أطلق رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر ومتربوليت بيروت وجبل ​لبنان​ للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيريللس بسترس سنة التعليم ​المسيح​ي في المدارس الكاثوليكيّة في نطاق أبرشيتيهما.

وذكر المطران بسترس، في عظة له خلال في القدّاس الإلهي الذي احتفل به المطران مطر، أن "حياة الإنسان على هذه الأرض بحث دائم عن السعادة، والسعادة لا يستطيع الإنسان أن يعطيها لنفسه، بل يبحث عنها في أمرٍ ما خارجًا عنه، وخبرة شعب الله في العهد القديم كانت خبرة صراعات ونزاعات دائمة سواء داخل الشعب أم بينه وبين الشعوب الأخرى المجاورة".

ولفت الى ان "وعد الله الشعب بواسطة موسى النبيّ وسائر الأنبياء أنّه سوف يرسل إليهم مسيحًا ينقذهم من مآسيهم ويمنحهم الخلاص، وعاش اليهود طوال أجيال وهم ينتظرون المسيح المخلّص. فتصوّروا الفرح الذي غمر التلاميذ عندما وجدوا المسيح، فراحوا يبشّر بعضهم بعضًا بهذه البشرى السارّة: "إنّ الذي كُتِب عنه في شريعة موسى وفي الأنبياء قد وجدناه"، منوهاً الى ان "الذي انتظرناه طوال أجيال من الشقاء قد وجدناه. هذه البشرى هي عينها البشرى التي أعلنها الملاك للرعاة يوم مولد يسوع "ها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون للشعب كلّه: فاليوم، في مدينة داود، وُلِد لكم مخلّص وهو المسيح الربّ".

وتابع بالقول ان "يسوع، في أمثاله، يتكلّم على الفرح الذي يحصل عليه إنسان وجد ما كان ينتظره، فيقول "يشبه ملكوت السماوات كنزًا دفينًا في حقل، فالإنسان الذي وجده أخفاه، ومن فرحه مضى وباع كلّ ما له واشترى ذلك الحقل، ومثل ملكوت السماوات أيضًا كمثل تاجر يطلب لآلئ كريمة. فلمّا وجد لؤلؤة نفيسة جدًّا مضى فباع كلّ ما يملك واشتراها"، مشيراً الى ان "يسوع المسيح هو نفسه الكنز واللؤلؤة وهو نفسه ملكوت السماوات، وكلّ منّا وجده وراح يبشّر من يلتقيه لقد وجدنا المسيح، مشتهى جميع الأجيال، بمجيء المسيح تحقق حلم يعقوب، فقد أصبحت السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر. فهو الوسيط الوحيد بين الأرض والسماء لكونه في الوقت عينه ابن الله و ابن الإنسان، فلكونه ابن الله هو طريق الله إلينا، "فالله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو أخبرنا عنه"، و"من رآه رأى الآب" ولكونه ابن الإنسان هو طريقنا إلى الله".

كما ذكر بسترس انه "هو الطريق والحق و​الحياة​، ولا يأتي أحد إلى الآب إلاّ به" في شخصه اتّحدت السماء بالأرض واتّحدت الأرض بالسماء، قال يسوع: "حيث يكون كنزكم ، هناك يكون قلبكم أيضًا"، إنّ هدف كلّ تعليم المسيحيّ هو أن نعطي شبيبتنا هذا المسيح، هذا الكنز، هذه اللؤلؤة، ليستطيع كلّ من تلامذتنا أن يقول: "لقد وجدتُ المسيح"، ويروح يبشّر رفاقه بأنّه وجد مشتهى قلبه، هدف كلّ تعليم مسيحيّ هو مساعدة الشبيبة على الامتلاء من فرح اللقاء مع هذا المسيح الذي يوصلهم إلى الاتّحاد بالله غاية كلّ إنسان على هذه الأرض وفي حياة ما بعد الموت، فالمسيح ينتظر كلّ إنسان، هو الذي يقول في سفر الرؤيا: "ها أناذا واقف على الباب، وأقرع، فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه فأتعشّى معه، وهو معي".

كما لفت الى انه "سأل يومًا اليهود يسوع "متى يأتي ملكوت الله؟ فأجابهم إنّ ملكوت الله هو بينكم وفي داخلكم"، يروي القديس أوغسطينُس في اعترافاته الحالة التعيسة التي كان فيها قبل اهتدائه، فيقول: "تأخرتُ كثيرًا في حبّكَ، أيّها الجمال القديم دومًا والجديد دومًا،تأخرتُ كثيرًا في حبّكَ. مع أنّك كنتَ في داخلي وأنا كنتُ خارج نفسي"، ثمّ يُضيف: "لقد كنتَ معي، أمّا أنا فلم أكن معكَ". إنّ حالة الإنسان الذي لم يجد الله الحقيقيّ هي وجوده خارجَ نفسه، وعبثًا يبحث عن السعادة في أمور الدنيا الخارجة عن نفسه.فمع القديس أوغسطينُس نصلّي: لقد خلقتنا لأجلك يا الله، وقلبنا لا يزال في حيرة واضطراب حتى يتّحد بك ويستقرّ فيك، فإنّك أنتَ كنزنا وحياتنا وسعادتنا".

من جهته، شكر شكر المطران مطر المشاركين في ​الصلاة​ على نيّة اطلاق سنة ​التعليم المسيحي​، لافتاً الى "اننا نشكر مع سيدنا المطران ​كيرلس بسترس​ الربّ الذي جمعنا ليرسلنا إلى شعبه، ورفعنا صلاتنا مع سيادته والآباء الأجلاء ومعكم أنتم الذين تحملون رسالة التعليم المسيحي، على نيّة ​السينودس​ المنعقد برئاسة قداسة ​البابا فرنسيس​، ليلهمهم الروح إلى ما يقود الكنيسة إلى شبيبة اليوم وإلى كنيسة الغد".

كما ذكر "اننا رفعنا صلاتنا على نيّة معلمات ومعلمي التعليم المسيحي، ليس فقط في بيروت بل في كلّ لبنان والعالم. وفي نهاية القدّاس نطلب من الله النعمة والقوّة لنكون رسل بشارته ومحبتّه تجاه تلامذتنا في المدارس والرعايا".