هل صحيح أنْ لا شهرة هذه الايام لأي كاتب او معلّق سياسي ما لم يضع اسم وزير الخارجيّة في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ في عنوان مقالته؟. وهل هي الموضة في ​وسائل الاعلام​ والتواصل الاجتماعي؟ يقال في بعض الاوساط ان بعضهم يسأل نفسه كل صباح كيف أشتمه او استفزه؟.

ذلك انه على اسمه يروّجون لأنفسهم، ويكفي ان يذكروه لترتفع نسبة قرّائهم. كل كلام عليه هو موضع اهتمام، يجذبهم بمواقفه وقوّة حركته السياسية وصراحته الجارحة احياناً، يهاجمونه ولكنهم يعودون بعد حين ويعترفون له بصوابيّة مواقفه. ليس جبران باسيل ملاكاً ولا هو يريد نفسه كذلك. مشكلتهم معه انه من خارج الحلبة المقفلة على عائلات السياسة اللبنانية واقطاعاتها وميليشياوياتها.

مزعجٌ هذا الرجل لكثرة ما يمشي عكس سير النظام اللبناني وأكاذيبه وألاعيبه. هو ليس ملاكاً ولكن السياسيين المتوافقين على حدود لعبتهم وألاعيبهم تربكهم مفاجآته وشراسته في الدفاع عن حق او قناعة. هو يخطئ لانه يعمل ويفكر ويطمح الى بناء دولة قوية بذاتها.

يُحمِّلونه تناقضات اللبنانيين وتراكم اخطائهم منذ ولادة الدولة والفشل في إقامة نظام عادل ومستقر لها.

جبران باسيل ينتمي الى جيل يحمّله الطائفيون والفاسدون والضعفاء والمراوغون والمجرمون وأمراء الحرب صليب لبنان. تسمعهم فتندهش لكثرة ما يحاضرون في العَلْمَنة والدولة المدنيّة وهم جزء من احزاب طائفيّة حتى العظم، او من احزاب فقدت مبرر وجودها فانغمست في حرب الطوائف وفشلت في بناء المواطنية. وعندما دخل جبران باسيل دائرة السلطة بقواعد اللعبة المتّبعة، اي ممثلاً لطائفته وملزماً بالدفاع عن موقعها، قامت القيامة وراحوا يتهمونه بالهيمنة والتسلّط. حتى ان بعضاً من أبناء قومه أزعجتهم إنجازاته فنقموا عليه وصاروا يكرهونه لانه نجح حيث فشلوا.

نجح في فرض معادلة الشراكة العادلة بوجه الهيمنة الظالمة .

نجح في تجييش الناس لرفض توطين النازحين السوريين، لا كرهاً بهم بل دفاعاً عن وجود لبنان المهدّد بأعباء النزوح.

نجح بالضغط في المحافل الدولية او في التقاطع مع مصالح بعضها، فظهرت مبادرات حقيقية لإعادة النازحين .

نجح في فضح مخططات توطين الفلسطينيين وتصفية قضيّتهم ومحاولة إنهاء وكالة غوثهم "​الاونروا​" تمهيداً لإنهاء ​حق العودة​ .

تجرّأ على تسمية الأشياء بأسمائها ومواجهة المؤامرة وكشف المتواطئين ولمن فاته الامر فليقرأ كلامه امام ​الجامعة العربية​.

يكرهون جبران لأنّه نجح في احياء الطاقة الاغترابية واستنهاضها بعدما كانت مجرّد حنين او مصدر استغلال .

يكرهونه لأنّه ساهم في إعطاء الانتشار حقوقه السياسية واعاد له حقه بالجنسيّة اللبنانيّة.

يكرهونه لأنّه يروّج للنبيذ اللبناني والمطبخ اللبناني والإنتاج اللبناني ولانه يعمل للبنان الإبداع وفرص العمل.

يكرهون نجاحه لانه يُذكّر بعضهم بعجزهم.

يتّهمونه بالعنصريّة وبالطائفيّة لأنّه كسر الاحباط وشجع المسيحيين على البقاء في ارضهم.

يكرهونه لأنه من مدرسة ​الرئيس ميشال عون​ الذي حسم الخيار في الانتماء المشرقي للمسيحيين بعدما دفعوا ثمن خيارات خاطئة.

يكرهونه لانه لا يشبههم ولا يساوم فوالله لو دعا باسيل الى علمنة الدولة لكرهوا العلمنة نكاية به، ولو يطالب بضمان صحيّ لكل الناس لوقفوا ضد الضمان.

يكرهونه لكنه باقٍ هنا بارادة من يمثلهم والأفضل ان يحاوروه ويستفيدوا من طاقاته فهي ربما تنقذ لبنان من شرور بعض الحاقدين والفاشلين.

*مستشار وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل