وحده رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ متفائل من المشاورات والإتصالات التي أعاد تحريك مولداتها من جديد. وحده، يعني وحده فقط ومن دون أن ينسحب هذا التفاؤل على أي من الأفرقاء الأساسيين المعنيين بتأليف الحكومة. أما الدليل، ففي هذه الوقائع.

فبعد زيارته القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على مدى أقل من ساعة، لم تعلّق الأوساط المقربة من الرئيس عون على الزيارة سلباً ولا إيجاباً. هذا الصمت الرئاسي، فسّرته مصادر متابعة للمشاورات وكأنه بمثابة حذر من إبداء أي تفاؤل مفرط في غير محله، وقطعاً للطريق أمام أي إتّهام قد يوجه من الحريري إذا سرّبت أوساطه أنه قدّم تشكيلة حكومية ورفضت من قبل رئيس الجمهورية، لذلك كان الصمت الخيار الأفضل.

صمت القصر الجمهوري، واكبه ​حزب الله​ بصمت مماثل، ولكن إذا سألت قيادياً بارزاً في الحزب عن تفاؤل الحريري، سرعان ما يأتيك الجواب،" لا جديد حتى اللحظة حكومياً، والقرار الذي يسمح للمعنيين بتشكيل الحكومة، لم يصدر بعد". حتى ​القوات اللبنانية​ التي عادت لتتعامل مع الحريري كحليف بعد كل الأزمات التي مرّت بها علاقتها بالحريري، وعند سؤال مصادرها عن الحكومة، تعلّق، "هدفنا الآن هو في كيفيّة إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال، لأنّ الوضع الإقتصادي لم يعد يحتمل مزيداً من تعطيل المؤسسات، وكي لا يترك مجلس النواب وحيداً في ساحة المؤسسات التي تعمل مع ما يتضمنه هذا الإعتبار من إحترام لصلاحيات الرئاسة الثالثة".

أما ​الحزب التقدمي الإشتراكي​، فليس لديه من جديد يقوله عن تفاؤل رئيس الحكومة المكلف، تتمنى مصادره أن " يكون الحريري صائباً في تفاؤله"، وتضيف" لا يعتقدن أحد أن ترجمة مثل هذا التفاؤل ستتم على حسابنا فقط، فإما أن يتنازل الجميع وإما لن نتنازل عن المقعد الوزاري الدرزي الثالث".

وكما ينتظر الجميع كيف يمكن أن يترجم تفاؤل الحريري، ينتظر ​التيار الوطني الحر​ الذي وبحسب المصادر القياديّة فيه، إنتظر التشكيلة التي سيحملها معه الحريري الى القصر الجمهوري مساء الأربعاء، فما كان بالأخير إلا أن دخل للقاء رئيس الجمهورية من دون أن يحمل معه شيئاً، لا على صعيد مسوّدة التشكيلة التي ينتظرها الرئيس عون، ولا على صعيد حلحلة العقد الحكوميّة الأساسيّة، أيّ العقدة المسيحيّة بين التيار والقوات، وعقدة التمثيل الدرزي بين الحزب التقدمي الإشتراكي والمير ​طلال أرسلان​.

قبل لقاء بعبدا بين عون والحريري، أعلن رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ صباحاً أنه يرى بصيص أمل حكومي، معوّلاً على إجتماع بعبدا، ولكن بعد اللقاء الذي لم يتحدّث بعده الحريري إلا القليل القليل متحججاً بحلقة تلفزيونية يطلّ فيها مساء اليوم، لم تعد عين التينة تعوّل كثيراً على بصيص الأمل هذا.

في المحصّلة، حركة الحريري لا تزال بلا بركة، لذلك كان من الأفضل أن يكمل مشاوراته بموضوعية، بعيداً عن جرعات التفاؤل التي لا تلقى طريقها الى الترجمة.