دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، الى "فك الحصار القائم على محافظة السويداء وفك أسر المخطوفين وعودة المفقودين من رجال ونساء وأطفال، وتأمين الممرات الإنسانية، لان الحصار المفروض الآن هو اشد قسوة من القتل"، مجددا دعوة "الدول المؤثرة والمنظمات الإنسانية لبذل الجهد لفك الحصار، والى تراجع العشائر خارج حدود السويداء، تطبيقا للاتفاق".
وخلال استقباله اليوم، في دار الطائفة في بيروت، وفدا كبيرا من اقليم الخروب جاء تحت شعار "تثبيت التكامل الوطني والوحدة الوطنية ورفض الفتنة والعيش المشترك في الجبل"، اعتبر بان "ما حصل في سوريا مستنكر ومدان، وكلامنا دائما يؤكد رفضنا ما جرى ويجري بحق بعضنا البعض، وجبل العرب لم يكن الا جبل الجهاد والنضال والوطنية والعروبة منذ ما قبل سلطان باشا الاطرش وما بعده، ولم يقدم الشهداء والضحايا في سبيل الاستقلال عن سوريا ابدا، بل في سبيل استقلال كل سوريا، وبحسب التاريخ ان ما نسبته 12 في المئة من شباب الجبل استشهدوا سنة 1925 في سبيل وحدة سوريا وتأكيد استقلال وعروبة سوريا، فالجبل لم يقدم الشهداء من اجل استقلال الدروز عن سوريا وهذا امر مرفوض، فالسويداء جزء لا يتجزأ من هذا الوطن السوري والعربي الكبير. عمقنا عربي، ديننا الاسلام ومسلكنا توحيدي عرفاني والدين عند الله الاسلام ولا شيئ غيره، رسالتنا توحيدية واخوّة ومحبة وقرب من الله سبحانه وتعالى، رسالة الاحسان التي اشار اليها الرسول عليه الصلاة والسلام، بتعريفه ما هو الاسلام وما هو الايمان وما هو الإحسان، التوحيد مسلك تعبّدي ارتقائي، للوصول الى درجة الدين بالاحسان. "ان تعبد الله كأنك تراه"، وان تكون صادقا في عيشك مع الله وفي صلاتك وفي صيامك وحجّك وزكاتك وشهادتك. نحن نشهد ان لا اله الا الله ونشهد ان محمدا رسول الله، ولا حاجة لان تُشق القلوب ليعرف الآخر من هم الموحدون الدروز: "شقّوا القلوب تلاقوا الواحد الاحدَ"، لا ضغينة ولا كفر، انما الاسلام الحنيف".
وتابع: "المعركة اليوم هي بين التطرّف والاعتدال، وليس بين الاسلام والموحدين، وذاك هو التحدي بين الاعتدال والتطرّف، فمن منّا يريد التطرّف والتكفير والقتل على الهوية والاعتداء على كرامات الناس الذين اوصى بهم القرآن الكريم؟! "لقد كرّمنا بني آدم"، لا لاهانة الناس والكرامات مثلما حصل من انتهاكات وتعديات، لا احد منكم شيوخنا الاجلاء ولا احد منا يقبل بالاهانة تجاه بعضنا البعض. فالجبل يجب ان يصان بوحدته وبتنوعه وعيشه المشترك الواحد، وسوريا يجب ان تصان ايضا بوحدة ابنائها واشراك جميع مكوناتها بنهضة هذه الدولة الحديثة التي نعتز ونعترف بان عمقها العربي يساندها، وقد رأينا منذ ايام المؤتمر الاستثماري السعودي – السوري، مما يدل على انها دولة محتضنة وان كانت تحت التجربة، يجب ان تبرهن للعالم كله انها قادرة بان تكون دولة الاعتدال والحداثة، وهكذا نريدها كموحدين دروز مسلمين في لبنان وفي جبل العرب، ولا مفر ولا مناص من اتفاق يطمئن الناس على كراماتهم وخصوصياتهم وتضحياتهم، تلك مسؤولية الجميع والدولة بالدرجة الاولى، ونحن استبشرنا بها خيرا وننتظر ان يتحقق الامل بذلك. نحن ضنينون بسوريا وقلوبنا معها وقلوب اهلنا في لبنان مع جبل العرب".
واردف: "نحن عائلة واحدة، كما الاهل السوريون بشكل عام، قلب واحد وامة واحدة، من خلال هويتنا العربية المشرقية وفي عيشنا الواحد المشترك الاسلامي – المسيحي، وتجربة لبنان غنيّة باحترام التنوع والشراكة، وكما قلت، في لبنان لن نسمح للفتنة ولن تتسلل الفتنة الينا وفورا تُطفأ شرارتها كما اطفأناها مع سماحة المفتي والمفتين الكرام والشخصيات الكريمة ودولة الرئيس سلام ووليد بك. في لبنان طاولة حوار دائمة ومستمرة ومفتوحة، نتحاور ونتلاقى. لذا، اطمئنوا على لبنان بانه لن ينجرّ الى الفتنة، هكذا هو توجهنا، ووليد بك قال كلمته في هذه القاعة قبل اكثر من اسبوع حيث تمنى ان تحصل لقاءات في كل المناطق وقد حصلت في حاصبيا وراشيا وعاليه وبيروت ومع العشائر في عاليه وكان لنا تمثيل فيها. نحن والعشائر العربية على قيم وتقاليد عربية واحدة ومشتركة وعلى اتصال مع كبار شيوخ العشائر في سوريا ايضا، وهم يتصلون بنا، لانه في المحصّلة يجب ان نتلاقى وان تعقد المصالحة العربية - العربية والاسلامية - الاسلامية، يجب ان تعقد تلك الراية، ولكن ثمة خطوات يجب ان تتم، والتي تبدأ اولا بفك اسر المخطوفين والمفقودين من رجال ونساء، وتأمين الممرات الانسانية، لان السويداء في حصار، والحصار اشد قسوة من القتل لانها تذل الناس بمأكلهم ومشربهم وحياتهم الكريمة، وان شاء الله يكون هناك تجاوب لفكه رويدا رويدا، وقد ناشدنا الدول والمنظمات لبذل الجهد وفك الحصار عن السويداء ولا يجوز ان تبقى محاصرة، ولا بد ان تتراجع العشائر خارج حدود السويداء، وهناك اتفاق نأمل ان ينفذ".
واردف "اما هوية الجبل فستبقى الهوية العربية السورية الوطنية ولن يكون يكون لاسرائيل مدخل ان شاء الله متى كانت كلمتنا واحدة وموقفنا واحداً، هذا ما نتمناه ونناشد الجميع واخواننا شيوخ العقل والمسؤولين واننا على اتصال دائم معهم ونتطلع نحو المستقبل للعيش معا في البلد العربي الاسلامي الذي نعتز باننا جزء منه، ولا يجوز ان نتطلع الى مكان آخر وهذا هو عمقنا الذي سيبقى للابد. اشكر اخواني في اقليم الخروب وقد تربينا على اننا عائلة واحدة، أكان من خلال الافطارات الرمضانية في العرفان او لقاءات المختارة الجامعة، وهو حقيقة الشوف في الوحدة ومع مشاركة المونسنيور قزي ممثلا المطران العمار، كلنا معا لرأب الصدع بالتعقل والحكمة واهلا وسهلا".
واستقبل شيخ العقل سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور، في زيارة وداعية تخللها استعراض للاوضاع العامة في لبنان والمنطقة، واعرب السفير دبور عن تضامنه مع طائفة الموحدين الدروز وتقديم تعازيه بالشهداء والضحايا في السويداء.
كما استقبل شيخ العقل وفدا من "تجمع كلنا بيروت" ضم السادة: الوزير السابق محمد شقير، النائب السابق رولا الطبش، هشام المكمل، محمد خالد سنو، سعد الدين الخطيب، مديحة ارسلان، القاضي نديم غزال، سعد الدين حميدي صقر، يوسف دياب، راشد دوغان، سامر سوبرة وعبد الله عبدالله. وصرّح الوزير شقير بعد اللقاء: "انها زيارة تضامن لسماحة شيخ العقل، والوقوف الى جانب خطابه العقلاني وخطاب الوحدة ولغة الاعتدال، على امل ان ما حصل في السويداء يصبح وراءنا ويسود الحوار والمحبة وهذا الذي يجمعنا، ونبقى مع بعضنا البعض على الخير ومحبة بعضنا.
ومن زوار دار الطائفة ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور احمد عبد الهادي، الذي اكد تضامنه وقدم تعازيه، كما اطلع سماحته على الوضع الميداني الحاصل في غزة.
واستقبل الشيخ ابي المنى رئيس حزب "الوفاء اللبناني" احمد علوان مع وفد من قيادة الحزب للتضامن والتعزية. وكذلك وفدا من دروز بيروت.