غادر رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ قصر بعبدا في زيارته الأخيرة، ففاحت خلفه رائحة التفاؤل. مجددا ينتشر هذا العبق في الاروقة السياسية من دون ان يترجم تشكيلا للحكومة، ولكن لعل المصدر هذه المرة هو تنازل قدّمه رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، الأمر الذي يمكن أن يشكل مدخلا لولادة الحكومة الميمونة.

انتقل مصدر التفاؤل هذه المرة من قصر الرئاسة الثانية في عين التينة الى قصر الرئاسة الاولى، أبلغ الرئيس عون الحريري، بحسب مصادر مطلعة، موافقته على التخلي عمّا يُعرف بالثلث الضامن، والقبول بـ10 وزراء للتيار الوطني الحر وله، بالاضافة الى قبوله بمبدأ حصول ​القوات اللبنانية​ على وزارة العدل ضمن حصّة من أربع وزراء لا تتضمن منصب نائب رئيس الحكومة. تشير المصادر الى أن تنازل الرئيس عون جعل الحريري يتحدث عن اقتراب ​تشكيل الحكومة​ ولكن ماذا عن العقدة السنية والدرزية، والاهم ماذا عن عقدة العلاقات مع ​سوريا​؟.

تكشف مصادر الحزب الديمقراطي أن شيئا جديدا لم يُعرض عليهم في الشأن الحكومي، مشيرة عبر "النشرة" الى ان الجديد بالنسبة اليها هو في تدخلات المشايخ الدروز الذين دخلوا على خط الصلح بين رئيس الحزب ​طلال ارسلان​ ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ​وليد جنبلاط​، حيث تم الاتفاق على ما يشبه ​الهدنة​ الاعلامية بين الطرفين. من جهتها تؤكد المصادر المقربة من جنبلاط أن من صنع العقدة الدرزية هو القادر على حلها عبر العودة الى نتائج الانتخابات. وتضيف عبر "النشرة": "هناك ثلاث وزراء دروز من المفترض ان يسميهم وليد جنبلاط وفي حال التوافق على هذه المعايير تشكل الحكومة خلال اربع وعشرين ساعة"، مشددة على أن أي صيغة جديدة لم تُقدّم لنا في الساعات الماضية.

بعد العقدة الدرزية المستمرة، تنقل أوساط رئاسة الحكومة ان العقدة السنية قد حلّت، فالحريري الذي يصر على عدم توزير أي سني من خارج ​تيار المستقبل​ من حصته، لن يمانع قيام رئيس الجمهورية بتوزير فيصل كرامي أو عبد الرحيم مراد من حصّته، وبذلك يكون قد حصل النواب من خارج تيار المستقبل على حصة وزارية وبنفس الوقت لم يخسر الحريري وزيرا سنيا إضافيا غير ذلك الذي ينوي مقايضة الرئيس عون عليه.

تؤكد مصادر الفريق الشيعي أن حل العقد الداخلية سيؤدي الى تشكيل الحكومة رغم كل المعوقات الخارجية، ولكن لن يحدث ذلك في ساعات قليلة. وتضيف عير "النشرة": "العقدة الدرزية هي العقدة الأصعب اليوم لان جنبلاط يرفض التنازل، ولكن كل ما يقال عن علاقة متوترة بين رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ وجنبلاط هو اشاعات".

لا تنكر مصادر الفريق الشيعي وجود أزمة بشأن العلاقة مع سوريا، الا أنها لا ترى بأن هذا الأمر من شأنه عرقلة تشكيل الحكومة اذا ما تم الاتفاق الداخلي الكامل، مشددة على أن بعد تشكيل الحكومة سيتم إيجاد الحلول المناسبة لملف النازحين والعلاقة مع سوريا، مع العلم أن وزراءنا سيتعاملون مع الحكومة السورية بشكل طبيعي وسيزورون سوريا وسينسقون مع نظرائهم السوريين في كل المصالح المشتركة بين البلدين".

صحيح أن القيادة السورية أبلغت المعنيين في لبنان بإن إعادة النازحين لن يتم من دون تنسيق مباشر وعلني بين الحكومة اللبنانية المقبلة والحكومة السورية، وصحيح أن القيادة السعودية تتشدد في رفض "التطبيع" مع سوريا، الا أن ذلك لن يكون العائق أمام ولادة الحكومة، خصوصا وان الحريري يستعجل التشكيل قبل غيره لان التأخير يضرّه وينال من رصيده، وبحسب مصادر بيت الوسط فإن الأسبوع المقبل سيشهد جديدا، فهل اقترب الفرج الحكومي؟.