حتى الساعة لا يبدو أن هناك مخرج واضح للأزمة الحكومية التي تجددت الأسبوع الماضي مع اعلان ​حزب الله​ تمسكه بتوزير أحد حلفائه ​السنة​. فالاتصالات المباشرة لا تزال مقطوعة بين قصر بعبدا وحارة حريك، كما أن رئيس الحكومة المكلّف فضّل أن يغيب عن النظر والسمع في الأيام الماضية تبعا لنصيحة تلقاها لإعادة تقييم الوضع برمته من بعيد.

وتشير المعطيات الى ان المسعى الذي كان يبذله النائب اللواء جميل السيد لحل "العقدة السنية" نظرا لعلاقته الممتازة ب​الرئيس ميشال عون​ من جهة وقيادة حزب الله من جهة أخرى كما بـ"النواب السنّة المستقلّين"، لم يصل الى خواتيم سعيدة، فيما يواصل المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ مسعاه لكنه حتى الساعة لم ينجح بتحقيق أيّ خرق يُذكر في جدار الأزمة.

وتتجه الأنظار الى إطلالة الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​ يوم السبت المقبل في "يوم الشهيد". وتعوّل مصادر "الثنائي الشيعي" على أن يسبق هذه الاطلالة خرقا ما، ليعلن بذلك نصرالله عن حلٍّ ما تبلور، فتولد الحكومة الأسبوع المقبل. وتقول المصادر: "الحزب متمسّك بالوعد الذي قطعه لحلفائه السنّة الذين وقفوا معه طوال الاعوام الـ20 الماضية وتحمّلوا معه ما لا يُحتمل، حتى النهاية، ولو أدّى ذلك لاستمرار الفراغ الحكومي أشهرا اضافية، أولم يتمسك بالوعد الذي قطعه للعماد عون سنتين ونصف"؟. لافتة الى أن "الخرق الذي قد يتحقّق مرتبط بقرار النواب السنّة أنفسهم بالتراجع عن مطلبهم، وقد يتمّ ذلك في حال نجح عون والحريري بتطييب خاطرهم بطريقة ما، وان كان من حيث الشكل". وقالت المصادر: "أما الاصرار على التصوير وكأن الطابة في ملعب حزب الله، فيعقّد الأمور أكثر مما هي معقّدة ويُقفل أي مخرج قد يكون لا يزال متاحا، لذلك المطلوب التعاطي بالكثير من الحكمة والرويّة مع المرحلة وإلاّ سقط الهيكل على رؤوسنا جميعا".

ويبدو أن فريق الرئيس عون تلقّف عدم رغبة حزب الله بفتح أيّ سجال من أيّ نوع كان حرصا على التحالف المتين المستمرّ منذ العام 2006، فعمد الى التعميم على النواب والقياديين العونيين تفادي أيّ تصريحات أو مواقف من شأنها أن تبدو كأنّها موجّهة مباشرة باتجاه حزب الله. كما أن تيار "المستقبل" عاد للالتزام بحدّ أدنى من التهدئة حرصًا على عدم نسف أيّ إمكانية لا تزال متاحة لحلّ الأزمة.

وتشير مصادر معنيّة في عمليّة ​تشكيل الحكومة​ الى أن "الخفّة في تقييم الوضع من قبل كل الفرقاء دون استثناء، هي التي أوصلتنا الى ما نحن فيه الآن". وأضافت: "الكل تفاجأ بما آلت اليه الأمور. فالرئيس عون وفريقه السياسي استغربا حدّة موقف الحزب وتمسّكه به، كما أن الأخير تفاجأ بخروج الرئيس عون عبر الاعلام ليعلن موقفه الرافض لتوزير ممثل عن سنّة المعارضة من منطلق انه لم يسمع منه موقفا مماثلا من قبل. كما أن المفاجأة طرقت باب الحريري الذي لم يعتقد حتى أن هناك فعليًّا ما يسمى "عقدة سنيّة"، لذلك سعى الى تجاهلها طوال الفترة الماضية، الى أن انفجرت في وجهه مؤخرا".

اذا هو عنصر المفاجأة الّذي باغت الجميع ما استدعى تصعيدا بالمواقف ما لبث أن تم استيعابه في الساعات الماضية. فهل تؤسس التهدئة القائمة حاليا لانطلاق مسعى بشكل جدي لحلّ الأزمة فتولد الحكومة الأسبوع المقبل بعد تجاوز تاريخ الرابع من تشرين الثاني، موعد انطلاق تطبيق الرزمة الثانية من العقوبات الأميركية على ايران؟.