مع مرور الايام وتعثر التشكيل اسبوعاً بعد اسبوع يتعقد المشهد السياسي امام العهد وتتداخل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمالية وتختلط التحالفات السياسية الداخلية وتطل ايضاً برأسها التحديات الخارجية من استمرار الازمة السورية وتعثر ملف النازحين والحل السياسي في ادلب وصولاً الى العقوبات الاميركية على لبنان وحزب الله والتحريض على حزب الله والمطار والاسلحة وتخزينها وغيرها من الضغوط الصهيونية والاختلاقات والتهديدات المبطنة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فتهديد لبنان عبر بنيته التحتية والاساسية كالمطار وبعض مناطق بيروت هو بواقع الحال تهديد باستهداف لبنان ومؤسساته. هذه التحديات وكلفتها العالية مع تأخر الحكومة يدفع ثمنها البلد ومعه الناس وايضاً المؤسسات وخصوصاً رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومن يشغلهما اليوم معنيان بالتأخير وبفاتورته الغالية. هكذا تقرأ اوساط نيابية مسيحية الامور وهي تختلف مع الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وخصوصاً في مقاربة العلاقة مع المسيحيين والتعاطي السياسي والحكومي مع "الحلفاء السابقين" ك​القوات​ و"الاخصام الحاليين" ك​المردة​ و​الكتائب​ بالاضافة الى تهميش بعض الشخصيات المسيحية المستقلة او تلك التي ينتمي بعضها الى بقايا 14 آذار.

وتؤكد الاوساط اننا لسنا ضد شخص عون وما يمثله من موقع وطني ومسيحي سيادي ولسنا ضد شخص باسيل انما نعترض على سياسة الاقصاء والتهميش والعزل والتحجيم ولغة التحدي والعزل التي يأخذها باسيل كنهج سياسي له منذ ما قبل الانتخابات النيابية وحتى قبلها اي عند انتخاب عمه رئيساً للجمهورية. وتشير الاوساط الى ان تقارباً شخصياً بدأ منذ مدة بين شخصيات نيابية من المردة والقوات من جهة وبين الكتائب والمردة من جهة ثانية اذ جمع غداء اخيراً في احد مطاعم ساحات النجمة على هامش جلسات "تشريع الضرورة" النيابية اكثر من جلسة بين نواب القوات ونواب المردة وتخلل احداها غداء عمل "متأخر" وتطرق الى العلاقة في منطقة شمالية والتنسيق الميداني لتفعيل اللجنة الامنية المتبادلة التي تتولى عادة معالجة اي اشكال بين الطرفين وهي لجنة مر على تشكيلها اكثر من 3 سنوات لكن وتيرة عملها تتوقف وتنشط حسب الظروف وخلال الانتخابات النيابية شهدت توقفاً بسبب التحضير لها. كما تطرق الاجتماع الى ملفات انمائية وبرلمانية ومنها المطالبة بتنفيذ قرار انشاء محافظة جبيل – كسروان.

في الجانب الثاني تؤكد الاوساط ان العلاقة بين المردة والكتائب مستقرة وتجمع علاقة جيدة بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ونجله النائب طوني فرنجية مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي يتردد الى دارة آل فرنجية في بنشعي وبيروت كلما سنحت الفرصة لتبادل الشؤون والشجون الشخصية والمناطقية. وتشير الاوساط الى ان ما يجمع القوى الثلاثة هو الاختلاف مع باسيل ومع النهج السياسي للرئيس عون لكن في الملف الحكومي كل فريق يطالب بحصته وبمطالبه على حدة رغم تأكيد الثلاثة ان خلافهم مع باسيل ليس خلافاً مع عون او ضرباً لموقع الرئاسة. وتؤكد الاوساط ان المردة متمسك بوزارة الاشغال لانه نجح فيها فإذا ارادها باسيل له فليعطنا الطاقة او اي وزارة سيادية وهامة اخرى فلا مانع لدينا لكن مع تهميشنا واقصاءنا لا حكومة. وكذلك يؤكد الكتائب وفق الاوساط انه لن يقبل بتهميشه وبإحراجه لاخراجه فهو لن يقبل بوزارة دولة كما ليس "راكضاً" الى حضن باسيل ليوزر!

في مقلب القوات تشير الاوساط الى ان العرض الاخير من الحريري للقوات ينص على إعطائهم وزارة التربية والثقافة والشؤون الاجتماعية ووزارة دولة مع نائب رئيس للحكومة لكن العرض لم يلق قبول عون ولا باسيل.

وفي حين تشير الاوساط الى ان اللقاءات مستمرة وقد تأخذ طابعاً سياسياً وتنسيقياً ومناطقياً وانمائياً اقله على المستوى النيابي والحزبي كما يحدث اليوم، تؤكد انه من المبكر القول ان هناك جبهة مارونية ضد العهد وعون فهناك خصوصيات كثيرة تفرق بينهم كالمحكمة الدولية وسلاح المقاومة والازمة السورية والعلاقة مع نظام الرئيس بشار الاسد وكلها ملفات خلافية.

في الموازاة تشير اوساط كنسية مقربة من بكركي الى ان البطريرك الماروني بشارة الراعي يسعى الى لم الشمل المسيحي وبادر اكثر من مرة الى ذلك لكنه لم يلق قبولاً من المرجعيات لعقد اجتماع للاقطاب وهو يشعر ان كل فريق يسعى الى مصلحته الذاتية والى تحصيل اكبر حصة ممكنة له من دون الالتفات الى المصلحة العامة وهو امر يفعله ايضاً المسلمون والشركاء الآخرون في الوطن. فكيف سنشكل حكومة وكيف سنبني وطناً ونعزز ابناءه في ظل النزعة الفردية والشخصية؟ لهذه الاسباب بادر البطريرك الى طرح حكومة حيادية وغير سياسية للطوارىء لتعذر التفاهم على صيغة وطنية جامعة للحكومة فالبطريرك تواق الى الوحدة والجمع وليس الى التفرقة وهو لا يحبذ حكومة من لون واحد او حكومة تعزل طرف من دون آخرين وهو يدعم العهد ورئيس الجمهورية وينشد الحوار بين الجميع للوصول الى حكومة في قارب وقت ممكن لانقاذ لبنان من ازماته.