شرع ​المزارعون​ في ​الجنوب​، مع بداية شهر أيلول الماضي، بالبدء بقطاف ​موسم الزيتون​ عن الأشجار، حيث تتميز القرى والبلدات الجنوبية، تحديداً في منطقة ​النبطية​، بتوجّه أفراد العائلات من كبارها وصغارها إلى الحقول للقطاف، لكن الانتاج هذا العام شحيح، وقد تراجع عن السنة الماضية بسبب قلة المتساقطات، ولأنّ موسم الزيتون يخضع لمعادلة "المعاومة"، أي يكثر انتاجه في عام على أن يقلّ في التالي.

الحقول اليوم تنبض بالحيوية، ويباع الكيلو ما بين 3 الاف و5 الاف ليرة، بنوعيه الأسود والأخضر، بينما يبلغ سعر صفيحة الزيت في معاصر الزيتون 200 دولار، أما المرطبان من الزيتون المرصوص الجاهز، الذي يحوي 5 كيلوغرام، بـ75 الفاً، فيما تباع الصفيحة من العام الماضي بـ100 دولار، لأن الانتاج ما زال مُكدّساً في الخوابي، ولم يتم تصريفه بالشكل المنتظم، خصوصاً في منطقتي حاصبيا ومرجعيون.

في هذا السياق، أشارت جمانة قاسم، عبر "النشرة"، إلى أننا "نعتمد على أولادنا لمساعدتنا في القطاف، لاسيما في أيام العطلة المدرسية"، لافتة إلى أن "الانتاج وإن كان لا يشبه العام الماضي من حيث الوفرة، لكنه أفضل من لا شيء، ونوزعه للاستخدام المنزلي بيننا وبين بيوت أفراد العائلة"، موضحة أن "معاصر الزيتون تتقاضى 1500 ليرة مقابل كل كيلو زيتون، بينما قلّة الاأمطار تسببت بانخفاض الانتاج، وبعض "الحبّات" تكاد تكون أقرب إلى اليباس من النضوج الكامل".

وطالبت وزارة الزراعة بعدم السماح للزيتون المستود بغزو الأسواق المحلية، كما حصل في العام الماضي، وبأن تتدخل الدولة لتصريف الانتاج المكدّس، كاشفة عن معلومات بأن كتلة "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" تعملان بجدّية على تصريف الانتاج السابق، وحماية هذه الشجرة من الأمراض ودعم المزارعين بالمبيدات والأدوية، لأن شجرة الزيتون مباركة في القرآن والانجيل، ولأن الزيتون يدعم الدخل الفردي للمواطن الجنوبي، ويقيه من العوز أو شراء الزيت والزيتون.

من جانبه، يلفت محمد ياغي، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن نحو مليوني شجرة زيتون تتركز في منطقة النبطيّة، مؤكداً أن الشجرة تقاوم العوامل المناخية، مشيراً إلى أنه يعتمد في معيشته على الزراعة، التي تتراوح ما بين التبغ والزيتون والملوخيّة، لكن الأمر يحتاج إلى المياه وننتظر جرها من الليطاني إلى البلدات القريبة منه، لتصبح بلدتنا زوطر الأولى بالانتاج الزراعي، وتصدره إلى كل المناطق ال​لبنان​ية، مطالباً بوضع رزنامة زراعيّة تمنع الاستيراد أثناء المواسم الجنوبيّة واللبنانيّة، وأن تهتم الدولة بدعم المزارعين في الجنوب.

وأشارت مريم مكّي من بلدة فرون إلى أن البلدة، مع جارتها الغندورية، تعتبران من الأوائل في زراعة الزيتون، وفي الانتاج الذي تراجع هذا العام لكنه يسدّ الرمق، كاشفة عن وجود مزارعين يزرعون، منذ 3 سنوات، أنواعا جديدة من أشجار الزيتون في أراضيهم بعد استصلاحها، وهي مستوردة من اسبانيا عمّمتها الكتيبة الاسبانيّة في اليونيفل، وهذه الأنواع تبقى صغيرة لكنها تتميّز بجودتها، الى ذلك، أشار المختار السابق للبلدة يوسف نهرا، إلى أن النبطية تأتي في المرتبة الثانية من حيث الزراعة والانتاج بعد حاصبيا ومرجعيون، ومن ثم بنت جبيل وصور، موضحاً أن هناك ما يقارب 6 الاف مزارع في محافظة النبطية، يعتنون بالزيتون ويعيشون من انتاجه، مطالباً بمنع الاستيراد من الخارج ودعم المزارعين بالأدوية لحماية الاشجار من الامراض، خاصة مرض عين الطاووس الذي يصيب الشجرة ويلحق بها اليباس ليفتك بها حتى الموت.

وأعلن حسن أبو جميل، من الغندورية، أنه انتج من كرومه، في العام الماضي، 200 طن من الزيت وباعها لأهالي البلدة في بيروت وجبل لبنان، لكن هذه السنة تكاد تنتج تلك الكروم 70 طناً من الزيت بسبب تراجع الانتاج، بسبب قلّة الأمطار، الّتي لم تكن كافية لنضوج حبوب الزيتون.

وأشارت سكنة محمود، من عربصاليم، إلى أن المعاصر، المنتشرة في بلدتنا وفي الزرارية وعبّا وجبشيت وفرون، بدأت في تحريك دواليبها لعصر الزيتون، و"نظراً لقلّة الانتاج فاننا نبيع الصفيحة الواحدة من انتاج السنة بـ200 دولار ومن انتاج السنة الماضية بـ100 دولار"، لافتة إلى أن "عملية القطاف مضنية وتحتاج إلى أيدٍ عاملة".

من جانبه، قدر نائب رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان ورئيس جمعية التنمية في النبطية حسن فقيه عدد المساحة المزروعة بالزيتون بـ5 ملايين شجرة، تتركز في حاصبيا ومرجعيون أولاً، ثم في النبطية وبنت جبيل وصور وقانا وفرون والغندورية، مشيراً إلى أن الزيت الجنوبي مطلوب في مناطق لبنانية أخرى، لأنه بعلي ولا يسقى، لافتاً الى مرض الذبابة ومرض عين الطاووس على الأشجار.

وأوضح أنه تم خلال المؤتمر الزراعي، الذي انعقد في حاصبيا، رفع الصوت لأن المطلوب من الدولة عدم السماح للتجار باغراق السوق الوطنيّة بالزيتون والزيت المستورد عند موسم القطاف، لا بل العمل على تأمين أسواق لتصريف الانتاج المحلّي، لافتاً إلى أنه السابق كان الجيش اللبناني يعمل على حلّ الأزمة بشراء الفائض لدى المزارعين.