على وقع التسويات التي نجحت ​الحكومة السورية​ في إبرامها مع الفصائل المسلحة في محافظتي درعا و​القنيطرة​، جاءت الهجمات الإرهابية التي إستهدفت محافظة ​السويداء​ ذات الأغلبية الدرزيّة، الأمر الذي طُرحت حوله الكثير من علامات الإستفهام حول توقيته، لا سيما أنها تزامنت مع عودة الترويج لنظرية أن دمشق هي المستفيد الأول منها، الأمر الذي لا يمكن أن يكون منفصلاً عن الدعوات إلى الذهاب نحو الحكم الذاتي.

في هذا السياق، كانت بعض الأوساط السياسية الدرزيّة، طوال يوم أمس، تعمل على رصد المواقف التي قد تصدر على خلفية ما حصل على إعتبار أنها قد تكون مؤشراً بالغ الأهمية، لا سيما أنه كان لديها، في الأيام السابقة، معلومات عن إمكانية حصول تطور أمني يضع أهالي المحافظة المستهدفة في مواجهة الحكومة السورية، خصوصاً أنها على مدى سنوات الحرب كانت تحظى بوضع خاص، ناجم عن الدعوات التي كانت توجه لدفع شبابها إلى عدم الإلتحاق بالخدمة الإلزامية أو حصرها داخل حدودها الجغرافية، على قاعدة أنهم يريدون "الحياد".

وتعود هذه الأوساط، عبر "النشرة"، بالذاكرة إلى الواقع الذي نتج عن عملية إغتيال الشيخ ​وحيد البلعوس​، في شهر أيلول من العام 2015، لتشير إلى أنه كان المطلوب أن يكون هناك ردة فعل واسعة، بعد هجمات يوم أمس، إلا أن هذا الأمر لم يحصل مع تمسك معظم مشايخ السويداء بمواقفهم السابقة التي تؤكد الوقوف إلى جانب الجيش، بالرغم من أن البعض سعى على نطاق واسع إلى تبديل هذا الواقع، عبر الترويج إلى أكثر من نظرية، الأبرز فيها كان بأن دمشق، بعد إستعادة سيطرتها على درعا والقنيطرة، تريد أن تعود بكامل قوتها إلى السويداء، مع العلم أن جميع مؤسسات الدولة لا تزال فيها.

وفي حين تكشف الأوساط نفسها أن عناصر المجموعات الإرهابية لا يزالون حتى الساعة يتلقّون ما يحتاجون له عن طريق بعض العصابات في السويداء، تلفت إلى أنه من الناحية الأمنية لا شيء يبرر الهجمات التي قاموا بها، باستثناء السعي إلى تحقيق مكسب سياسي ما، الامر الّذي يرجح فرضية وجود دور ​إسرائيل​ي وراء ما حصل، لا سيما أن تل أبيب كانت تسعى بشكل دائم إلى إظهار رغبتها بأن تكون "الحامي" ل​دروز سوريا​، بالرغم من دورها المعروف في الهجمات التي كانت تقوم بها جبهة "النصرة" نحو بلدة حضر الحدودية.

في المحصلة، تشير هذه الأوساط إلى الموقف الصادر عن القيادة الدرزية في ​فلسطين​، التي ألمحت إلى إتصالات حثيثة باشرت بها مع ​روسيا​ و​الأمم المتحدة​ وجهات أخرى، منها إسرائيل، لـ"حماية" الدروز في سوريا، بالإضافة إلى إعلانها الاستعداد لتقديم أي مساعدة ومد يد العون إلى أهالي السويداء، الأمر الذي تعتبر أنه المؤشر الأبرز على وجود أياد إسرائيلية خفية وراء ما حصل، لا سيما أن تل أبيب هي المستفيد الأول من أي ردة فعل قد يقوم بها الأهالي بوجه دمشق، بعد أن خسرت رهانها على إخراج المحافظات الجنوبية الحدودية، أي السويداء ودرعا والقنطيرة، عن سيطرة الدولة السورية، وبالتالي هي تدفع سكانها إلى المطالبة بالحكم الذاتي، على أن تقدم نفسها "الحامي" أو "المدافع" عنهم، متسائلة عن احتمال وجود مواقف أخرى تتماهى مع هذا التوجه، بعد تلك التي صدرت عن بعض القيادات في "​الجيش السوري الحر​".