شّكلت عودة رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ من باريس وإدلاؤه ما في جعبته من ردود سياسيّة على موقف أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​، وجولات رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​ المكوكيّة، الخبرين الوحيدين المتعلقين بالملف الحكومي خلال الأسبوع الأخير الذي يسبق عيد الاستقلال في 22 الجاري. ومن ضمن ما جاء بخطاب الحريري إعلانه للمرة الاولى أنه "أب السنّة في ​لبنان​ ويعرف أين مصلحتهم". فكيف يرى خصومه من الطائفة السنية هذه الأبوة؟.

لم يستفز خطاب الحريري نواب "اللقاء التشاوري"، فالشكل ليس مهماً والأهم هو المضمون، "فمن الطبيعي أن تكون النبرة مرتفعة لاستنهاض القواعد الشعبيّة، ولكنه أبقى أبواب الحلول مفتوحة"، تقول مصادر سنّية في قوى الثامن من آذار.

اما بالنسبة لاعتبار الحريري نفسه أب السنة، فهذا الكلام من وجهة نظر عضو اللقاء ​قاسم هاشم​ يُقال في "إطار السياسة، ومن منطلق أن رئيس الحكومة المكلف يمثّل الأكثرية السنية في المجلس النيابي، ويريد أن يقول من خلال هذه العبارة أنه صاحب القرار الأساسي". ولكن، هاشم يضيف في حديث لـ"النشرة": "نحن نعتبر أن هناك تكاملا بين كل المكونات، وليس هناك احادية لدى أي مكوّن".

ويشير هاشم الى اننا "حتى ولو اخذنا بهذا التوصيف فالأب أيّا يكن موقعه عليه ان يكون عادلا بين ابنائه ويوزع بعدالة، فهل ما يقوم به الحريري اليوم يستقيم مع التوصيف"؟. لا يعتبر هاشم أن كلام الحريري يجب أن يبقى في إطار الكلام فقط، بل يجب ترجمته عبر حل العقدة التي تعيق تشكيل الحكومة، ويقدم لنواب اللقاء التشاوري حقهم العادل بالتمثّل، وأي انتقاص من حقه فسيمثل "اللاعدالة".

وجهتا نظر بشأن كلام الحريري تسيطران على "سنّة" فريق ​8 آذار​، الاولى تقول بحسب المصادر "أن لا يمكنه الادّعاء أنه الأب للطائفة السنية، لأن الأب من المفترض أن يحتضن جميع أبنائه، وبالتالي لا يساهم في عزل أو إقصاء أحدهم على حساب الآخر، كما يفعل رئيس الحكومة المكلف".

وتشدد على أن تمثيل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لا يعني أن الحريري خرج من دائرة الإحتكار، مع وجود فريق آخر داخل الطائفة يمثله المستقلّون من النوّاب من المفترض أن يتمثّل أيضاً، لا سيما أن المطروح هو تشكيل حكومة وحدة وطنية. من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن أن يكون حلّ هذه المعضلة على حساب "اللقاء التشاوري"، الذي يصر على ضرورة تمثيله في الحكومة المقبلة، وبالتالي لا يمكن المجادلة في هذا الموضوع.

وجهة النظر الثانية تقول، بحسب المصادر نفسها، أن الحريري، الذي يدّعي الخوف على مصلحة "السنّة" في لبنان وحماية هذه المصلحة، لا يستطيع حماية مصلحته الخاصة، اذ نراه يتخبّط مالياً بسبب سوء إدارته لأعماله، وسياسياً بسبب سيطرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عليه، فكيف يحمي مصالح "السنّة" في لبنان؟.

أعاد وزير الخارجية في حكومة تص يف الأعمال جبران باسيل استعمال العبارة نفسها من دار الفتوى، وأرفقها بتوصيف أدقّ عندما قال: "اذا كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أب السنة السياسي فالمفتي دريان أب السنة الروحي ومن واجبنا ان نجمع الكل وعدم ترك أي ثغرة يدخل منها المتربصون بالبلد". تتوقف المصادر عند هذا الكلام، وتؤكد انفتاحها على الحلول، داعية المفتي دريان إلى احتضان أبناء الطائفة دون تمييز.

تلقّى الحريري بعد انتهاء الانتخابات النيابية الاخيرة نصائح عديدة تحثّه على لعب دور "الأب" الحقيقي الذي يجمع إبناءه تحت جناحه، ولكن قيل انّه لم يستجب يومها، فهل تتبدّل الأمور اليوم فيطبق الحريري دور "الوالد" قولا وفعلا؟.