اشار المدير العام للامن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ الى ان مهمة التواصل مع دمشق كموفد خاص لرئيس الجمهورية محددة بالعمل على اعادة النازحين الى سوريا من خلال التنسيق مع السلطات السورية المعنية والمنظمات الدولية الموجودة في ​لبنان​، تسهيلا لعملية العودة الطوعية الى ديارهم. هذه العودة لا يمكن ان تتم من دون التواصل مع ​الدولة السورية​ والسلطات المعنية هناك. واوضح انه لم يعد الامر سرا انه جار على قدم وساق وبشكل شبه يومي. في الفترة الاخيرة وفرنا انتقال دفعة جديدة منهم كان يمكن ان تصل الى الف شخص لولا ان بعضهم تردد فارجأ المغادرة لاسباب آنية فغادر منهم ما يقارب 660 شخصا. عمليات التسجيل من اجل العودة مستمرة وباعداد مرتفعة، وهي عملية مستمرة تنتظر الترتيبات الضروية لتوفير عودة طوعية وامنة لهؤلاء الى بلدهم.

ولفت اللواء ابراهيم في حديث مع مجلة "​الامن العام​" في العيد الثالث والسبعين للمديرية العامة للامن العام الذي يصادف في 27 آب، الى ان المبادرة الروسية في طور الترجمة العملية بعدما اطّلع عليها المسؤولون في لبنان. لكن من المؤكد ان اي عملية عودة لأي اجنبي الى دولته في العالم وليس الى سوريا فحسب، وسواء كان نازحا، لاجئا، زائرا او سائحا، فكل الآليات المعتمدة تقود الى ممر اجباري هو الامن العام. واشار الى ان الصلاحيات الموجودة لدى المديرية وما نص عليه القانون، يجعلها الممر الاجباري لانهاء مثل هذه العملية. لذا نحن مستعدون للتعاون مع اي جهة لتخفيف عبء النزوح عن لبنان، فالمبادرة سواء كانت روسية او خلافه، مرحب بها في هذا الاطار. انا لا اخفي ذلك، وساقول الكلام نفسه الى الاحزاب اللبنانية التي بادرت الى تنظيم قوافل العودة من ​حزب الله​ او ​التيار الوطني الحر​ و​المردة​ واي حزب لبناني آخر يمكن ان يساعد في هذا الموضوع. في النهاية لا معبر اجباريا لمثل هذه المشاريع سوى ​الدولة اللبنانية​ ممثلة بالامن العام. اضاف انا تواصلت مع جميع الاحزاب وخصوصا من بادر الى هذه الخطوات بملف النازحين، وما فهمته انها شعرت في مكان ما ان الدولة لا تقوم بواجباتها في هذا الاطار فبادرت من طرف واحد. الدولة، ولأكون اوضح، الحكومة لا تريد ان تتواصل مع السلطات السورية المعنية بهذا الملف لاسباب سياسية لا علاقة لنا بها، لذا حاول كل حزب ان يملأ الفراغ على طريقته. في كل الاحوال، هذه الاحزاب هي من مكونات ​الشعب اللبناني​ وهي التي قامت بدور ما في تنظيم ​النزوح السوري​ واحتضان النازحين في وقت لم تنظمه اجهزة الدولة اللبنانية فلربما تكون العودة على غرار الاستقبال. لكن في الوقت نفسه فإن اي نازح سوري دخل الى لبنان فإنه دخل عبر بوابة ومركز الامن العام ولا يعود الا عبر الامن العام. وهو ما يعني ان المديرية هي صاحبة الصلاحيات وتقوم بدورها وفق القوانين المرعية الاجراء.

واوضح انه لا يستطيع احد ان يقوم باحصاء عدد العائدين السوريين وما تبقى منهم في لبنان، فقد يكون الاف السوريين قد عادوا بطريقة فردية. حركة العبور اليومية على الحدود من والى سوريا لا تسمح بمثل هذا الاحصاء الدقيق، وما استطيع قوله اننا نظمنا الى اليوم عودة ما يقارب خمسة الاف منهم. وتابع قائلا "ما اعتقده ان عدد النازحين الموجودين في لبنان يقارب مليون و400 الف. في تقديري ان عددا كبيرا منهم قد غادر لبنان وقصدوا دولا اخرى او رجعوا الى سوريا. في كلتي الحالين، ما هو موجود عدد كبير ولا يستهان به، وما اعتقده ان رحلات العودة للنازحين الى سوريا بدأت وبطريقة جدية جدا".

وحول عمليات تسلل النازحين خلسة في اتجاه لبنان، اشار الى انه يمكن القول ان هذه الظاهرة انحسرت الى حد بعيد وتكاد تكون معدومة وغير موجودة. علما انه في الايام الطبيعية كانت هناك حالات تسلل فردية من لبنان الى سوريا وبالعكس، وخصوصا اولئك الذين يمتهنون التهريب وهي حالات ما زالت موجودة. لكن التجارب علمتنا الكثير واصبحنا اكثر تشددا من قبل، وقد عززنا وسائل مراقبة للحدود اكثر من قبل. حتى المعابر غير الشرعية باتت تحت سيطرة وعيون الجيش ودورياته، وهو يقوم بواجباته على الحدود وعلى كل ما يسمى المعابر غير الشرعية او تلك المستخدمة للتهريب او للتسلل من الاراضي اللبنانية واليها. اما المعابر الشرعية فهي مضبوطة بشكل طبيعي وتحت سيطرة الامن العام وبقية الاجهزة الامنية.

ورأى مدير الامن العام ان الامور مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين "UNHCR" استقامت الى حد بعيد. اريد هنا ان اكشف سرا لمجلة "الامن العام"، لقد شكلنا مجموعة من اللجان مع المنظمة على مجمل الاراضي اللبنانية لتعنى بموضوع النزوح وتسجيل اسماء النازحين الراغبين في العودة الى سوريا، فالمنظمة اصبحت اكثر تجاوبا من ذي قبل الى حد كبير. وعن السبب الذي ادى الى اعطاء انطباع بأن المفوضية ضد عودة للنازحين؟ لفت الى ان الموضوع لا يقاس بالمنظور السلبي او الايجابي. نماذج الاسئلة التي كانت تطرحها المنظمة على النازحين الراغبين في العودة، اثارت حفيظة بعض النازحين في شكلها ومضمونها واخافت البعض منهم، فلجأوا الى المراجع الامنية ليعبّروا عن مخاوفهم بأن المنظمة لا ترغب في عودتهم الى سوريا. وقعت الازمة واعتقد ان الامور سوّيت اليوم وتم توضيح المسألة امام وزارة الخارجية والمديرية العامة للامن العام وعادت العلاقات الى طبيعتها مع المنظمة.

اضاف ثمة مراكز للامن العام قيد الانشاء على مساحة لبنان. قصدت اخيرا النبطية لتفقد بناء المركز الاقليمي الجديد وهو مركز شبيه بمركزي الجديدة وبعلبك الجديدين. قريبا سنضع الحجر الاساس لمبنى الطيونة في الضاحية لتقاسم الخدمات التي يقدمها مركز برج البراجنة الى نحو 800 الف مواطن، وهو من ثلاث غرف آيلة الى السقوط. اخيرا وفرنا الارض والتمويل وما اتمناه ان ندشنه خلال عام ونصف عام. وبالتعاون مع بلدية الدامور افتتحنا مركزها، ونعمل حاليا على بناء مركز قانا ليكون بديلا من مركز صور الذي لا يليق بابناء المنطقة، وقد تم الاتصال بعدد من فعالياتها والمتمولين من اجل بنائه بعد توفير الموقع وهم سيتكفلون بالباقي.

اضاف نحن معنيون بمكافحة الارهاب والتجسس، ليس على مستوى لبنان فحسب، انما على مستوى المنطقة والعالم. وهو امر بات الى انحسار. الارهاب بمفهومه السائد في السنوات الاخيرة، اي الارهاب التكفيري، بات شبه معدوم في لبنان كما في بقية دول العالم. يبقى ان ما يواجهنا هو موضوع التجسس الذي له علاقة باسرائيل، وهذا لا يعني اننا لا نوقف من وقت لآخر خلايا ما زالت موجودة وتخطط وتستعد للتحرك وهي لا تزل موجودة في الداخل. يمكن ان تكون امكاناتها اللوجستية باتت عاجزة عن القيام باعمال ارهابية ولو محدودة، لكن محاولاتها ما زالت مستمرة. اوقفنا العديد منهم في اثناء القيام بمحاولات لتجميع الوسائل اللوجستية التي يمكن ان تساعدها للقيام باعمال ارهابية. على مستوى التجسس الاسرائيلي وغيره التوقيفات مستمرة. قبل ايام اوقفنا احدهم ولم نكن ننوي الاعلان عن الامر. ولو لم تدّع احدى المنظمات اننا اوقفنا هذا الرجل على "خلفية مذهبية" وقيل انها "ارامية - مارونية"، لما اثرنا الموضوع واصدرنا بيانا توضيحيا منعا لأي التباس. نحن لا نريد ان نثير الارهابيين والعملاء ولا نريد خلق جو من البلبلة في البلد، علما ان ملاحقة المخلين بالامن مستمرة ولن يوقفها احد.

واوضح انه بعد مرور شهرين على تكليف دولة الرئيس سعد الحريري مهمة تشكيل الحكومة اعتقد انها ما زالت مهلة طبيعية من اجل ولادة الحكومات في لبنان. اذا عدنا الى الوراء نرى ان تشكيلها سابقا استغرق مهلا اطول بكثير. تشكيل حكومة دولة الرئيس تمام سلام استغرق احد عشر شهرا وهناك امثلة كثيرة ما زالت في الذاكرة، ولذلك اقول اننا ما زلنا ضمن المهلة الطبيعية. نحن نتمنى ان تكون الحكومة قد شكلت الامس بدلا من اليوم، لكن هذا هو الواقع السياسي الذي نعيشه اليوم في لبنان. التنوع الذي نحرص عليه يفرض احيانا عملية شد للحبال من جهة الى جهة اخرى وتكون النتيجة الحتمية التأخير في تشكيل حكومات لبنان. لنكن منطقيين، على الرغم من كل الضغوط الاعلامية والتهويل الذي نعيش فصولا منه، ما زلنا في السياق الطبيعي للامور.

وتابع "اعتقد ان الرئيس عون انجز الكثير خلال السنتين المنصرمتين، وتجاوز ما انجز في سنوات. استطيع القول انه انجز ما لم يصل اليه احد واقصد قانون الانتخاب. القانون الذي جرت الانتخابات الاخيرة على اساسه نقل لبنان من واقع الى آخر، ووضع لبنان على خريطة التغيير الحقيقة. ما حصل لا يعدو كونه خطوة في مشوار الالف ميل. لكن يمكننا القول اننا بدأنا المشوار الذي سيؤدي لاحقا ولو بعد حين الى تحديث لبنان، والاهم الخروج من حال القوقعة الطائفية والمذهبية التي نعيشها، وعنيت اعتماد القانون النسبي. هذا الامر يعد انجازا كبيرا يسجل للعهد. كما اعتقد ان اقرار موازنة العام 2017 بعد اكثر من 12 سنة بلا موازنة، يعد انجازا آخر يسجل للعهد. انا لست في وارد تعداد انجازات العهد انما اعتقد ان ما انجزه الرئيس عون تجاوز ما انجز في عشرات السنوات الى الوراء".

وختم معلنا ان سنة 2018 كانت سنة تحديث وتطوير الادارة في المديرية العامة للامن العام.