مع سيطرة ​الجيش السوري​ على محافظتي درعا و​القنيطرة​ في الأيام القليلة الماضية، وبالتالي على منطقة الجنوب التي لطالما كان يؤخر حسم مصيرها، حساسية موقعها الجغرافي نظرا لكونها تقع على الحدود مع ​اسرائيل​، يكون التفاهم الدولي وبالتحديد الاميركي–الروسي على وضع حد للصراع المسلح في ​سوريا​ تمهيدا لاطلاق عجلة التسوية السياسية، قد أخذ مداه. ويبقى وحده مصير محافظة ادلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وأبرزها "​جبهة النصرة​" مجهولا في المرحلة الراهنة، باعتبار أن المناطق التي تخضع لـ"الادارة الذاتية الكردية" وبالتالي لنفوذ ​واشنطن​ بات محسوما تقريبا أمر اعطائها نوعا من الاستقلالية عبر نظام فدرالي من المرجح أن تعتمده سوريا الجديدة.

ويُدرك ​النظام السوري​ أن اعلان "انتصاره" لا يمكن أن يكتمل من دون اعادة القسم الأكبر من ​النازحين السوريين​ المنتشرين بشكل أساسي في ​لبنان​ و​تركيا​ و​الأردن​. لذلك اتفق مؤخرا مع ​حزب الله​ على خطة لاعادة آلاف السوريين قريبا الى مناطقهم وبخاصة الى ​الغوطة​ والجنوب، هذا ما تكشفه مصادر "الثنائي الشيعي" مؤكدة أن "حزب الله باشر استعداداته اللوجستية، تماما كما ​الحكومة السورية​ باعتبار أن الاتفاق يقضي بأن تسير الأمور بوتيرة سريعة، وبأن تكون الدفعات المغادرة كبيرة لا كما جرت العادة في الآونة الأخيرة، بحيث لم تكن تتخطى الـ1000 شخص بأفضل الأحوال". وتشير المصادر الى ان "المدة التي تفصل بين الدفعات ستكون أيضا مختصرة على ألاّ تتعدى الشهرين"، لافتة الى ان "هذا القرار اتخذ ولا رجوع عنه، وسينطلق تنفيذه سواء تشكّلت حكومة جديدة في لبنان أم لم تتشكل".

ويبدو أنّه سيتمّ توكيل ​الأمن العام اللبناني​ تصدّر المشهد، خاصة وأن الأعداد الكبيرة التي ستغادر، ستُحرج قوى سياسية كثيرة في حال تم نسب "انجاز العودة بشكل مباشر لحزب الله"، لذلك سيشرك الحزب، وبحسب المصادر، الأمن العام بهذه المهمة، "لاقتناعه بأن ذلك سيسرع العملية ويسمح بتفادي اشكالات داخلية هو بغنى عنها".

ولا تشبه بشيء العمليات الميدانية التي تنفذها اللجان المناطقية التابعة لحزب الله تلك العمليات التي بدأها "​التيار الوطني الحر​"، والتي تنحصر حاليا باتمام احصاءات تؤكد القيادة العونية ان السلطات اللبنانية تفتقر اليها، وترتبط بشكل اساسي بتحديد عدد الراغبين بالعودة كما المشاكل التي تعيق عودة آخرين أو تجعلهم متردّدين. ولا ترى قيادتا التيار والحزب أن مهامهما في هذا الملف تتعارض، وان كانا يقران يغياب التعاون والتنسيق المباشر فيه. وتقول المصادر في هذا المجال:"المهم أن الهدف واحد، أيا كانت الطرق التي سنسلكها. ونحن نشجع باقي الأحزاب وكل المعنيين بالقيام بجهود في هذا المجال وعدم انتظار ​تشكيل الحكومة​ للقيام بخطوات عملية"، لافتة الى ان "المنطقة تسير بسرعة باتجاه تسوية قد تأتي على حساب لبنان في حال لحظت توطين النازحين في أماكن تواجدهم ايا كانت جنسياتهم، لذلك المطلوب منا كلبنانيين الاستنفار لاعادة النازحين السوريين قبل أن يداهمنا الوقت".

بالمحصلة، يبدو جليا أن قطار العودة الى سوريا قد انطلق وان كان هناك من يسعى لابطاء حركته. فالمشاريع والخطط الاقليميّة والدوليّة لم تعد تلقى آذانا صاغية في الداخل اللبناني، بعدما فقد ​النازحون السوريون​ البيئة الحاضنة التي أصبحت بحاجة لمن يحضنها نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي تتخبط فيها.