شدّد حاكم "مصرف ​لبنان​" ​رياض سلامة​، على أنّ "​​الليرة اللبنانية​​ مستقرة، وسعرها ثابت تجاه الدولار الأميركي وسائر العملات الأجنبية"، مطمئنًا إلى "استقرار الوضع النقدي. "​مصرف لبنان​" محصّن في وجه أيّ طارئ"، شارحًا أنّ "وكالات التصنيف الدولية مثل "ستاندرد أند بورز" و"​موديز​" وغيرهما، أبقت على تصنيف لبنان المالي الإيجابي، وأنّه ليس معرّضًا للتراجع رغم الأحداث الإقليمية الّتي تحيط بهذا الوطن وتداعياتها في الداخل من أزمة معيشية وغيرها".

ولفت في تصريح إلى أنّه "إذا ما نظرنا إلى ما يحيط بنا نجد، وبحسب "​صندوق النقد الدولي"​، أنّ منطقة ​الشرق الأوسط​ و​شمال إفريقيا​ حقّقت نموًّا بلغ نحو 2 بالمئة، ​الكويت​ 1,2 بالمئة، ​الإمارات​ 1,7 بالمئة، فيما الفوائد في هذه البلدان منخفضة لكنّها لم تحقّق نموًّا يُذكر في إقتصاداتها".

وحول ​أسعار الفوائد​، نوّه سلامة إلى أنّ "الحاكميّة اتّخذت قرارات مهمّة تتعلّق بالمحافظة على الإقتصاد الوطني، وتحاول أن تستقطب الأموال لمصلحة لبنان وقطاعه المصرفي، لذا تتّجه نحو ​سياسة​ الفوائد الواقعية، علمًا أنّ هذه الفوائد المرتفعة راهنًا في لبنان لا تزال نسبيًّا أقلّ من مصر و​تركيا"​.

وبيّن أنّ "الفوائد المرتفعة راهناً في لبنان تؤدّي إلى كلفة أخف على الإقتصاد، بإعتبار أنّ هدفنا الأساس يكمن في عدم تهريب الأموال إلى الخارج. فاقتصاد لبنان "مدولر"، ونحن محكومون بالسياسة النقدية الّتي ترفع الفوائد بغية استقطاب الأموال. ليست لدينا صادرات قوية ونحتاج إلى سنوات بغية تفعيلها"، مركّزًا على أنّ "ثمّة جزءًا من الحملات الّتي تعرّض لها "مصرف لبنان" المركزي هدفه تخويف الناس كي تترك الليرة وتذهب إلى الدولار"، مشدِّدًا على أنّ "الليرة اللبنانية ثابتة وأساسية للإستقرار الإجتماعي. وعلينا في "مصرف لبنان" أن نُبقي السيولة بالعملات الأجنبية مرتفعة في لبنان".

وأوضح سلامة أنّ "الفوائد في لبنان هي بالفعل بين 9 ونصف في المئة و11 في المئة، ولاحظنا تراجعًا مهمًّا في كلفة التأمين على المخاطر في لبنان، وبعدما كانت 8.3 في المئة تراجعت إلى أقل من 7 في المئة. وشهدنا شراءً لهذه السندات من جهات أو مؤسسات وصناديق أجنبية ويتوقف ذلك في المستقبل على ​تشكيل الحكومة​ وبرنامجها".

كما كشف أنّ "​القطاع المصرفي​ في لبنان سلّف ​القطاع الخاص​ نحو 60 مليار دولار، فيما حجم هذا القطاع لا يتجاوز 52 مليار دولار، والمصارف في هذه الحال لا تستطيع أن تقوم بمزيد من التسليفات لهذا القطاع باعتبار أنّ النموّ لم يتحقّق حتّى تاريخه"، مشيرًا إلى أنّ "ما تستطيع المصارف أن تفعله راهنًا هو أن تسير في تنفيذ مقرّرات مؤتمر "سيدر" كي يتحقّق النموّ في ​الإقتصاد اللبناني​، علمًا أنّ خرائط تطبيق "سيدر" تحتاج إلى سنة في حال تقرّر المضيّ بمجرياته، لكن تبقى الأمور مرهونةً في لبنان في ظلّ الخلافات السياسية الراهنة التي يتولّد منها عدم تأليف الحكومة، وغياب الرؤية وعدم إقرار الموازنة العامة وغيرها".

وأكّد أنّ "​البنك المركزي​ مستمرّ في دعم ​الاقتصاد​ عمومًا والإسكان خصوصًا، لافتًا إلى أنّ "القروض الإنتاجية مستمرّة. وبالنسبة للقروض السكنية، سيحدّد "مصرف لبنان" رزماً تحفيزية جديدة للقروض السكنية في عام 2019 على أن يحدّد المجلس المركزي القيمة في وقت لاحق". وركّز على أنّ "المصرف ليس معنيًّا بالسياسة​ الإسكانية في لبنان، وعودة العمل بالقروض الإسكانية رهن بقرار وزير المال".

وفي موضوع التعميم الّذي أصدره "​مصرف لبنان​" أخيرًا والّذي يمنع بموجبه المصارف من أن تزيد صافي تسليفاتها إلى القطاع الخاص بالليرة اللبنانية، عن 25 بالمئة من مجموع الودائع لديها بالليرة، فسّر أنّ "التعاميم هي للحفاظ على الإستقرار النقدي وهي غير قابلة للتعديل".

كما جزم سلامة أنّ " أنّ اقتصاد المعرفة الرقمية قطاع أساسي إذا أراد لبنان أن يتمتّع بالقدرة التنافسية في اقتصاده. القطاع الرقمي مفيد ومهمّ للسياحة والصناعة والزراعة والقطاع المصرفي"، مؤكّدًا أنّ ""مصرف لبنان" مستمرّ في دعم الشركات الناشئة الّتي تُعتبر من المبادرات الّتي تبقي اللبناني في بلده"، معلنًا "أنّنا وضعنا في التعميم 331 كفالة للمصرف المستثمر بقيمة 75 في المئة من قيمة استثماره و50 في المئة من الربح يعود إلى "مصرف لبنان"".

ولفت إلى أنّ ""مصرف لبنان" أصدر تعميمًا منذ سنوات أمّن لاقتصاد​ المعرفة، إستثمارات ضخمة​"، منوّهًا إلى أنّ "بفضل التعميم، شهد لبنان تزايدًا في عدد وقيمة الإستثمارات في الشركات الناشئة، وبات يحتلّ المرتبة الثانية في مؤشر الإقبال على ريادة الأعمال، وأدّى إلى التطوّر والنموّ السريعين في بيئة ريادة الأعمال في لبنان"، موضحًا أنّ "اقتصاد المعرفة يمثّل اليوم 1.5 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي".

وأفاد بأنّ ""مصرف لبنان" يستعدّ لإطلاق العملة الرقمية الّتي تؤدّي إلى تطوّر مهمّ في الإقتصاد الرقمي، لكنّنا في حاجة الى القوانين والمراسيم من مجلس النواب"، مركّزا على أنّ "رغم كلّ الجهود المبذولة، هناك تحدّيات أمامنا، فحوالى 65 بالمئة من الشركات تعتقد أنّ النظام التعليمي لا يزوّد ​الطلاب​ بالمهارات المطلوبة، ومعالجة هذا الموضوع يتطلّب جهداً من ​الحكومة​".

وشدّد سلامة على أنّ "علينا أن ننمّي إقتصادنا، ومستقبل لبنان الإقتصادي يرتكز على قطاع المال و​النفط​ واقتصاد المعرفة"، كاشفًا أنّ "النموّ في لبنان عام 2018 سيكون بمعدل 2 في المئة. طموحنا أن يكون النموّ في لبنان أكثر من 2 في المئة لكنه ليس كذلك لأنّ هناك عجزاً كما أنّ أوضاع المنطقة لا تساهم في ذلك".