أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ تأليف الحكومة من صلاحيات ومن واجبات رئيس الحكومة المكلف، وبالتالي هي تلقى على عاتقه فقط، بالتنسيق والتشاور مع رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن المفاوضات في الشأن الحكومي يجب أن تجري مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية ​جبران باسيل​.

وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "حوار اليوم" أدارته الإعلامية جوزفين ديب، شدّد على أنّ الحركات التي تحصل في الشارع وعلى مواقع التواصل لا تستهدف إلا العهد والرؤساء من حيث لا يدرون، مشيراً إلى أنّ هذه التحركات لا تساعد في تشكيل الحكومة، وهي موجهة ضدّ العهد، رافضاً اعتبار هذه الأمور بريئة، انطلاقاً من أنه لا يوجد شيء في لبنان بريء.

رئيس الجمهورية ليس فوق القانون

واعتبر أبو فاضل أنّ رئيس الجمهورية لا يمكن أن يكون فوق القانون، وهو المسؤول عن تطبيق القانون، موضحاً أنه في حال تعرض مقام رئاسة الجمهورية للسباب أو الشتم أو القدم أو الذم تتحرك النيابة العامة التمييزية تلقائياً من دون أن يطلب منها أحد التحرك.

وأوضح أبو فاضل رداً على سؤال، أنه لا يمكن لأي من الرؤساء الثلاثة أو لوزير العدل أو أي مسؤول مهما بلغ شأنه التدخل لوقف أو تحريك الضابطة العدلية، مشدّداً على أنّ الأخيرة تقوم بعملها في توقيف كل من يشتم ويذم ويقدح بمقام رئاسة الجمهورية، ولا يمكن لأحد وقفها.

بانتظار لقاء الحريري وباسيل

وفي ملف التشكيلة الحكومة، لفت أبو فاضل إلى أنّ المفاوضات الحكومية تنتظر الاجتماع بين رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ ووزير الخارجية جبران باسيل، وفي حال تمّ الاتفاق يمكن للحكومة أن تشكّل سريعاً، مشيراً إلى أنّ الحريري يعالج العقد والمفاوضات مستمرة مع كل من القوات اللبنانية و​الحزب التقدمي الاشتراكي​.

وعلى خط العقدة الدرزية، قال أبو فاضل إنّ النائب السابق ​وليد جنبلاط​ يسعى لتثبيت أقدام نجله ​تيمور جنبلاط​ وزعامته بثلاثة وزراء دروز، خصوصاً أنّ الوضع الدرزي اليوم اختلف عن السابق، والانتخابات النيابية أفرزت تغييراً في الأحجام، خصوصاً مع حصول الوزير ​طلال أرسلان​ وكذلك الوزير السابق ​وئام وهاب​ على عدد لافت من الأصوات.

الوزير باسيل لم يعتدِ على القوات

من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ "العقدة المسيحية لا تكمن في عدد الوزراء، بل هي معركة مبكرة على الرئاسة المقبلة"، مؤكداً أن "الذي نشر اتفاق معراب هو الذي نسف الاتفاق، في حين أن التيار الوطني الحر هو بحل من الاتفاق بعد نشره"، ملمحاً إلى أنّ الاتفاق كان ينصّ ضمنياً على أنّ رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ يصل إلى الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس عون.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ الوزير جبران باسيل لم يعتدِ على القوات وعلى الدكتور جعجع، بدليل الحصة التي حصلوا عليها في الحكومة السابقة عندما كانت حصتهم في البرلمان لا تزيد على ثمانية نواب، إلا أنّ أداء القوات اللبنانية داخل الحكومة كان معارضاً للعهد ومناهضاً له، من خلال إفشال كلّ خطط وسياسات الوزراء المحسوبين على العهد، مذكّراً بكلام جعجع خلال مرحلة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية، حين قال إنّ الحريري كان يجب أن يستهدف منذ فترة طويلة، ما شكّل استهدافاً مباشراً للعهد.

أربع حقائب أساسية للقوات

ورأى أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ جعجع وباسيل لن يصلا إلى رئاسة الجمهورية في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، معتبراً أنّ رئيس الجمهورية يسعى للحصول مع تكتل لبنان القوي على الثلث في الحكومة حتى يصبح متحكّماً فيه ويستطيع إنجاز ما يصبو إليه من مشاريع وخطط، مشيراً إلى أنّه حتى في حال لم يحصل على 11 وزيراً وحصل على تسعة أو عشرة وزراء، سيكون لديه أكثر بالاتفاق مع رئيس الحكومة و​حزب الله​، وليس بالاتفاق بطبيعة الحال مع القوات اللبنانية أو الحزب التقدمي الاشتراكي.

ورجّح أبو فاضل أن يكون هناك إطلالة قريبة لرئيس الجمهورية يتحدّث فيها ك​ميشال عون​ بعيداً عن البروتوكول لمصارحة الناس بحقيقة ما يحصل على أرض الواقع، ولفت رداً على سؤال إلى أنّ القوات اللبنانية يمكن أن تحصل في الحكومة على حقائب أساسية لكنها لن تحصل على حقيبة سيادية ولا على نيابة رئاسة الحكومة، معرباً عن اعتقاده بأنّ القوات توافق على هذا الطرح، ولو كانت متمسّكة في السابق بالحصول على خمس حقائب.

السعودية تتكل على جعجع وجنبلاط

ورأى أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أنّ هناك من يريد اليوم أن يطبّل ويزمّر على حساب العهد، لكنّه قال إن "من لا يعرف ميشال عون لا يعرف شيئاً"، مشدّداً في سياق آخر، على أنّ السعودية تريد الحفاظ على المكوّن القواتي وكذلك الحزب التقدمي الاشتراكي وتدعمه وتتّكل عليهما، وهي تعتبر أنّ الرئيس سعد الحريري حصان غير رابح بالنسبة إلى صفقة القرن، وأنّ مجلس النواب في أكثريته ميّال إلى إيران وسوريا ومحور الممانعة والمقاومة، وبين هؤلاء أكثرية كتلة لبنان القوي برئاسة الوزير جبران باسيل.

وأكد أبو فاضل أنّ تكتل لبنان القوي عند الاستحقاقات الأساسية لن يكون في موقع معارض لسوريا او للمقاومة، لافتاً إلى بدء التنسيق مع سوريا في ما خص إعادة النازحين السوريين الى وطنهم، مشيراً إلى "أننا أمام عدة تطلعات في المنطقة والموفد الروسي ينسق مع اميركا لتسهيل المبادرة الروسية بإعادة النازحين من لبنان والاردن وتركيا إلى وطنهم"، متحدّثاً عن اتجاه نحو العودة بموجب الاتفاق الأميركي الروسي في قمة هلسنكي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وهو ما ستواكبه الحكومة المقبلة.

النأي بالنفس باقٍ

وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ البيان الوزاري سيبقى كما هو على صعيد النأي بالنفس عن نزاعات المنطقة، مشيراً إلى أن الاتصالات غير مقطوعة بين لبنان وسوريا نظراً لوجود سفارات ولوجود المجلس الأعلى اللبناني السوري الذي يعتبر أرقى من السفارات، مذكّراً باللقاء الذي جمع الوزير جبران باسيل بنظيره السوري ​وليد المعلم​ سابقاً في نيويورك.

وأقرّ أبو فاضل بإمكان حصول انقسام حول إعادة إحياء العلاقات مع سوريا بين مختلف مكوّنات الحكومة، مشيراً إلى أنّ الرئيس عون والوزير باسيل يعتبران أنّ سوريا دولة شقيقة وهي ليست عدوتنا، وهما يسعيان إلى إعادة العلاقات أقله لتسوية ​ملف النازحين السوريين​، خصوصاً أنّ لدينا مليوناً ونصف مليون لاجئ سوري، ويجب التنسيق مع سوريا لإعادتهم بطبيعة الحال.

ما حصل في السويداء مجزرة

وفي الموضوع السوري، اعتبر أبو فاضل أنّ الجنوب السوري سيشهد هدوء في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنّ ما حصل في محافظة السويداء مجزرة ومذبحة كبيرة من قبل ​تنظيم داعش​ بحماية ودعم من إسرائيل، مشدّداً على أنّ دروز السويداء كانوا على قدر الحمل في التعاطي مع المجزرة التي تعرضت لها منطقتهم.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ إسرائيل لا تريد وجوداً إيرانياً أو وجوداً لحزب الله على حدودها مع سوريا، وهي تعتبر أنّ حزب الله ممنوع من الدفاع عن حلفائه في سوريا، في حين أنّه يحق لها هي أن تدمّر سوريا، مشيراً إلى أنّها تريد إبعاد حزب الله عن جميع الجبهات، كما تريد مراقبة الحدود السورية اللبنانية ومنع نقل أيّ سلاح.

عمل بطولي للجيش اللبناني

من جهة ثانية، أكد أبو فاضل أنّ ما حصل في ​بريتال​ عمل بطولي، في إشارة إلى العملية النوعية التي نفذها الجيش اللبناني، مشيراً إلى أنّ قائد الجيش ​العماد جوزيف عون​ ضمانة، وهو لا يردّ على أحد ولا يقبل بواسطة مع أحد، لافتاً إلى أنّ حدّد اليوم هدفاً كبير بالقبض على تجار المخدرات، أحياء أو أموات، مشدّداً على أنه لن يقبل المساومة في هذا الملف.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ الهدف من العملية لم يكن قتل المطلوبين، إلا أنّ هؤلاء رفضوا الاستسلام، وفرضوا حصول المعركة التي وقعت، معتبراً أنّ المخدرات آفة مزمنة، ولا يجوز السكوت عليها، ولا بدّ من مكافحتها ومواجهتها، وهو ما يقوم به الجيش اللبناني اليوم.