لفت العميد الركن المتقاعد ​جورج نادر​ إلى أنّ "ما يحصل على خلفية "درع ​الشمال​" يدخل في خانة الترهيب وجسّ النبض. فإسرائيل تعتبر أنّ "​حزب الله​" عدوها، وترى أنّه يُعاني من أزمة ومشكلة كبيرة في الداخل ال​لبنان​ي إذ لا أحد يحضنه، فيما لا دولة في المنطقة العربية تستفضي للبنان تمامًا"، منوّهًا إلى أنّ "إسرائيل تستغلّ ذلك عبر عملية جسّ نبض لكي تتبيّن مدى تعاطي "حزب الله" و​الجيش اللبناني​ و​الدولة اللبنانية​ كلّها مع تهديداتها وهي تتصرّف على هذا الأساس".

وشدّد في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم" على أنّ "المؤكّد أنّ نيّة الإسرائيليين ليست صافية، وما صدر عن ​الجيش الإسرائيلي​ حول أنّ ال​إيران​يين أصبحوا في لبنان وليس في ​سوريا​، ربّما يكون مقدّمة لحرب عسكرية قد تحصل في المدى القريب، ولكن ذلك يبقى غير مؤكّد تمامًا، انطلاقًا من تساؤلات عدّة تتعلّق بمدى قدرة إسرائيل على تحمّل تكلفة الحرب، وهل إذا كان من مصلحتها أن تقوم بها".

وأوضح نادر أنّ "إسرائيل ليست مأزومة على المستوى الشعبي، وهي لا تزال تسيطر على ​قطاع غزة​ رغم المشاكل هناك، فيما وضعها الدبلوماسي والسياسي يُعتبر جيّدًا، ومعظم ​الدول العربية​ تتّجه الى إقامة علاقات معها. كما أنّ علاقاتها الدولية والأوروبية والأميركية خصوصاً ممتازة جدًّا"، متسائلًا "هل باستطاعة إسرائيل أن تتحمّل تكلفة حرب على لبنان حاليًّا؟".

وركّز على أنّه "إذا كان باستطاعتها، لأنّها ستُقيم حساباتها على أساس عدم تحريك قواتها البرية أبدًا، بل ستعتمد فقط على المدفعية وعلى سلاح الجو، وعلى علو مرتفع جدًّا، وهكذا تدمّر البنية التحتية اللبنانية. وهنا، ستظلّ إسرائيل أيضًا تُقيم حسابات انطلاقًا من أنّ "حزب الله" امتلك أسلحة تدميرية وهو قد يكون يمتلك أسلحة مضادة للطائرات على مسافات عالية، من إيران".

وأفاد بأنّ "إسرائيل تعتبر أنّ "الحزب" قد يكون امتلك هذه الأسلحة خلال ​الحرب السورية​. كما أنّها تعرف أيضًا أنّ "حزب الله" لديه مجالًا للصواريخ بعيدة المدى الّتي لديها قدرة تدميرية كبيرة، وستأخذ كلّ ذلك في الاعتبار، لأنّها ستحسب الخسائر البشرية والمادية ومدى تجاوب المجتمع الإسرائيلي مع الحرب، لأنّه إن لم يتوفّر المردود المُنتظر من الحرب خلال الأيام والساعات الأولى بعد اندلاعها، فإنّ المجتمع الإسرائيلي "بينضرب"".

وكشف نادر "أنّني أشكّ في أن تقدم إسرائيل على حرب عسكرية، وما تفعله حاليًّا هو للتهويل. فعلى جانبَي الحدود، تبدو الحالة طبيعية إجمالًا، فضلًا عن أنّ الجيش الإسرائيلي ليس في حالة استنفار، كما أنّه لم يتمّ استدعاء وحدات احتياط إسرائيلية، وكلّ ما يحصل يبقى في إطار التهويل وجسّ نبض الخصم".

وعن إمكانية أن تكون إسرائيل اعتمدت هذه الطريقة من الحرب بناء على تحذيرات أميركية أو غربية منعًا لدهورة الوضع داخليًّا في لبنان وسيطرة "حزب الله" على القرار السياسي كلياً، أوضح أنّه "ليس خفيًّا على أحد دور "حزب الله" في القرار السياسي اللبناني. والتوافق الدولي العام حول لبنان يتعلّق بضبط الأوضاع فيه وعدم انفلاتها، لكن الحرب الإسرائيلية، بحدّ ذاتها، لا تتسبّب بفلتان في الأوضاع، بل إنها توحد الشعور اللبناني انطلاقاً من العداء تجاه إسرائيل".

وأشار إلى أنّ "للأسف، إذا قام "حزب الله" هو بالمبادرة في أي معركة، أشكّ في أن تبقى له الحاضنة ذاتها الّتي حصل عليها في ​حرب تموز​ عام 2006، فالانقسام السياسي عميق جدًّا مذهبيًّا ودينيًّا وسياسيًّا مع الأسف، وهو ما يصعّب أن يكون للـ"الحزب" الحاضنة ذاتها، ولذلك فإنّ هذا قد يدفع "حزب الله" إلى عدم المبادرة لأي حرب".

وحول ما إذا كانت إسرائيل أوقفت عملها العسكري في غزة واختارت مسارًا غير عسكري حاليًّا تجاه لبنان، انطلاقًا من تقاربها مع بعض الدول العربية، رأى نادر أنّ "الأنظمة العربية "مش قاريتنا" أصلًا، وهي تتعاون مع إسرائيل على أساس مذهبي ينطلق من عدائها لإيران، كما أنّ هذه الأنظمة تعتبر أنّ الحرب على لبنان هي ضدّ الشيعة، للأسف. وبذلك، لن تنتفض الأنظمة العربية الّتي تنفتح على إسرائيل إذا شنّت الأخيرة حربًا على لبنان، وقد تلجأ إلى الإمساك فقط بالملف الفلسطيني أكثر".