّثه بالكامل".

الوزارة تتدخّل موقتاً!

"لم تكن مشكلة تلوّث النهر فقط في الأوساخ والرمول التي ترمى فيه، إذ كنا نراه ملوناً بالأخضر". هذا ما يؤكده منصور مبارك، لافتاً الى أنه "وخلال موسم قطاف الزيتون كانت ترمى بقايا "الجفت" الناتج من عصر الزيتون في النهر"، مضيفا: "راجعنا ​وزارة البيئة​ منذ أشهر وطالبنا القوى الامنية بالتدخل خصوصاً في مسألة رمي الرمل، فكانت تتوقف لمدّة محدودة ثم تعود كالعادة".

أمام هذا الواقع قامت "​النشرة​" بالإتصال بوزير البيئة طارق الخطيب عدّة مرّات للاستفسار منه حول الموضوع والوقوف عند الاجراءات التي ستتخذها وزارة البيئة إلا أن كلّ المحاولات وكالعادة باءت بالفشل.

ليست مشكلة نهر رشميّا الا واحدة من "الكوارث" التي تدمّر البيئة وتقضي على ما تبقى من السياحة في لبنان، وكلّ ذلك على مرأى عيون الوزير المسؤول الغائب: عن همّ وصحّة المواطن، وعن مهامّه في الوزارة الّتي من المفترض أنّه موظّف لدى الشعب اللبناني ويتقاضى راتبه من أمواله الضريبيّة للمحافظة على ما هو مؤتمنٌ عليه!.