رأى الوزير السابق ​شكيب قرطباوي​ أنّه "إذا كانت حقيبة العدل من حصة رئيس الجمهورية، فإنّ ذلك يساعد على ​محاربة الفساد​، ولكن هذه الخطوة وحدها تبقى غير كافية لمحاربة الفساد الّذي يحتاج إلى تغيير نمط عيش متكامل بشكل عام في ​لبنان​، وهذا لا يقتصر فقط على قسم من السياسيّين والنّافذين والموظّفين، لأنّ ​الشعب اللبناني​ تعوّد أيضًا على الفساد عبر سنوات، وصار يعتبره طريقة عيش عادية".

ولفت في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم" إلى أنّ "رغم أنّ رئيس الجمهورية يبقى أساسًا في إطلاق عملية محاربة الفساد، ولكن يتوجّب على جميع اللبنانيين المساهمة في هذا العمل عبر القيام بحملة مُتكاملة، ومن خلال التخلّي عن الفساد كنمط عيش يتبنّاه كثيرون مع الأسف، ولكن دون الغرق في أوهام كثيرة، لأنّ الفساد يُوجد في العالم كلّه، وهو مشكلة عالمية قديمة"، منوّهًا إلى أنّ "ما ينقصنا في هذا الإطار هو المحاسبة. وعندما تصبح موجودة، يخفّ الفساد. وهنا، ​وزارة العدل​ هي جزء من هذه الحرب، ولكن الحرب تبقى أكبر من ذلك بكثير".

وعن صعوبة العمل على محاربة الفساد بسبب عدم توفّر مظلّة مُتكاملة من القوى كلّها للمساعدة على الذهاب في هذا الإتّجاه، ركّز قرطباوي على أنّ "الكلام شيء، والفعل شيء آخر. رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ يُريد محاربة الفساد، وكان يعتبر أنّ إتمام ذلك هو من أهمّ الأمور أو الملفات الّتي يجب أن يُعمَل عليها في لبنان. ولكن لا يستطيع القيام بهذه المهمّة وحده، في ظلّ الظروف السياسية والمذهبية والطائفية الموجودة في البلد، مهما كانت سلطته وشخصيته وشعبيته قوية"، مشيرًا إلى "أنّنا نرى جيّدًا كيف تهبّ فئة طائفية أو سياسية معيّنة للدّفاع عن سياسيّ أو موظّف، عندما يتمّ الحديث عن ضرورة مُحاسبته على ارتكابات يكون قام بها".

وأوضح أنّ "هذه حملة مُتكاملة، الرئيس عون يُريد السّير بها طبعًا، وأن يترك بصمة أن خلال عهده تمّت مُحاربة الفساد، وهذا أمر جيّد، ولكن رئيس الجمهورية يحتاج الى مساعدة، فيما مع الأسف نجد كثيرًا من السياسيين والنافذين يتكلّمون على محاربة الفساد، فيما يغرقون فيه".

وعن الملف الأوّل الّذي يتوجّب وضعه في المرحلة المقبلة على بساط البحث ل​مكافحة الفساد​، ركّز على أنّ "رغم عدم توفّر التعاون السياسي معي عندما كنت وزيرًا للعدل، إلّا أنّ وجودي في الوزارة ساهم في إعطاء الدفع المعنوي للتفتيش القضائي والمجالس التأديبية"، كاشفًا أنّ "خلال مدّة استلامي لحقيبة العدل حصلت أكبر حملة تنظيف داخلي في القضاء منذ عشرات السنوات، أي أن خلال تلك الفترة صَرْف 4 قضاة من الخدمة، فيما أُحيل نحو 20 قاضيًا الى مجالس تأديبية بسبب مخالفات قضائية، وهذا الأمر وفّر جوًّا لتنشيط العمل و"تنظيف الذات"، أي أنّ القضاء الذي يحاسب المواطنين، هو يحاسب نفسه من خلال أجهزته التأديبية".

ونوّه قرطباوي على أنّ "رغم عدم حصول التجاوب الكافي مع عملي وكما يتوجّب، إلّا أنّي تمكّنت حينها من تغيير الكثير، ويا ليتنا تمكنّا من إكمال الحملة تلك. وسيبدأ الرئيس عون العمل على هذا الملف في المرحلة المقبلة، من خلال كلّ ما يُساعد على استقلال القضاء استقلالًا فعليًّا، وعبر كلّ ما يمكّنه من تنظيف نفسه كمقدّمة لتنظيف الأجهزة الأخرى".

وشدّد على أنّ "لتسهيل العمل، يتوجّب حصول التعاون المطلوب في ما بين القضاء و​التفتيش المركزي​ و​ديوان المحاسبة​ و​المجلس التأديبي​، بالإضافة إلى العمل على خطوط متوازية لاستقلال القضاء ومنحه الزّخم اللّازم لتنظيف نفسه بنفسه، ولانطلاق ورشة إصلاح في كلّ الأجهزة القضائية وغير القضائية"، لافتًا إلى أنّ "من المؤكّد أنّ العمل في هذا الإطار ليس "كبس زرار"، ولا يجب الدخول في أوهام أنّنا ننام في ليلة لنجد في الصباح التالي أنّ كلّ شيء أصبح ناجزاً. فهذه حملة طويلة، بعد سنوات من الغرق بالفساد، ولكن لا بدّ من بداية".