بعد أن كان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ أعلن عن نقل السفارة الأميركية إلى ​القدس​ والإعتراف بها عاصمة ل​إسرائيل​، جاء القرار الثاني، ضمن ما بات يعرف بـ"صفقة القرن"، من خلال وقف واشنطن المساهمة التي تقدمها إلى وكالة "​الأونروا​"، التي تعنى بشؤون ​اللاجئين الفلسطينيين​، الأمر الذي من المفترض أن يكون له تداعيات على الدول المُضيفة، لا سيّما ​لبنان​، الذي يستضيف أكثر من 400 ألف مسجّلين في الوكالة.

وعلى الرغم من أن هذا القرار كان متوقعاً، نظراً إلى أن التمهيد له كان قد بدأ منذ أشهر، إلا أن خطره يبقى قائماً، خصوصاً أن مشروع توطين اللاجئين في الدول المضيفة يطل من خلال هذه البوابة، لا سيما إذا ما أدى القرار إلى إنهاء الوكالة التي تعاني أزمة مالية حادة.

وفي حين تشدد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، على أن هذا الأمر ليس "عادياً"، تؤكد أن هناك مسؤولية كبيرة على المسؤولين اللبنانيين لمواجهته، لا سيما أنه لا يمكن القبول بأي مشروع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مهما كان الثمن، وتضيف: "هذا مشروع حرب في لبنان، بشكل أو بآخر، لا يمكن التساهل معه"، وطالبت بالبحث عن وسائل أخرى لتأمين التمويل اللازم لـ"الأونروا"، سواء عبر ​الإتحاد الأوروبي​ أو بعض الدول العربية، لا سيما أن تأسيسها جاء بقرار صادر عن ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​، وبالتالي فإن القرار الأميركي لا يعني انهاء وجودها بل تهديده من خلال قطع التمويل عنها.

وتؤكد المصادر نفسها أن التحذير من ​التوطين​، في هذه المرحلة، لا يأتي في إطار التهويل، كما قد يحاول البعض الترويج، بل هو حقيقة قائمة أكثر من أي وقت مضى، والدليل ما يجري على مستوى المنطقة من صفقات كبرى، وتلفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ كان أول المرحّبين بالقرار الأميركي، الذي يدرك أنه جزء من مشروع كبير تعمل عليه الولايات المتحدة.

وتذكر هذه المصادر بأن الخطر على الواقع اللبناني لم يتوقف في أي يوم، لافتة إلى أنه عند طرح المبادرة العربية للسلام، في القمة العربية في بيروت في العام 2002، لم تكن تتضمن أي بند يتحدث عن عودة اللاجئين، إلا أن الموقف اللبناني هو الذي أعاد توجيه البوصلة، لا سيما بعد أن رفض الرئيس الأسبق أميل لحود عرض كلمة رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، عبر شاشة تلفزيونية مباشرة من الضفة الغربية، قبل الإتفاق على هذا الأمر.

بالتزامن مع الخطر القائم من خلال القرار الأميركي، لدى مصادر لبنانية أخرى التوجّس من تصاعد التقارير الصحافية التي تتحدث عن إنهيار إقتصادي متوقّع في البلاد، التي تؤكد أنها لم تأتِ بأي جديد لكنها سعت إلى اعطاء صورة مضخّمة عن الواقع القائم، وترى أن الأمرين مترابطين في مكان ما، في ظل المعلومات التي تتحدث عن عرض واشنطن على كل من ​الأردن​ ومصر مساعدات مالية ضخمة مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين لديهما.

وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن بعض القيادات اللبنانيّة، عند صدور تلك التقارير في عطلة نهاية الاسبوع المنصرم، ربطتها بالمعركة التي تخوضها بيروت على مستوى أزمة ​النازحين السوريين​ دبلوماسياً، الذين يواجهون العديد من العراقيل التي تحول دون عودتهم رغم إستعادة دمشق سيطرتها على كامل أراضيها، معتبرة أن الخطر الفعلي، من هذه البوابة، هو على حقّ العودة، نظراً إلى أن عودة النازحين السوريين تبقى أسهل من تأمين عودة اللاجئين الفلسطييين، بسبب الموقف الإسرائيلي المتشدد.

إنطلاقاً من ذلك، تطرح المصادر نفسها الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان المطلوب، من وراء الضغط على الوضعين الإقتصادي والمالي في لبنان، تحضير الأرضيّة اللازمة لتقديم عرضٍ مالي شرط القبول بتوطين اللاجئيين الفلسطينيين، على قاعدة أن ليس هناك من حلّ أمام اللبنانيين إلا القبول به، خصوصاً أن وقف مساعدات "الأونروا" قد يكون له تداعيات أمنيّة على مستوى المخيّمات الفلسطينية في لبنان، وتذكر بأن مثل هذا العرض سبق أن قدم بالنسبة إلى النازحين السوريين، من خلال الدعوات إلى تأمين "إندماجهم" مقابل الحصول على مساعدات مالية.