كالعادة ومع كل زيارة يقوم بها رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ الى ​القصر الجمهوري​، يكون هناك من يحاول اشاعة بعض الأجواء من الايجابية المفرطة التي تترافق مع حديث عن تشكيل خلال ساعات، وعن ضرب مواعيد كان آخرها ما تم تداوله عن ولادة حكومية قبل عيد الجيش في الأول من آب. وتبنّي الكثير من القوى السياسية غير المعنيّة بشكل مباشر في عملية التأليف هذه الأجواء، فتتبناها تلقائيا الغالبية الساحقة من ​وسائل الاعلام​، ما يدفع عندها حتى المعنيين بالتشكيل الى التشكيك بمعطياتهم!ويعوّل كثيرون على لقاء الحريري بوزير الخارجية في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ ويعتبرونه مفصليا، فإمّا يخرج بعده الدخان الابيض ايعازا بانجاز عملية توزيع الحصص، أو يترسخ الواقع القائم وبالتالي المراوحة المستمرة منذ أكثر من شهرين.

أما حقيقة ما طرأ في الأيام القليلة الماضية، فهو ابلاغ الحريري رئيس الجمهورية بـ"تنازلين" تمكن من الحصول عليهما من "​القوات اللبنانية​" والحزب "​التقدمي الاشتراكي​"، الاول مرتبط بموافقة رئيس "القوات" ​سمير جعجع​ بالحصول على 4 وزارات بدل الـ5، اما الثاني فقبول الحزب "التقدمي الاشتراكي" بالحصول على حقيبتين وزاريتين ووزارة دولة، علما أن العقدة لم تكن يوما هنا، كي يتحدث الحريري عن تنازلات. ولعل ردّة فعل ​الرئيس ميشال عون​ على طرح الحريري هذا، هي ما سمحت للبعض بالذهاب بعيدا باشاعة جو من التفاؤل، باعتبار ان رئيس الجمهورية، وبحسب مصادر مطلعة قال للحريري ردا على عرضه:"اذا كنت تعتبر هذه تنازلات ترضي الآخرين، فشكّل حكومتك واذهب بها الى ​المجلس النيابي​ كي تنال الثقة"، قبل أن يحيله الى باسيل، وهو ما كان يتوجب أن يشكل اشارة واضحة للجميع بأن لا خرق يُذكر في الجدار الحكومي.

وتشير المصادر المقربة من الثنائي الشيعي الى ان "الطرح الحريريّ الأخير يعني حصول الثلاثي جعجع–جنبلاط–الحريري على 13 وزيرا أي ما ما يفوق الثلث المعطل من خلال اعطاء "المستقبل" 6 وزراء، "القوات" 4 و"الاشتراكي" 3، لافتة الى ان "هذه الصيغة تعني للفرقاء الآخرين وبالتحديد لـ"الثنائي الشيعي" و"​التيار الوطني الحر​" خسارة، فيما المطلوب ان تكون الحكومة ​الجديدة​ انعكاس لانتصارات المحور في المنطقة و​سوريا​ بالتحديد". وتضيف المصادر:"في حال كان هناك اصرار على المضي بطرح صيغ مماثلة فلن يكون مستبعدا ان يوقع الرئيس عون احدى التشكيلات ليذهب بها الحريري الى المجلس النيابي فيتم اسقاطها هناك".

وبحسب المصادر، فانه ومع كل اخفاق في تقديم تشكيلة ترضي الجميع، تعود صيغة الثلاث عشرات لتوضع على طاولة البحث، وان كان رئيس الحكومة المكلف لا يحبذها، باعتبارها تحصر حصته والقوات والتقدمي الاشتراكي بـ10 وزارات، على ان يحصل عون–باسيل على 10 وزارات اخرى والثنائي الشيعي والسنة من خارج ثوب "المستقبل" والمستقلين على 10 وزارات أيضا. وتعتبر المصادر أن هذه الصيغة هي الأمثل باعتبارها لا تعطيأيًّا من الفرقاء ورقة "الثلث المعطل" التي لا يبدو واضحا ما اذا كان رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر" قد قررا أصلا التخلي عنها.

وبالرغم من ترقب الجميع نتائج لقاء الحريري–باسيل لتبيان مصير الحكومة العتيدة، الا أن تجارب الماضي القريب لا تبدو مشجعة كثيرا، وبخاصة في ظل معطيات تؤكد ان العقد لا تزال على ما هي عليه وان كان هناك من يسعى لتأكيد العكس.