احيا رئيس ​مجلس النواب​ اﻻستاذ ​نبيه بري​، الليلة السادسة من ليالي ​عاشوراء​ بمجلس عزاء حسيني اقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح حضره الى جانب دولته، وزير المال في حكومة تصريف اﻻعمال ​علي حسن خليل​، رئيس أساقفة ​بيروت​ للموارنة رئيس اللجنة الأسقفية لوسائـل الإعـلام المطران بولس مطر الذي اعتبر اننا "نحنُ مَعشرَ ​المسيح​يِّينَ نتطَلَّعُ بالقلبِ والعينِ إلى استشهادِ الحُسَين ونرى فيهِ مَلامحَ تُشيرُ إلى مَوتِ المسيحِ على يَدِ الصَّالبِينَ ومَن وَرَاءَهُم. وقد خَافُوا من قُدْسيَّتِهِ وَقرَّرُوا حَذفَهُ من الوُجُودِ. كانَ السيِّدُ المسيح قد نَشَرَ تَعاليمَ المحبَّةِ والأخوَّةِ والسَّلامِ. وهُم وَاجهُوهُ بالحقدِ وَالظُّلمِ الأَعمَى. فما تَرَاجعَ عن رِسالتِهِ بِتَغيِيرِ وَجهِ الأرضِ عَبرَ الأخوَّةِ الشَّاملةِ، بَلْ قَبِلَ المَوتَ حُبًّا بِالإنسانيَّةِ كلِّها وَمِن أجلِ أَن تَقُومَ بِقُوَّةِ قِيَامتِهِ إلى حياةٍ أَفضلَ وإلى عَهدٍ لها جَديدٍ. إنَّهُ الصُّمُودُ بِالحَقِّ في كلِّ حالٍ وَمَهمَا غَلَتْ دُونَهُ الأَثمانُ وَلَو بَلَغَتْ حُدُودَ الفِدَاءِ. وهُو إِثباتٌ لِقَاعدةِ أَساسٍ نُدركُ بِموجبِهَا مُستلزمَاتِ التَّاريخِ إذا أَردنَاهُ تاريخَ بِنَاءٍ وتاريخَ حَضارةٍ وَتَاريخَ سُمُوٍّ بِالإنسانِ الَّذي كلَّفَهُ رَبُّهُ أَصلاً بِأَنْ يَكونَ خَليفَتَهُ في الأرضِ، فلا يُفسِدهَا بِزُؤانِ المَعَاصِي بَلْ يُزيِّنُ حُقُولَهَا بِقَمحِ الخَيرِ لِيَسدَّ بِهِ عَوَزَ الجائعينَ إلى الرَّحمةِ وإلى الكلمةِ السَّواءِ.

واضاف: "كيف لنا نحنُ المسيحيِّينَ ألاَّ يَدخلَ التَّأثُّرُ بهذه الصَّلاةِ مَجامعَ قُلُوبِنَا، وهي الكلماتُ نفسُهَا الَّتي نَتلُوهَا في أَقدَسِ صَلوَاتِنَا، عندما نَسألُ اللهَ أن يَقبلَ قُربانَ مسيحِهِ قائلين بالتَّمامِ: «اقبَلْ يا ربُّ هذا القربانَ من أَيدِينا، قُربانَ مَسيحِكَ فِداءً عن العالَمِ وَأَحلّْ سلامَكَ وَمَحبَّتَكَ في كلِّ الأرضِ»؟ أليس في هذا التَّلاقِي بينَ الصَّلاتَينِ دَعوةً إلى محبَّةٍ جامعةٍ بينَ المُسلمينَ والمسيحيِّينَ، نَتعهَّدُها نحنُ في لُبنانَ بِخاصَّةٍ، وَنَشهَدُ لها كما نَعملُ على تَحقيقِهَا في كلِّ الأرض؟ نحنُ نعرفُ أنَّنا نَحيَا مُقاوَمةً للشَّرِّ وَالعُدوانِ في شَرقِنَا العَربيِّ، ونقدِّمُ فيها فَلَذاتِ أَكبادِنَا قَرابِينَ حَيَّةً في ساحاتِ الشَّرفِ والفِدَاءِ. لكنَّنا في الوَقتِ عَينِهِ نُؤكِّدُ أنَّنا لسنا هُوَاةَ مَوتٍ بَلْ نُريدُ أن نَكونَ صُنَّاعَ حياةٍ. فَلتكِفّْ القِِوَى الظَّالِمةُ في الكَونِ عن ظُلمِهَا فينا وَلْتَعمَلْ على إِعادةِ الحقِّ إلى نِصَابِهِ. عندَ ذاكَ تُوضَعُ ظُرُوفُ السَّلامِ في مَوضعِها الصَّحيحِ، وَيُعطِي فِداءُ المُفتدِينَ كلَّ ثِمَارِهِ وَيَعمُّ دُنيانَا فَرحُ الحياةِ.

وقال المطران مطر:" هذا الجوِّ العابقِ بالمحبَّةِ والفِداء، جوِّ ذِكرَى تقدمةِ الحُسَين لذاتِهِ قُربانًا لله وفِدَاءً عن أُمَّتِهِ من أجلِ أن تَسلمَ من الأَذَى، نَرَانَا نحنُ اللبنانيِّينَ جميعًا أمامَ مُناسبةٍ رُوحيَّةٍ تَحملُنَا على التَّقرُّبِ من مكامنِ الخيرِ في نفوسِنَا. لقد سَبقَ وقدَّمنا قَرابينَ طاهرةً من أجلِ بِلادِنا. وقد آنَ الأوانُ لكي نَجمعَهَا من أجل وطنِنَا المُوَحَّدِ، وأن نَتمسَّكَ بِهذا الوطنِ قَولاً وعَمَلاً، وأن نَبذلَ الغالِي والثَّمينَ من أجلِ إنقاذِهِ ممَّا يتخبَّطُ فيه، وَاضِعِينَ مَصالحَهُ فَوقَ كلِّ مصلحةٍ شخصيَّةٍ أو فئويِّةٍ، وَأن نُقدِّمَهُ للعالَمِ بفرحٍ واعتزازٍ، وَطن رسالةٍ فريدةٍ في العيشِ المشتركِ الكريمِ بين أبنائهِ المَيامِينَ. وإنَّ لِحالِ الطوارئِ مُستلزماتِهَا وَنحنُ اليومَ في صلبِهَا: فعندما تَتعرَّضُ طائرةٌ لِخطرٍ داهمٍ، يُطلَبُ من المسافرين أن يغادِرُوهَا دون أن يَحملُوا بأيديهِم أيَّةَ حقيبةٍ على الإطلاقِ. فهَلْ نتمسَّكُ نحنُ بالحقائبِ عندما يصلُ الأمرُ إلى النَّجاةِ بنفوسنا قبلَ كلِّ شيءٍ؟ وفيما نذكرُ اليومَ أنَّ الحُسَينَ بنَ عليٍّ وَبما لهُ من رِفعةٍ ومن مكانةٍ عندَ الله والنَّاسِ، وبما كان يُعقَدُ عليهِ من آمالٍ، يُقدِّمُ نَفسَهُ قُربانًا فِداءً عن أمَّتِهِ لِيُنقذَهَا من شرٍّ مستطيرٍ، ألا يجدرُ بنا أن نَتحرَّرَ مِن الأَسرِ ضمنَ منافِعِنا الضيِّقَةِ، وَانْ نرتفعَ إلى مستوى العطاءِ السَّخيِّ لتبقَى الجماعةُ ويبقَى لُبنانُ؟ وإذا لم تُلهِمنَا الذِّكرى الحاضرةُ إلى البَذلِ من أجلِ مُستقبلِنَا، فإنَّنا نُقصِي بذلكَ نفوسَنَا عن دَعوتِنَا السَّاميةِ وعن الرِّسالةِ الَّتي أُوكِلَتْ إلينا بِنعمةٍ من الله